غاصب المختار
يُنتظر أن تستأنف الحياة السياسية والعامة حركتها الطبيعية مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى بيروت أمس، ومع ترقّب استعادة الهدوء السياسي بعد اتصالات أدّت إلى وقف السجالات بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، وهو ما كان متوقعاً من يوم السبت الماضي بحسب مصادر رسمية مقرّبة من قصر بعبدا وبيت الوسط، إلا أن الاتفاق على وقف التراشق الإعلامي والسياسي لا يُلغي بقاء “الألغام السياسية” مزروعة على طريق الحكومة، التي مطلوب منها برأي المصادر حصر الملفات الخلافية الأساسية في أطر رسمية ومعالجتها بطريقة رسمية داخل الحكومة عبر توافقات باتت أسسها معروفة وسقفها ضخّ الدماء والحياة في عروق التسوية الرئاسية وإلا سقط الهيكل على رؤوس الجميع.
وترى المصادر أن الجميع بات مضطراً إلى اللجوء للتفاهم حول الملفات المتعلقة بالنازحين السوريين والكهرباء ومكافحة الفساد والتسويات المالية والتعيينات، وستكون جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل مؤشراً على صفاء النوايا أو بقاء الأمور عالقة لحين حصول معجزة التسويات الصغرى طالما أن التسوية الرئاسية الكبرى لا زالت محميّة.
ولعلّ التفاهم بات مطلوباً أكثر في ظلّ الاستحقاقات السياسية المهمّة المرتقبة: من زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ثم زيارة الرئيس ميشال عون إلى روسيا، ثم مشاركته في القمّة العربية العادية في تونس، وهي كلّها محطّات تحمل توجّهات كبرى تنعكس على لبنان بشكل أو بآخر، لا سيّما في ظلّ القرار العربي بعدم عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، واضطرار لبنان إلى التنسيق مع السلطات السورية ولو بالحدّ الأدنى على الأقل في ملفين أساسيين: عودة النازحين وفتح الحدود البرية بين لبنان والعالم العربي عبر معابير سوريا والأردن وتخفيض قيمة الرسوم المفروضة على الشاحنات اللبنانية التي تتولى نقل المنتجات اللبنانية، وهو الأمر الذي سيتولاه وزيرا الزراعة حسن اللقيس وشؤون النازحين صالح الغريب مباشرة مع الجانب السوري. وربما شارك وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس في الموضوع.
وتقول المصادر الرسمية إن لبنان مضطر للتنسيق مع سوريا في موضوع الحدود البرية من أجل تسهيل نقل البضائع بما يوفر ارتياحاً للمزارعين وللاقتصاد.
ولكن بانتظار حصول التفاهمات بين الرئيس الحريري وبعض حلفائه وبين “التيار الوطني الحر” وبعض حلفائه، فإن الملفات الملحّة الأخرى غير الساخنة الأخرى تنتظر تفعيل عمل مجلس الوزراء لا سيّما لجهة الاتفاق على التعيينات العسكرية والإدارية، والتي تفيد المعلومات أنها ستمرّ بالتدريج وليس بسلة واحدة كما كان التوجّه الأساسي.