المطران مطر للمطران عبد الساتر: أتمنّى أن تتابع بمحبّتك ما نقص في خدمتي
2019-07-12 14:08:12
احتفلت أبرشيّة بيروت المارونيّة باليوبيل الكهنوتي الفضي للسفير البابوي المطران كريستوف زخيا القسيس والوكيل البطريركي في مارسيليا المونسنيور عصام أبي خليل وباليوبيل الكهنوتي الذهبّي للمونسنيور أنطوان مقصود وللخوري عبده نصّار وللمونسنيور نعمة الله شمعون في مناسبة منحه براءة بابويّة في سنته الكهنوتيّة الستين.
وأقام رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر، إحتفالًا تكريميًّا للمحتفى بهم في مطعم" لوغاسترونوميك" في كليّة السياحة وإدارة الفنادق في جامعة الحكمة في الأشرفيّة شارك فيه النائب البطريركي المنتخب رئيسًا لأساقفة بيروت المطران بولس عبد الساتر وكهنة الأبرشيّة والرهبان والراهبات العاملين فيها ورئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن وممثلو الجان الراعويّة وأهالي المحتفى بهم.
وكانت مناسبة لشكر المطران مطر على خدمته في الأبرشيّة على مدى 54 سنة أسقفًا ورئيسًا للحكمة وكاهنًا في رعاياها.
وألقى المطران مطر كلمة توجّه فيها إلى المطران بولس عبد الساتر قائلًا: سيدنا ليبارك الربّ سيادتك في مهمتك في خدمة الكنيسة والأبرشيّة. كما توجه إلى الكهنة المحتفى بهم فقال: تابعوا رسالتكم في خدمة الكنيسة بفرح الربّ.
المونسنيور كميل مبارك
وألقى الرئيس السابق لجامعة الحكمة المونسنيور كميل مبارك كلمة باسم كهنة الأبرشيّة جاء فيها: نجتمع في هذه العشيّة المباركة كإكليل محبّة حولكما يا صاحبيّ السيادة ومصدر إعتزاز لنا أن نكون قد خدمنا الكنيسة وربما الوطن، في ظلّ ولايتكم، يا سيدنا بولس مطر وقد أخذنا منك الكثير. أخذنا قبسًا من حكمتك ووابلًا من محبّتك وعشنا الأخوّة قبل كلّ شيء وعشنا الطاعة بالمحبّة وعشنا كما العائلة تعيش، لا تُعطي أوامر بل وصايا. وقد كنّا نسمع من هذه الوصايا ونمشي وكأننا نفعل ما نريد أن نفعل حين تشاء أنت أن نفعل.
واليوم، يا صاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر، بعدما إختارك الروح القدس رئيس أساقفتنا ، نقول أن لك في الأبرشيّة أيامًا وسنوات طويلة ولنا معك لقاءات وصلوات ومحبّة. لقد ترك لك صاحب السيادة المطران بولس مطر، أبرشيّة متعبة ولكنك أهل لتتصدّى لكل المتاعب، بالروح التي تصدّى لها المطران بولس مطر، وقد كان يخصّب القساوة بلطف المحبّة ويُعالج الأمور بالصبر والأناة، فكلّ الأمور التي كانت برأينا معقدّة كانت تُحلّ وكأننا لم نشعر بها إلا بعد أن تكون حُلّت. وهكذا أنتم يا صاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر، لكم في قلبنا ولنا في قلبكم، ما لنا في قلب المطران بولس مطر من مودّة ومحبّة واحترام، وسنكون معكم كما كنّا معه، لا من باب التأييد ولا من باب التحييد، لا من باب الخدمة في حقل واحد من أجل خير الكنيسة والوطن.
وأذكّر الآباء المحترمين أصحاب اليوبيل والتكريم ونصلّي معكم من أجل أن يواصلوا رسالتهم في خدمة الكنيسة وأبناء الله.
