الحكومة تُصيّف في "البساتين"
2019-07-31 00:11:04
- عبدالله قمح رفَعَ اللواء عبّاس إبراهيم العشرة ولو قدّرَ له لرفعَ العشرين وأكثر، ولو كانت طبائع الاشتباك داخلة في عمق تكوين جيناته، لكان ربّما توجّه إلى المعنيين بالقول "حلّوا عنّي" فجّة، بعدما بلغَ عنده "القرف" من الحالة السائدة موضعاً!بعثت جولات "الزجل" السياسي عبر المنابر ومن خلال الجلسات مختلفة المواقع، أجواءاً لا توحي أن ثمّة من يريد حلّاً يؤدّي إلى تفكيك "ألغام" الأزمة الراهنة، وما زادَ من "رُقعة السواد" أن الازمة آخذة بالتفشّي و الإنفلاش إلى حدود استيلاد أزمة جديدة من رحم "كمين البساتين" تحمل صفة "أزمة إنعقاد الحكومة"، خاصة بعدما تبيّن بحكم المعلومات بأن الأزمة الناشئة والتي تتشكّل غيومها الآن، قد تكون أعمق!زِد على ذلك، أن عوامل الرّفض تقف خلفها مساعٍ تأخذ أشكال الثأر من خلفيات عشائرية، أو هي أقرب إلى نوايا لـ"تكسير رؤوس" لا تستسيغها الحالة اللبنانية. مع اشتداد الهزّات الارتدادية المُنبعثة من الأركان وتبلّغ من يعنيهم الأمر طلبَ المير طلال أرسلان "وقف سفارات الصلح" وتكفّل نظرائه ضربَ الحلول وقسمتها ما جعل الأمور تقف على فوالق زلزالية، وضعَ اللواء إبراهيم المساعي أوزارها ومضى إلى ربه يشكو الحال ثمّ شدَّ رحالهُ صوب مضارب إمارة قطر غير آسفٍ، تاركاً خلفهُ رسالةً تحت عنوان "إني راحلٌ".قد لا يعني ذلك أن عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام، قد توقّفَ عن لعب دور المُصلح الإجتماعي لجموع النُخب السياسية المتقاتلة، بل قد يكون يسعى إلى توجيه رسالة إليهم، بالغة الدلالات، من أن شِباك الانقاذ المتمثلة به، قد لا تعود تصلح للعمل في حال بقيت الأمواج العاتية على شدتها تضرب المراسي، وبالتالي لا بُدَّ من خرقٍ لا يزال غير مرصود!ثُلّة من موزّعي "طيور الحب" وكلاء إنتاج "الروائح العطرة"، أرادوا جعلَ غياب إبراهيم باباً يرفع من قيمة الايجابيات ولا يخفّضها، فركنوا إلى تسويق أفكاراً تقوم على التماس وجود مسعاً قطرياً يهدفُ للمساهمة في حل الأزمة اللبنانية المُستفحلة، وقد استعانَ المروجون بـ"أيادي قطر البيضاء في أزمات مماثلة".وحتى ينجلي "فجر قطر" ويُصبح التفريق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود مُمكناً، ينتظر الجميع جلاء الغيوم على ضفّة النهر، في وقتٍ فَهمَ "قارعوا طبول الحرب" الرّسالة جيّداً، إذ لم يَعد في الميدان ساعياً نحو الحل. وبشهادة مواكبين لخطوطِ الحل، عادت الأمور إلى مسار التأزيم بعدما لجأ ضابط الايقاع إلى الدوحة في شبه اعتكاف معلن، تاركاً أصحاب الرؤوس الحامية يتخبّطون فيما بينهم.سريعاً إنعكسَ غياب اللواء إبراهيم بشكلٍ واضح على المضمار. مصادر المعلومات تؤكّد "خروج الحلول من دوائرها أمس، إذ لم يُرصد لغاية بعد الظهر أي نشاط ذات فاعلية تُذكر في شأن صب الحلول على الأزمات، وطوال نهار أمس إكتفى الساسة في عقد جلسات عمل قلّبت بين أيديهم سلة من اقتراحات حلول "عبّاسيّة" قديمة "فرّخت" مجدداً في "المزهريات" في أمر يبعث على القلق من انتفاء القدرات الإصلاحية، أو اللوذ نحو إجراء جردات للمواقف والخطابات الحالية.على كل ذلك تُصبح الحكومة في مهب الريح. الحديث الدائر الآن يصب حول عدم وجود إحتمالات لاجتماع الحكومة خلال الشهر المقبل نظراً لدهم سلسلة عطل رسميّة ذات طابع ديني ودخول العطل السياسية مدار التنفيذ، ما سيجعل من إنعقاد الحكومة صعباً ويقذفها إلى ما بعد عيد الأضحى! وفي هذا الوقت المستقطع، تسعى دوائرٌ إلى "نبش" إيجابيات غير معلومة المصدر، تتحدّث عن أن فترة الفراغ الحالية قد تُترجم لاحقاً بأفكار قد يأت اللواء إبراهيم على تسويقها حين عودته، لكن ذلك لم يجد أي دليل يرتكز إليه سوى إشارات صادرة عن مجالس سياسية، يكفي تحليل ذبذباتها حتى يسهل معرفة مرادها من وراء التسريب. في المعلومات الحالية، أن رئيس الحكومة يسعى إلى تأمين الحصول على ضمانات من الافرقاء السياسيين بُغية عدم السماح بتفجير الحكومة من الداخل ويصر عليها، لكن أيّاً من المُقترح عليهم الأمر وجدَ قدرةً على منح ضمانات "من طرف واحد"، زِد على ذلك، أن اوساطاً رصدت تبدّلات دخلت مؤخّراً على صعيد موقف الحريري وملاحظة ليونة بما خصّ فكرة التصويت داخل الحكومة على ملف الإحالة على المجلس العدلي.وفي تقدير الأوساط، أن التبدّل نابعٌ من نتائج "بوانتاج" التصويت الذي انقسمَ مناصفةً بين جميع الافرقاء، وفي حال تأمين ترجمته وفق المقادير والمخارج اللبنانية، قد تنتهي محاولات طرحه عند نقطة سقوطه مناصفةً ما يعني تفريغاً للازمة، وهو ما دفع بأكثر من جهة سياسية إلى إنتظار "اختمار" موقف الحريري ونتائج عملية تحليل أسباب موقفه الجديد والمستجدات التي حتمته كي يبنى على الشيء مقتضاه.في الخلاصة أن اللواء إبراهيم لاذ إلى قطر معتكفاً إلى فترة لا يعلم أحد إلى أي مدى ستطول. المستوى السياسي أثبت عقماً في إنتاج أي حل، بل ظهر كسوق إستهلاك اقتراحات سابقة قدمها إبراهيم. الجميع ينتظر مرحلة التصعيد التالية بعدما رشحت في الساعات الماضية بوادر أزمات تكبر، تتصل بإحتمالات توسع دائرة الاعتكاف إلى أكثر من مجلس، وبين كل ذلك هناك من يراهن على "ليلة قدر".
وكالات