يوجد بها أكثر من ألفي نوع من الفراشات و13 ألف نوع من النباتات، إضافة إلى أكثر من 200 نوع من الطيور المهاجرة التي تأتي من أميركا الشمالية، ومع ذلك يبقى منظر السلاحف في كوستاريكا من أجمل ما يمكن أن تشهده العين. فهذه السلاحف تأتي بالآلاف إن لم نقل الملايين إلى شواطئها، لتسير نحو 300 متر من البحر لوضع بيضها ودفنها في الرمال. فهنا تضمن لبيضها مكاناً آمناً بعيداً عن المياه والحيوانات. تتم عملية وضع البيض أثناء الليل دائماً. فتحت جنح الظلام الدامس تضمن سلامة وأمان بيضها. بعد ذلك بعام تكون عملية فقس تلك البيضات وخروج مليون سلحفاة صغيرة تبدأ رحلة حياتها بالسير نحو البحر في مشهد لا مثيل له. وبالنسبة للعارفين، فإن الفترة بين (أيلول) و(تشرين الأول) من كل عام هي التي تلتقي فيها هذه السلاحف، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، لتبدأ دورة حياتها من هنا.
لهذا ليس غريباً أن تستقطب هذه الشواطئ أعداداً كبيرة من السياح كل عام، إلى حد أنه خُصصت لهم جولات سياحية يتم خلالها الالتزام بكل قواعد الحفاظ على البيئة، باستخدام السياح الأشعة تحت الحمراء لمتابعة تلك العملية دون إزعاج السلاحف أو إيذائها. ويُسمح في بعض الحالات بالاقتراب منها على شرط عدم لمسها.
لكل هذا أصبحت كوستاريكا، رغم صغرها، وجهة مهمة للسياحة البيئية إضافة إلى تمتعها بطبيعة خلابة ومتنوعة تناسب كل أنواع السياحة. فهي تنعم بساحلين؛ ساحل المحيط الهادي وبحر الكاريبي، إلى جانب سلسلة جبال هائلة يوجد بها بعض البراكين النشطة. لهذا السبب تركز كل الأنشطة على تقريب الزائرين من الطبيعة. موقعها أيضاً وسط أميركا بين نيكاراغوا وبنما، استراتيجي يزيد من تنوع طبيعتها وثقافتها. وعموماً يتسم إيقاع الحياة فيها بالبطء الشديد، كأن الكل يريد أن يستمتع بطقسها الذي تتراوح درجات الحرارة فيه، في أشد الأيام قيظاً بين 14 و27 درجة. فطقسها يظل مستقراً ثابتاً طوال العام نظراً لكونها بلداً استوائياً.
وتتميز كوستاريكا عن دول جوارها في باقي أنحاء أميركا اللاتينية، بكونها مزدهرة اقتصادياً إلى جانب كونها من الدول ذات الأنظمة الديمقراطية الراسخة. ويصف سكانها وعددهم 6 ملايين نسمة أنفسهم بالـ«بيورا فيدا» أي «المفعمين بالحياة»، افتخاراً بحبهم للحياة وقوتهم، ملمحين إلى طردهم الجيش الوطني من الحكم بعد الحرب الأهلية عام 1948. وتشتهر البلاد حالياً بأنها من البلاد الداعية للسلام. لكن رغم أنها تُعرف بأنها من البلاد الآمنة، فإنه على المسافرين توخي الحذر كما الحال عند زيارة كل الأماكن الجديدة.
من الأماكن التي لا بد من زيارتها؛ عاصمتها سان خوسيه. مدينة صغيرة لا تبدو مثل العواصم الكبرى كونها خضراء غنية بالطبيعة، نظراً لموقعها في قلب الجبال، إلى درجة تشعرك بأنك في مكان لا علاقة له بالمدنية، لولا بعض المباني الحديثة المرتفعة.