المونسنيور أنطوان مقصود
وأُلقى المونسنيور أنطوان مقصود كلمة باسم المحتفى بهم، توجّه فيها إلى المطرانين مطر وعبد الساتر: أنتما رجلا محبّة فائقة. نحن أبناء هذه الأبرشيّة بل أبناء الكنيسة نشكر الله ونفتخر بكما. لقد أعطانا الله في الأبرشيّة أساقفة إمتازوا في رعايتهم لشعب الله بالتضحيات وأعطوا الكنيسة الكثير من المحبّة والتعليم والتدبير. أهلًا بالأب الجليل المطران بولس عبد الساتر الذي أطلّ علينا كما القمر، بل كنجمة الميلاد الحاملة البشرى بيسوع المسيح الآتي بإسم الربّ. فرحنا كبير ورجاؤنا وطيد بك وبما سيحققه الله على يدك.
سيدي صاحب السيادة والأبوّة المطران بولس مطر، لقد عرفناك في الإيمان وطيدًا وفي العطاء سديدًا وفي التعليم على خطى شفيعك مار بولس. ولقد وصلت إلى ما وصلت إليه وكان ذلك بفضل أنك كنت عظيمًا في تقواك وعصيًّا في مسعاك ونقاءً ومضحيًّا في رعايتك للأبرشيّة والكنيسة ومدبرًا حكيمًا في كل الحقول التي أوكلها لله لك. وقد عرفتك أنا، منذ زمن الدراسة تسير أمامي قدوة لي ولسواي، كبير في التقوى وفي العلم، فدامت لك الكلمة فسّخرتها لخدمة الكلمة الإلهيّة. فكنت المعلّم المسؤول في ولايتك الأسقفيّة.
أيها المطرانان مطر وعبد الساتر، لكما تحيّة المحبّة من الجسم الكهنوتي في أبرشيتنا الحبيبة المباركة فأنتما لنا بركة وقدوة والله أكرمنا بكما.
الأم جوديت هارون
كما كانت كلمة للأم جوديت هارون بإسم الهيئات العاملة في الأبرشيّة وبإسم الراهبات الأنطونيات في لبنان وبلاد الإنتشار. المطران بولس مطر له مكانة كبيرة في قلوب راهباتنا وسنذكره دائمًا بالخير ونقدّر محبّته لأديارنا ورهبانيتنا وكان لنا المشجع الدائم. والشكر الكبير له للعمل العظيم الذي قام به من أدجل رهبانيتنا وفي مساعدتنا لتقديم دعوى لتقديس الأم إيزابيل خوري التي أسّست الرهبنة الأنطونيّة. فاليستجب الربّ دعاءه وصلاته ليعطنا الله قديسّة. سيّدنا من القلب أشكر محبّتك ودعمك لنا وتقديرك لعملنا ورسالتنا في لبنان وبلاد الإنتشار وستبقى في قلب رهبنتنا لسنين عديدة بإذن الله ونتمّنى لك الصحة والخير.
المطران بولس مطر
وبعد تسليمة أيقونات للمحتفى بهم، ألقى المطر مطر كلمة إستعرض فيها تاريخ مطرانيّة بيروت المارونيّة وتحدّث عن أساقفتها وكهنتها والمحتفى بهم، وقال: يقول الكتاب المقدّس: ما أحسن الإخوة إذا إجتمعوا معًا. ولقاؤنا اليوم هو لقاء الأخوّة. وكلّنا يعرف أن حضارة الإنجيل هي حضارة المحبّة وحضارة الأخوّة. وقال متوّجهًا إلى المطران بولس عبد الساتر: سيدنا كل الحاضرين وأنا أولهم صلاة لسيادتك لكي يؤيدك الربّ بروحه لخدمة أبرشيّة بيروت مثل ما هو يريد بالنعم التي وهبك إياها. هناك تشابه بينك وبيني. أنا كنت رئيسًا لمدرسة الحكمة في بيروت وإنتخبت نائبًا بطريركيًّا وعدت إلى الأبرشيّة راعيًّا لها. وسيادتك حصل معك الشيء نفسه. وأتمنى أن تتابع بمحبّتك ما نقص في خدمتي. مار بولس يقول: نحن كنيسة رسوليّة. منذ مار بطرس وحتى اليوم نحن كلّنا بخدمة الكنيسة الواحدة. بولس يزرع ، أبّولو يسقي والربّ يُنمي. نحن كلّنا خدّام للكنيسة . والنعمة الكبيرة مثل ما قال سيدنا بولس عبد الساتر، أن يكون الكهنة بخدمة الربّ.
