لارا الهاشم-
من فلسطين وصل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد موفداً من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لاحتواء تداعيات قرار وزارة العمل "بتطبيق خطة مكافحة اليد العاملة غير الشرعية". فمخيمات اللجوء تغلي منذ الإعلان عن بدء تطبيق الخطة وقد تصل تحركاتها الإحتجاجية إلى مكان قد يصعب ضبطه.
مصادر وزارة العمل تستغرب ردود الفعل الشعبية هذه، مؤكدة عبر tayyar.org أن الخطة المستندة إلى قانون (حتى إن لم تصدر مراسيمه التطبيقية بعد) تخوّل الفسلطيني الحصول على إجازة عمل من دون أن تترتب عليه أي كلفة، وتعطيه الحق بالضمان الإجتماعي وبتعويض نهاية الخدمة، كما أن عقد العمل يحميه من أي طرد تعسفي. وفقاَ للمصادر فان بدء العمل بالخطة تم بناء على التواصل مع رئيس الجمهورية ووزيرة الداخلية، وأنها من الأساس لحظت خصوصية اللاجئين على عكس ما فهمه البعض تراجعاً في موقف وزير العمل الأخير الذي نفى اتخاذ أي اجراءات بحق الفلسطينيين. وتؤكد المصادر عينها أن تطبيق الخطة يدرّ أموالاً على خزينة الدولة ويخفّف من مزاحمة العمالة الأجنبية للعمالة اللبنانية، إضافة إلى ما تحقّقه على صعيد الأمن الإجتماعي.
إذاَ بناء على كلّ ما سبق، ما سبب المخاوف الفلسطينية؟
في مقابل التسهيلات تبرز صعوبات في مكان آخر وهي التي أجّجت مخيمات اللجوء. فأرباب العمل يتهرّبون من تسجيل العامل الفلسطيني لأن ذلك يفرض عليهم دفع 23.5% من قيمة راتبه للضمان الاجتماعي وثانياً لأن "ثمة شروطاً تعجيزية تُفرض على الفلسطينيين للاستحصال على إجازة عمل" .
تعتبر مصادر فلسطينية عبر tayyar.org أن وجود اللاجئين في لبنان قسري بسبب الإحتلال، ما يستوجب معاملتهم معاملة استثنائية لاسيما في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها ومحدودية الأعمال التي يحقّ لهم مزاولتها.
وعليه يسعى الحراك السياسي والدبلوماسي الفسلطيني إلى الحث على إصدار المراسيم التطبيقية للقانونين 128 و 129 لضمان الخصوصية التي منحت للاجئ الذي يشارك أساساً في العجلة الإقتصادية خلافاً لوضعية سائر العمال الأجانب، مع تأكيده على رفض الشعب الفلسطيني التوطين وعلى حقه في تقرير مصيره.
وفي هذا الإطار تعوّل المصادر على موقف لبنان الرسمي حيال القضية الفسلطينية. "وما كانت زيارة أبو مازن كأول رئيس لبعبدا إلا تقديراً لمواقف الرئيس العماد ميشال عون"، كما تثمّن عالياً مقاطعة لبنان لورشة المنامة والتي شكّلت عاملاً أساسياً في إفشالها.
وفقاً للمصادر "لدينا رئيس جمهورية في لبنان، ما بدنا نحط أمامو عصيّ بالدواليب". وعلى هذا الأساس تؤكد وقوف اللاجئين تحت سقف القانون لكنها في الوقت عينه تطالب بمنحهم خصوصية تميّزهم عن النازحين السوريين والعمال الأجانب.
لكن وفي ظل مخاوف الفسلطينيين من فرض قيود عليهم تزيد من صعوبة ظروفهم المعيشية، برز كلام لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع صوّب فيه سهامه على بعض القوى كحماس وحزب الله متهماً إياها "بتصوير قرار وزير العمل على غير حقيقته بهدف استقطاب الشارع في الصراع القائم بين حماس وحلفائها اللبنانيين من جهة والسلطة الفسلطينية من جهة أخرى". هذا الكلام يصفه القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان عبر tayyar.org بغير الدقيق، فحماس "تتلمّس وجع شعبها وتحاول معالجته بكل الوسائل المشروعة بين الدول والشعوب. أما المعلومات عن تحريكها للشارع فهي خاطئة، وكنا نتمنى لو اتصل أي طرف بحماس لاستيضاح موقفها".
"فاللاجؤون الفلسطينيون تحركوا من وجعهم في ظل خوضهم معركة مواجهة "صفقة القرن" التي تقوم على تقويدهم لمنعهم من حق العودة. هم يخشون من ممارسة الضغوط عليهم ومن إلزامهم بإجراءات تنزع عنهم صفة اللجوء وتفرض عليهم التوطين أو التهجير ما سيضيّع القضية الفلسطينية". يتفهم حمدان الخلافات السياسية بين اللبنانيين لكنه يطالب بعدم اقحام الفلسطينيين في هذه المماحكات البعيدة عن الواقع، إذ أن حماس وسائر الفصائل الفلسطينية كانت معنية باستقرار المخيمات وحماية الاستقرار في لبنان. أما فيما خص العمالة الفلسطينية، فيعتبر أنه من الضروري إصدار المراسيم التطبيقية الخاصة بها. فتطبيق قانون متعلق بالأجانب على "اللاجئين" يثير الريبة من محاولة لضرب الوضع القانوني للاجئ ولخدمة صفقة القرن، متساءلاً عن سبب تغيير السياسة المتعلقة بهم في هذه المرحلة؟ في وقت يبقى الحل الأمثل بالنسبة إليه الوقوف عند مقترحات الحوار المتواصل الذي تشارك فيه قوى لبنانية وفلسطينية برئاسة رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني حسن منيمنة للتوصل إلى المخارج الفضلى التي تمنح الفلسطيني حق العيش بكرامة.
لكن الأخطر من كل ذلك يبقى بحسب المحلل السياسي فيصل عبد الساتر ل tayyar.org كلام جعجع. فاتهامه لجهات سياسية بتحريك المخيمات هو كذب وافتراء بحسب الرجل المقرّب من أوساط حزب الله والمطلع على الملف الفلسطيني، وهو يدعو رئيس حزب القوات إلى مراجعة حساباته لأنه بكلامه هذا "يأخذ البلد إلى مكان آخر. فجعجع الذي يسكن في منطقة ليست على تماس مع المخيمات الفسلطينية، يحرّض بهذه الطريقة الفلسطيني على الفلسطيني واللبناني على اللبناني واللبناني على الفلسطيني، كما أنه يضع حزب الله في مواجهة الحكومة وكأنه هو من يقرّر ما يجب أن يحصل على الساحة اللبنانية".
وأمام غياب الاحصائيات الدقيقة والفلسفة غير الواضحة لتطبيق خطة وزارة العمل، تبقى مصلحة لبنان العليا حتماً بتطبيق قوانين تحمي شعبه وفقاً لمراسيم واضحة. لكن الخوف الذي يلازم شعبه وضيوفه على حد سواء، هو من أن تضيّع بعض ثغرات القوانين وفوضى تطبيقها، قضية قد تهلك لبنان وضيوفه.عندها تصبح ولو"عن غير قصد"، في خدمة مؤامرات بدأت بتخفيض مساهمات الولايات المتحدة الأميركية في تمويل الأونوروا ولا يعرف أحد أين تنتهي.