عادل نخلة
منذ إبرام التسوية الرئاسية، وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016، لم يخرج الصدام بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” إلى العلن مثل يومنا هذا.
لا شكّ أن معظم القوى السياسية الكبرى والأساسية تعيش تحت خيمة التسوية الرئاسية حتى لو ظهرت خلافاتهم إلى العلن، لكن الجميع بات محكوماً بالعودة إلى روحية التسوية، وهذا ما تؤكّده مصادر تكتل “لبنان القوي” لموقعنا، وتعتبر أن الكباش السياسي عادي في حياتنا الديمقراطية لأن الأطراف السياسية ليست حزباً واحداً بقائد أوحد فلكل فريق رأيه وموقفه السياسي.
ويتفق “تيار المستقبل” مع هذه النظرة البرتقالية، حيث تؤكّد مصادره لموقعنا أن الرئيس سعد الحريري يعمل جاهداً لتسيير عمل الحكومة بعد فترة انتظار طويلة، وهذا هو همّه الوحيد، إذ إنه يتّخذ قراراً واضحاً بعدم الردّ على التهجّمات من أي فئة أتت ولا يريد أن يدخل في سجال مع أحد، لأن السجالات والتهجّمات على حدّ سواء لا تساهم في إنقاذ الوضع وتحقيق آمال الناس المعلّقة على هذه الحكومة.
في المقابل، وفي نظرة إلى ما حدث منذ انتخاب العماد عون رئيساً نرى أن كل التحالفات اهتزت لكنها لم تقع، فـ “تفاهم معراب” تعرّض لنكسة كبيرة، وسُجّل فتح أكثر من جبهة بين “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية”، لكن في النهاية فإن الفريقين بقيا تحت سقف التسوية وشاركا في الحكومة جنباً إلى جنب.
والناظر إلى الصورة يكتشف أن تفاهم “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله” تعرّض لأكثر من نكسة لكنه استمر، والكل يشهد ماذا حصل بين الوزير جبران باسيل و”حركة أمل”، لكن الفريقين عادا إلى ترتيب أوضاعهما على رغم الاختلافات الكبرى.
ولا ينسى أحد مسألة “بق البحصة” التي هدّد فيها الرئيس الحريري “القوات اللبنانية” بعد أزمة احتجازه في الرياض لكن الأمور عادت إلى طبيعتها، كما ما يزال المشكل الأخير بين رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط والحريري عالقاً في أذهان الناس، وسرعان ما تمّ احتواؤه والعودة إلى العلاقات الجيدة.
كل تلك الأمور تدفع التيارين “الأزرق والبرتقالي” إلى عدم إبداء مخاوف من تطوّر الوضع نحو الأسوأ، على الرغم من أن “التيار الوطني الحر” لديه ملاحظات كثيرة على آداء الحريري وكان آخرها “مؤتمر بروكسيل” الذي لم يذهب باسيل إليه.
وتُعتبر قضية النازحين أساسية بالنسبة إلى عون و”التيار”، في حين يوجد بعض الاختلافات في وجهات النظر مع الحريري.
ويجمع كوادر الفريقان على أن العلاقة ما انقطعت يوماً بين عون والحريري، والاتصالات مستمرّة بين كوادر الفريقين، وأحداً لا يريد للحكومة أن تتفرمل أو لا تنتج، لذلك فإن أي تصرف من هذا النوع سيعرّض البلد للاهتزاز، لذلك فإن الأمور بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” ستسلك حتماً طريقها إلى المعالجة سريعاً.
وتعمل شخصيات عدّة من الفريقين على إعادة وصل ما انقطع، وهذا الأمر سيتظهّر خلال جلسات مجلس الوزراء المقبلة، علماً أن تكتّل “لبنان القوي” ورئيس الجمهورية وتكتل “المستقبل” الوزاري يملكون النصف زائد واحد في الحكومة، واختلافهما سيؤثّر سلباً على عملها وبالتالي ضرب العهد وولاية الحريري على حد سواء.