الأساقفة الذين خدموا أبرشيّة بيروت هم في ضميرنا. أبرشيّة بيروت هي أبرشيّة تاريخيّة ولديها مسؤوليّة وطنيّة إلى جانب مسؤوليتها الكنسيّة. المطران طوبيّا عون هو الذي بنى الكرسي الأسقفي في عين سعادة بعدما إنتقل من وادي بحمدون إلى عين سعادة وأشترى أرضًا في بيروت لبناء كاتدرائيّة. وأول ما قام به المطران طوبيّا عون في عين سعادة، هو فتح مدرسة إكليريكيّة. سلفنا الصالح المطران إغناطيوس زيادة، الذي رسمني كاهنًا كما رسم المونسنيور جوزف مرهج وعددًا من الكهنة الموجودين معنا اليوم، أعاد فتح المدرسة في عين سعادة والخوري عبده نصّار، مَن نحتفل بيوبيله الكهنوتي اليوم، من تلامذتها وهو أول كاهن عاد مع والدته إلى الجبل، إلى رمحاله. نحييك ونحيي معك أخوتك الذين نحتفي اليوم بيوبيلهم الكهنوتي. في الحرب أُقفلت المدرسة الإكليريكيّة في عين سعادة وأرسلنا تلاميذنا إلى كرم سدّه. أعدنا فتح المدرسة في كفرا وأعطت هذه الإكليريكيّة 60 كاهنًا للكنيسة وللطائفة المارونيّة ولابدّ لي أن أذكر المونسنيور جوزف مرهج نائبنا العام ويدنا اليمنى منذ 23 سنة والمونسنيور عصام أبي خليل والمونسنيور أنطوان عسّاف الذي يهتم بالدعوات الكهنوتيّة منذ 20 سنة وكل الذين تعاونوا معه لتنميّة هذه الدعوات. المدرسة الإكليريكيّة في كفرا وغزير، أعطتني فرصة في الأبرشيّة لأضع يدي لسيامة 91 كاهنًا. هذه نعمة كبيرة منحني إياه الله. هي نعمة كبيرة أتمنّى أن تستمر بإعطائنا كهنة صالحين.
المطران يوسف الدبس أثرّ بي ما قاله أنه بنى نواة لجامعة الحكمة وصمّمت أن أحقق له الحلم ببناء جامعة الحكمة. المطران يوسف الدبس أطلق الخدمة الثقافيّة في الأبرشيّة. ونحن نعرف جيدًا كم عوّل المجمع الفاتيكاني الثاني على خدمة الإنجيل عبر الثقافة. نحن كنّا أول مدرسة علمانيّة مارونيّة في خدمة التلامذة العلمانيين في بيروت. 3 مدارس في تاريخ الطائفة المارونيّة كان لها الدور الكبير في هذه الخدمة: مدرسة روما التي أعطت كنيستنا بطاركة وأساقفة وكهنة ومدرسة عين ورقة ومدرسة الحكمة للعلمانيين. وأول نواة جامعة بتاريخ الطائفة هي جامعة الحكمة في العام 1875. ولقد تعاونّا مع المونسنيور جوزف مرهج لإنطلاقة جديدة للجامعة التي أصبحت تضم 8 كليّات. ليوّفقنا الربّ مع علمانيين كثر، مستقبلّا زاهرًا للجامعة مع روح كهنوتيّة ضروريّة والعمل الراعوي بكلّ معانيه. حكمة سيدنا بولس عبد الساتر هي التي ستكون عنوان مستقبل الجامعة من خلال خدمة الكهنوت عبر الثقافة وخدمة الثقافة عبر الكهنوت. جامعة الحكمة تضمّ اليوم حوالي 3600 طالبة وطالب، فليوّفقهم الله، وأُحيّي الخوري خليل شلفون الرئيس الحالي للجامعة والرئيسين الذين تعاقبا على رئاستها المونسنيور جوزف مرهج والمونسنيور كميل مبارك.