الجميل في هذه العاصمة أنه يمكن السير فيها في أي وقت لاستكشاف ما تحتويه من كنوز، مثل المسرح الوطني ومبنى البريد، والسوق المركزية التي تعد مكاناً جيداً لأخذ فكرة حقيقية عن حياة السكان وثقافتهم اليومية. تم تأسيس السوق عام 1880. ويوجد بها نحو 200 متجر صغير، تباع فيه تذكارات وزهور وأعشاب طبية محلية.
مراقبة الطيور
إلى جانب السلاحف، تعد كوستاريكا من أهم الوجهات العالمية لمحبي مراقبة الطيور في بيئتها الطبيعية، حيث يوجد بها ما لا يقل عن 12 محمية خاصة بهذه الهواية، تشمل 7 متنزهات وملجأ للحياة البرية، ومحميات خاصة متنوعة بين 4 مناطق؛ منها الغابة الاستوائية والغابة الاستوائية الرطبة في الكاريبي والهادي، وهو ما يمنح الزائرين فرصة مشاهدة أنواع وسلالات مختلفة منها. ويعتبر الدُج أو الروبين ولونه طيني، الطائر الوطني بالبلاد. يوجد منه 900 نوع ينتمي إلى 82 عائلة.
منتجعات صحية
تُقدم كوستاريكا أيضاً خيارات أخرى لقضاء أشكال مختلفة من الإجازات، منها ما هو موجه للباحثين عن الراحة والاسترخاء والتواصل مع الطبيعة. وتشمل هذه الأنشطة تناول الطعام الصحي وصفوف اليوغا، إلى جانب إمكانية المشي لمسافات طويلة بين طبيعتها، والاسترخاء في منتجعات في الهواء الطلق، أو السباحة في المياه الجوفية المعدنية الموجودة داخل أو خارج تلك المنتجعات.
أما إذا تاقت نفسك إلى ركوب الخيل أو قيادة الدراجة على الشاطئ، فإن هذا أيضاً ممكن، إلى جانب الأنشطة المائية مثل التزلج على الماء أو ركوب القوارب. ولن يكون من المبالغة القول إن كوستاريكا بأكملها متنزه وطني كبير بمتنزهاتها الطبيعية وبراكينها النشطة. البركان الرئيسي هو أرينال، الذي لا يزال مفتوحاً للزيارة حين يكون الوقت مناسباً وآمناً. ويبلغ ارتفاعه 1.670 متر. ويُمكن مشاهدة حممه البركانية المتعالية إما في عين المكان أو من فندق قريب منه.
محمية غابة «مونتفيردي كلاود»
مكان لا يقل روعة يمتد على مساحة 26 ألف فدان، وبه 8 مناطق مختلفة. وللدلالة على جماله، فإن البعض يشبه الوجود فيه بمثابة السير وسط السحاب، حيث يلفه الضباب بفعل الرطوبة التي يجدها المرء على ارتفاع 1.600 متر فوق مستوى البحر.
وما يزيد من روعة المكان ما يحتوي عليه من أشجار وارفة إلى جانب كثير من الأنهار، والبحيرات والشلالات والألوان. تقع الغابة في شمال بونتاريناس، على بعد 150 كم من سان خوسيه. ويمكن للمرء العثور هنا على 500 نوع على الأقل من الطيور، إضافة إلى 400 نوع من زهور الأوركيد، والحيوانات مثل القرود، والأسود الأميركية والزواحف المتنوعة، حيث يوجد 225 نوعاً منها في البلاد. فهي من أكبر المناطق ذات التنوع البيئي في العالم. لاستكشاف المحمية يمكن السير فيها على الأقدام. فرغم صعوبتها تستحق المجهود لما تتيحه من اقتراب من الطبيعة.
– الوصول إلى كوستاريكا سهل جداً، حيث توجد رحلة طيران مباشرة أسبوعياً على الأقل من العواصم الأوروبية إلى سان خوسيه أو مدن أخرى.