لم يكن غريباً ان تتصاعد في الساعات الاخيرة التداعيات السياسية الحادة لحادث قبرشمون بعد شهر واسبوع تقريباً من حصوله في ظل تشظي التفاعلات السياسية والقضائية المتضخمة لهذا الحادث بما ينذر بازمة لا أفق واضحاً لسقفها ما دامت كل محاولات الفصل بين تداعيات الحادث والواقع الحكومي المعطل قد باءت بالفشل حتى الآن. ولعل الحديث الذي نشرته “النهار” امس لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون دفع الواقع الناشئ عن هذا الحادث الى زاوية أشد تعقيداً وسخونة في ظل اعلانه مواقف زادت التوتر المتصاعد بقوة بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي الذي ستكون له اليوم محطة أساسية بارزة في توضيح موقفه القانوني من مجريات التحقيقات والاجراءات الجارية في القضاء العسكري من جهة والجانب السياسي المتصل بمجمل هذه القضية والافرقاء المعنيين بها من جهة أخرى.
ولعل أبرز المؤشرات لتصاعد الازمة في البلاد ظهرت بوضوح أمس في كلام لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يخف قلقه المتصاعد على مجمل الوضع الداخلي، الامر الذي أثار مخاوف جدية وتساؤلات عن مصير كل المبادرات والوساطات التي بذلت وكانت آخرها للرئيس بري نفسه ولم تؤد الى اختراق جدران الازمة. وقد أكد بري “ان لا إستثمار ولا نهوض بالصناعة أو الزراعة أو السياحة أو الإقتصاد من دون الإستقرار السياسي والأمني”، ملاحظاً ان “الإستمرار بالوضع القائم حالياً يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وأبواب الدول المانحة مستجدياً القروض والهبات”. وأضاف: “نمر بفترة خطيرة جداً نأمل ان نتجاوزها قريباً جداً”. وجاءت مواقف الرئيس بري لدى ترؤسه أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حواراً لدعم الصناعة اللبنانية في إطار الحملة التي أطلقتها “النهار” بالتعاون مع وزير الصناعة وائل ابو فاعور.
في غضون ذلك، أفادت مصادر رسمية مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان لا جلسة لمجلس الوزراء قريباً و”الكلمة اليوم هي للقضاء وبعد صدور نتائج التحقيقات يتقرر ما اذا كانت قضية قبرشمون ستحال على المجلس العدلي او على القضاء العادي”.
ورأت المصادر ان رئيس الجمهورية “لا يتعدى على صلاحيات رئيس الحكومة، والمادة ٥٣ من الدستور واضحة في الفقرة ١٢، بأن رئيس الجمهورية يستطيع دعوة مجلس الوزراء للانعقاد بالاتفاق مع رئيس الحكومة”.
وقالت إنه بعدما حاول الرئيس عون معالجة تداعيات حادث قبرشمون من خلال العمل على خطوط ثلاثة :امن وقضاء وسياسة، كانت نتيجة هذه المحاولات ترك هذه القضية للقضاء ليقول كلمته وعندها يكون لكل حادث حديث.
وأوضحت المصادر “ان الرئيس عون كان يريد دائماً المصالحة وهي كانت بنداً أساسياً “من بنود المبادرة. ولكن اليوم اقفلت كل الفرص والمجالات”، مشيرة الى ان مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط “تبدلت بعد لقائه مجموعة سفراء الدول الكبرى”.
وخلصت الى أن رئيس الجمهورية، “بعد استنفاد كل الاوراق السياسية وبعدما وافق على الطلبات، يرى اليوم وجوب ان يأخذ القضاء مجراه مع الإشارة الى ان قاضي التحقيق مارسيل باسيل أصدر مذكرات توقيف بحق اربعة مشتبه فيهم”.