بعد المطران الدبس جاء المطران بطرس شبلي وتسلّم مقاليد الأبرشيّة لمدة عشر سنوات. المطران شبلي دخل الإكليريكيّة في فرنسا وكان على مدى سنواته الست فيها يحتل المركز الأول في كلّ فرنسا. المطران شبلي كان رجل ثقافة عظيم، ومات في إسطنبول بعد نفيه شهيدًا عام 1917 ونُقلت رُفاته إلى كاتدرائيّة مار جرجس في بيروت.
ثمّ تسلّم المطران إغناطيوس مبارك مقاليد الأبرشيّة في العام 1919، أي منذ مائة سنة. ثمّ المطرانين إغناطيوس زيادة وخليل أبي نادر وأنا. واليوم نحن في زمن جديد في كل أبعاده وخدمته.
المطران مبارك كتب رسالة للموارنة بعد الحرب العالميّة الأولى. الأبرشيّة مهدّمة ومات ثلث الشعب في لبنان جوعًا، لأعادة البناء. إستلهمت منه، لا بل أقول شعبنا، إستلهم منه العودة إلى الجبل بعد تهجير أهل 47 بلدة. طالنا التهجير من بيروت والضاحيّة الجنوبيّة والدامور والشوف وعاليه وبعبدا وقد تضرّرت 75 كنيسة جراء الحرب والتهجير. إيمان شعبنا وخلال 23 سنة إستطاع إعادة بناء كل الكنائس المهدّمة والمتضرّرة وأضفنا عليها بناء 45 كنيسة جديدة، طبعًا منها كاتدرائيّة مار جرجس في بيروت التي هي لؤلؤة كنائسنا، التي أعدنا بنائها بفضل الخيّرين. المطرانيّة لم تبنِ الكنائس، بل هي ساهمت في بنائها. الشعب بنى الكنائس، المهدّمة والجديدة. وأعطي مثلًا: بلدة الرمليّة القريبة من المعوش فيها عشرة منازل لعائلات مارونيّة قامت ببناء كنيسة وقاعة لها. كذلك حصل في التعزانيّة التي فيها 40 منزلًا لعائلات مارونيّة. حصلت أعجوبة في الأبرشيّة في قضيّة بناء الكنائس. الفضل في ذلك ليس لنا، بل للشعب المؤمن برّبه وبعودته وبنفسه. ليوّفقنا الله في عودة الجبل بمصالحاته، لأننا مدعوون لنعيش بعيش مشترك مع الجميع. لقد زرت كلّ رعايا الجبل تثبيتًا للمصالحة.
المطران مبارك ساهم في الكثير من أجل لبنان عبر الإستقلال والوحدة المسيحيّة الإسلاميّة وهذا تراث علينا المحافظة عليه.
المطران إغناطيوس زيادة كان رجلًا محبًّا للكهنة ورجل الثقة والضمير الحيّ ونحن تعلّمنا منه الكثير وأذكره كل حياتي.
المطران خليل أبي نادر كان مطران الوحدة الوطنيّة، وحدة بيروت ولقد خُطف ثلاث مرّات إيمانًا منه بهذه الوحدة حتى في زمن الإحتلال الإسرائيلي، لم ينقطع عن بيروت متخطيًّا الحواجز. وهو الذي قال، نريد لبنان واحد لبنان الإتفاق والمصالحة وبيروت واحدة. روح المسيح هو روح التلاقي بين الشعوب، لا كما يحصل اليوم في المنطقة. لقد رسمنا الربّ مسؤولين عن سرّ المصالحة.
إنشاء الله تنمو الأبرشيّة في أيامك سيدنا بولس وتواصل تراثها الروحي والإنساني والوطني وتكون ملاكها الذي يحميها من كلّ شرّ ونحن دائمًا معك وإلى جانبك، لأن الأبرشيّة هي أبرشيتنا وأنت راعينا وأطال الله عمرك.
وكالات