ان يزور اي مسؤول لبناني مدينة او منطقة معينة فهذا من حيث المنطق امر طبيعي، انما ان يكون الزائر هو النائب نديم جميل وان تكون محطته الحارة البرانية فهنا تكمن المفارقة، وتطرح تساؤلات حول الرسالة التي يريد ايصالها النائب جميل الى خصومه بعد مسيرته الحافلة بالمواقف المثيرة داخل المجلس النيابي، والانطباع الذي قد يخرج به من جولته الى اكثر المناطق التي واجهت حرمان الدولة وظلم بعض وسائل الاعلام والاحزاب السياسية.
النائب جميل الذي ربما يزور شوارع طرابلس لاول مرة اختار هذه المنطقة التي لطالما تردد اسمها في الاعلام منذ عقود وصولا الى جولات العنف الاخيرة التي عاشتها المدينة، نظرا لتاريخها الحافل ب”العصيان” و”التمرد” على ظلم السلطة وتجاهل المسؤولين لمطالب اكثر شرائح طرابلس فقرا وتهميشا.
وصول جميل الى الحارة البرانية شكل مفاجئة للبعض كون الزائر ينتمي الى كتلة نيابية شاركت في الحرب الاهلية وسقط على يدها مقاتلون ومدنيون من طرابلس ومن عمق المدينة القديمة وامتدادها منطقة الحارة البرانية التي تنقل في ازقتها النائب باريحية تامة وبعيدا عن الحشود العسكرية التي رافقت زيارة وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل قبل فترة الى معرض الرئيس الشهيد رشيد كرامي الدولي، واقتصر حينها الحضور على انصار التيار الوطني الحر الذين وفد معظمهم من خارج المدينة وبعضهم كان من ضمن موكب باسيل.
وعلى الرغم من ان زيارة النائب جميل لم يعلن عنها بشكل واسع خارج نطاق الحارة البرانية الا انه يمكن القول ان حفاوة الاستقبال من اصحاب الدعوة كانت كفيلة باعطاء صورة مغايرة للزائر عن طرابلس وانفتاحها وعدم اقفال اسوارها امام اي ضيف ايا يكن توجهه السياسي او طائفته، وهذا ما لمسه جميل الذي دخل الحارة البرانية التي كان يطلق عليها سابقا اسم “دولة المطلوبين” ووصفت مؤخرا بانها وكر للارهاب خلال جولات العنف بين التبانة وجبل محسن، وتجول فيها وصولا الى شارع سوريا في التبانة ومنه الى السوق الذي احترق مؤخرا، فضلا عن زيارته كنيسة السيدة في الحارة البرانية.
طبيعة الزيارة التي لم يرافق بها الضيف اي مسؤول سياسي طرابلسي، اقتصرت على لقاء مواطنين من المنطقة، حيث استمع الضيف الى مطالبهم وما تعانيه مناطقهم من غياب للانماء ووعد جميل بالعمل معهم لانشاء ملعب كرة قدم تحتاجه هذه المنطقة الشعبية والمكتظة بالسكان.