لارا الهاشم -
من يقرأ في بعض المقالات المنشورة في الأسابيع الأخيرة حول نية قائد الجيش التسويق لنفسه لرئاسة الجمهورية، يستشعر بحملة ممنهجة لضرب صورة القائد ودق الإسفين بينه وبين كل من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. فالتحليلات تصب جميعها في إطار واحد وهو الإيحاء بوجود مبارزة بين قائد الجيش والوزير باسيل، متناسية قبل كل شيء أن أمام الرئيس الحالي ثلاث سنوات ونصف تقريباً على رأس الجمهورية اللبنانية.
يحاول بعض الأقلام الترويجلعلاقة جفاء تربط القائد عون برئيس التيار وبعباءة دولية يحاول الأول التسلّح بها والبناء عليها لضمان وصوله إلى سدة الرئاسة. فتعطي هذه الأقلام تفسيرات وتأويلات لزيارات قائد الجيش للولايات المتحدة الأميركية وللمملكة العربية السعودية، للإيحاء بنوايا مبيّته هدفها الوصول إلى سدة الرئاسة.
إلا أن قائد الجيش يبقى الصامت الأكبر إزاء هذه الحملة وردّه الوحيد يبقى في تمتين قواعد المؤسسة العسكرية والحفاظ على أمن لبنان وحقوق العسكر،عملًا بالقسم الذي أوصله إلى رتبة عماد، بمنأى عن زواريب السياسة. ومن هذا المنطلق كان خطابه الأوحد الذي حمل رسائل سياسية في مجمع فؤاد شهاب حين تحدث عن قلّة الوفاء بحق الجيش وعن محاولات لتطويق المؤسسة العسكرية من خلال استهداف حقوق العسكر في مشروع الموازنة العامة بعدما زادت الأصوات المندّدة بأحقية هذه المطالب،عن حدّها.
لكن هذه التحليلات تدفع بعض المراقبين للتساؤل عن أهدافها لاسيما وأن القاصي والداني يدرك مدى متانة العلاقة التي تربط كلاً من العماد جوزاف عون والرئيس ميشال عون الذي اختاره ليقود معه هذه السفينة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة، فيما علاقة قائد الجيش بباقي الدول العربية وغيرها تنطلق من معيار واحد وهو مصلحة المؤسسة العسكرية.
في هذا الإطار تشير معلومات
tayyar.org إلى أن زيارات قائد الجيش للولايات المتحدة الأميركية تندرج في إطار علاقة الجيشين والاستمرار بدعم لبنان وهي لا تنفصل عن الإجتماعات الدورية التي تنعقد لتقييم المساعدات. علماً أن أمريكا ودول الغرب ترى في الجيش اللبناني خطّ الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب ومنع تدفّقه إلى أراضيها. عدا عن أن القيادة الحالية قد اكتسبت ثقة المجتمع الدولي نتيجة الإنجازات التي حققتها لاسيما في معركة فجر الجرود وبفضل حسن استخدامها للهبات العسكرية في مكانها المناسب. وتضيف معلومات
tayyar.org أن أهداف هذه العلاقات تتمثل أيضاًبزيارة العماد جوزاف عون للملكة العربية السعودية، التي صبّت في إطار تبادل الخبرات من أجل تطوير العمل العسكري. علماً أن أحد ضباط الجيش اللبناني يتلقى تدريباً في كلية القيادة والأركان في المملكة أسوة بضباط من جنسيات مختلفة يتدرّبون في الكلية اللبنانية.
أما عن العلاقة مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، فتؤكد معلومات
tayyar.org أن كل الكلام السلبي غير صحيح ولا يمت للواقع بصلة ولا علم لباسيل به لا من قريب ولا من بعيد. فهو حلقة ضمن سلسلة استهدافات متنقّلة في مختلف المواضيع، لرئيس التيار. لا بل على عكس ما يضمره المستهدِفين، فان جميع المقرّبين من باسيل يدركون ويسمعون منه الإشادات بقائد الجيش وأدائه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الإصلاح في المدرسة الحربية وقدرته على الدمج بين الكفاءة والتوازن على حد سواء.
في الموازاة وإزاء محاولة البعض إقحام قيادة الجيش في اللعبة السياسية، تعتبر مصادر مطلعة عبر
tayyar.org أن ما يقال عن طموحات سياسية لدى قائد الجيش هو محض افتراء ومحاولة لاقحام المؤسسة في شؤون هي بالغنى عنها. غير أن إثارة موضوع الاستحقاق الرئاسي اليوم معيب ومسيء إلى رئيس البلاد الذي يمثل رمز وحدة الوطن ويسعى بكل قوة وعزيمة إلى انقاذ سفينة الوطن والوصول بها إلى برّ الأمان، كما هو مسيء إلى الجيش الذي يقف إلى جانبه في كل الظروف.
في الخلاصة تعتبر المصادر أن كل ما يثار حول هذا الموضوع هو ضرب من الظن والتخمين والتشكيك لا يعني قيادة الجيش على الإطلاق. "فاذا عدنا إلى الماضي، لم يسعى الجيش يوماً لطرح نفسه كمشروع سياسي،بل إن السياسيين همالذين تدخلوا بشؤونه بطريقة أو بأخرى وهذا ما لن تسمح به قيادته الحالية التي تدرك تماماً حدود مسؤولياتها وواجباتها وتعاطيها مع مختلف الشؤون الوطنية".
وعليه يبقى السؤال المشروع حول الجهة المستفيدة من التصويب على المؤسسة العسكرية، في وقت تحقّق فيه الإنجازات بحرفية عالية وتدريبب وتنسيق بين الوحدات الخاصة، تبلور يوم السبت الفائت في "يوم مع الوطن" الذي رعته قيادة الجيش.
فاذا كان الجيش لا يتدخل بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد وهمّ القيادة الأول والأخير هو الحفاظ على الدور الوطني وتطوير قدراتها إلى جانب الحفاظ على حقوق العسكر، وإذا كانت العلاقة بين باسيل وعون على أفضل حال في وقت يرى فيه رئيس التيار أن من المعيب الحديث عن استحقاق رئاسي في ثلث عهد الرئيس عون، أفلا يستدعي السباق الرئاسي الإفتراضي الظن بمحاولة جديدة لإضعاف العهد، عبر زرع الشكوك بين أركانه وبين البيئة التي وُلد من رحمها؟