كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
لا شكّ في أنّ كل أم وأب يتمنّيان مستقبلاً صحّياً لأولادهما. غير أنّ تحقيق ذلك يجب أن يبدأ منذ لحظة التفكير في الإنجاب، بعدما أكدت الدراسات أنّ جينات الوالدين ستنتقل إلى طفلهما، وأنّ الحمض النووي يمكن أن يتغيّر خلال الحمل ليُصبح سيئاً وينتقل إلى الجنين ليُعرّضه لأمراض كثيرة. إنطلاقاً من هذه المعطيات الجدّية، سُلّط الضوء أخيراً على أول 1000 يوم من الحياة. فماذا تعني هذه المرحلة وعلى ماذا ترتكز تحديداً؟
شرحت إختصاصية التغذية، عبير بيضون، لـ»الجمهورية» أنّ «أول 1000 يوم من الحياة هي فترة حساسة وحاسمة جداً لحياة الطفل بالنسبة إلى طريقة نموّه وتطوره ذهنياً وجسدياً، وقد وصفها الخبراء بالفرصة الذهبية للأهالي كي يضمنوا مستقبلاً صحّياً جداً لأطفالهم».
ولفتت إلى أنّ «أول 1000 يوم من الحياة تنقسم إلى 3 مراحل: الحمل الذي يمتدّ لـ270 يوماً، والرضاعة التي تبدأ منذ لحظة ولادة الطفل حتى بلوغه 6 أشهر وهي تدوم لـ180 يوماً، وصولاً إلى المرحلة الثالثة التي تشمل الشهر السابع من الحياة حتى الـ24 شهراً ليكون مجموعها 550 يوماً».
وتطرّقت بيضون في ما يلي إلى ميزات كل من هذه المراحل الثلاث:
المرحلة الأولى: الحمل
خلال هذه الفترة، التي تتضمّن 270 يوماً من حياة الجنين داخل الرحم، فإنّ نمط الحياة الذي تتبعه الأم يكون أساسياً جداً لأنها تُنمّي طفلها في أحشائها، وبالتالي فإنّ كل ما تقوم به على الصعيد الغذائي وحتى الرياضي سيؤثر مباشرةً في طريقة ولادة طفلها ومستقبله، بعدما ثبُت أنّ كل هذه الأمور تدخل في حمضه النووي.
قبل فترة الحمل وخلالها، يجب على الأم أن تهتمّ جيداً بغذائها وتركّز تحديداً على الحديد (اللحوم، والورقيات الخضراء الداكنة، والبقوليات)، والفولات (السبانخ، والبروكلي، والفاصولياء، والعدس، والمنتجات المدعّمة كالرقائق والخبز)، واليود لتجنب فقر الدم والتشوّهات الخلقية. بشكل عام، فإنّ ملح الطعام يحتوي على اليود، وبالتالي من المهمّ الحصول على كمية صغيرة منه خلال الحمل لأنّ نقصه سيؤدي إلى تباطؤ تطور دماغ الجنين وبالتالي فإنّ معدل ذكائه قد يتأثر كثيراً، بحيث بيّنت الأبحاث أنه ينخفض من 10 إلى 15 نقطة مقارنةً بالأطفال الذين حصلوا على هذه العناصر الغذائية بمستويات جيّدة.
فضلاً عن أنّ وزن الطفل قد يكون أقل من المعدل الطبيعي لحظة ولادته، والأخطر من ذلك أنه قد يولد ميتاً. لذلك، يجب أن يكون غذاء الحامل متنوّعاً، فتحصل على اللحوم، والسمك، والدجاج، والأرزّ، والخضار والفاكهة المعقّمة جيداً، والبيض، والحليب، لتتمكن من تأمين أفضل نتيجة على الإطلاق وتستمدّ كل المعادن والفيتامينات الضرورية لتغذية جسمها وجنينها في آن.