لفت رئيس الجمهورية ميشال عون الى أنه “هنا في مدرسة الوطنية، حيث تنصهر القلوب بالمبادئ والعزم والإرادة، نقف أمام دفعة من شباب قرروا سلوك الدرب الصعب في حياتهم العملية، والدرب صعب لأنها ليست مهنة كسائر المهن، فالجندية حياة وطريقة عيش، وهي الوحيدة التي ترتبط تسميتها الوظيفية بالحياة، فيقال الحياة العسكرية”.
وقال خلال احتفال عيد الجيش الرابع والسبعين في ثكنة شكري غانم في الفياضية: “أيها الضباط الخريجون، إنّ اختياركم الحياة العسكرية، إن دلّ على شيء فعلى شجاعة وإقدام وروح معطاءة ووطنية صافية. وفي إحيائكم “اليوبيل الماسي للاستقلال” واختياره عنواناً لدورتكم تؤكدون التزامكم صون الوطن والدفاع عن استقلاله وسيادته مهما غلت التضحيات”، متابعاً بالقول: “مع رفع يمينكم وتلاوة قسمكم ستبدأون مسيرة حياة فيها الكثير من التعب والتضحيات وفيها أيضاً الامتحان الحقيقي لتلك الميّزات، فإن نجحتم ستربحون راحة الضمير النقي والحر، ومن تجربتي أقول لكم إنه الربح الأثمن، فاسعوا لتحصلوا عليه”.
واضاف: “لقد أثبت جيشنا الوطني أنه فوق المصالح والتجاذبات، وأنه ضمانة الوطن. وهو قد حقق خلال السنتين الماضيتين إنجازات يُشهد له بها، فحرّر جرودنا من الإرهابيين، وتمكن هو وسائر القوى الأمنية، من القضاء على معظم خلاياهم النائمة وشلِّ حركتهم، محققين للبنان أمناً ثميناً تسعى اليه جميع الدول”، مشيراً الى أن “إنجازات جيشنا الوطني تتطلّب كل الوعي والحكمة للمحافظة عليها، وهي تستكمل بإبقاء العين ساهرة على حدودنا الجنوبية، مع وجود عدو يتربص بنا وينتهك باستمرار القرارات والمواثيق الدولية وخصوصاً القرار 1701…. كما وتُدعّم أيضاً بتثبيت الأمن والاستقرار في الداخل”.
وشدد على أن “الأمن خط أحمر ولا تهاون مع أي محاولة للتلاعب به، فشعبنا يستحق أن يعيش بأمان ويمارس كافة حقوقه بحرية ومن دون خوف في أي منطقة كان من لبنان”، مضيفاً “الأمن هو الركيزة الأساس لأي ازدهار وأي نهضة، فلا اقتصاد يقوم في بلد أمنه مهتز”.
وقال: “نحن يا رفاق السلاح، لسنا أبناء مهنة أو وظيفة، وإن كنا نعيش من راتب ونتكئ على تقديمات ممنوحة لنا وهي حقنا، ولكننا في أساسنا وجوهرنا أبناء قسم وأبناء الشرف والتضحية والوفاء، وقد أقسمنا يمين القيام بالواجب كاملاً للذود عن الوطن وحمايته”.
ولفت الى أن “الأخطار التي يتعرض لها الوطن ليست بالضرورة عسكرية فقط… فالأخطار الاقتصادية أشد قساوة وأشد فتكاً، وهي أخطر ما يعاني منه لبنان اليوم، وتطال الجميع. فهل ننكفئ أمامها؟ هل نتركه لمصيره؟ هل نرفض تضحية بسيطة ببعض المكتسبات ونحن الذين لم نبخل بها بالدم وبالحياة”؟
واوضح ان “لبنان يمرّ بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية قاسية، بعض أسبابها فرضته حروب المنطقة والوضع الاقتصادي العالمي، وبعضها الآخر نتيجة سنوات وسنوات من تراكم الأخطاء، ولكننا قادرون على تجاوزها وإنقاذ الوطن من براثنها إذا عقدنا العزم على ذلك”.
ورأى الرئيس عون ان “التضحية المرحلية مطلوبة من كل اللبنانيين بدون استثناء، لتنجح عملية الانقاذ… وإن لم نُضحِّ اليوم جميعاً ونرضى بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلّها، حين يصبح وطننا على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة وما يمكن أن تفرضه علينا من خطط اقتصادية ومالية قاسية”.
وأكد الرئيس عون أنه “في الأزمات يظهر معدن الشعوب، وكلي ثقة بصفاء معدن شعب لبنان العظيم، وبقدرته على مواجهة الواقع بعزم وصلابة، والنهوض من الكبوات، موضحاً أنه “لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي، وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبتها اتفاق الطائف”.
واشار الى ان “اتفاق الطائف الذي التزمتُ بتطبيقه في خطاب القسم، والتزمَت به الحكومة كذلك في بيانها الوزاري، يشكل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي لأي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته”.
وتوجّه الى العسكريين بالقول: “كونوا أكيدين، انني من موقعي ووفقاً لمسؤولياتي، سأسهر على الدوام لتبقى حقوقكم مصانة وكراماتكم محفوظة، كما تحفظون كرامة الوطن بتضحياتكم”.