كتب جوزف طوق في صحيفة “الجمهورية”:
«بزّق.. لزّق» عبارة نستخدمها منذ ما قبل اكتشاف العالم المتحضّر مصطلح «Copy Paste»، وهذا إن دلّ على شيء فلا يدلّ على أن بيل غايتس ولد في جرود صنين، ولا أننا دائماً نسبق العباقرة بخطوة.. وإنما يفضح ببساطة طبعنا السيئ في استنساخ نجاح الآخرين، واستعدادنا للحس طبخة غيرنا بدلاً من بذل مجهود لتحضير طبخاتنا.
نفهم أن يكون هذا المنطق موجوداً عند السياسيين، فمعظمهم فاسدون ولا من يحاسب أصلاً، فينسخون عن بعضهم البعض السرقات والتنفيعات والمشاكل والمعارك والتقصير والاستزلام والتحريض. لكن لا يمكن لأحد أن يفهم كيف ومتى إندسّ هذا المنطق الأعوج إلى قلب الوسط الفنّي، وبأي حقّ يتساهل الفنانون اللبنانيون إلى هذا الحدّ بنتاجهم على مختلف المستويات. وطبعاً، الفنانون هنا ليسوا سوى تلك الشلّة المسيطرة بحضورها مثل السياسيين على الإعلام، والفارضين أنفسهم حماة الإرث الثقافي والوجه الحضاري والاستنساخ الأعمى. أمّا أولئك المبدعون العاملون بكدّ وجهد يجدون من يضربهم على يدهم كلّما حاولوا فتح الستارة والخروج قليلاً إلى الضوء، الذي أصبح بالقوة حكراً على بعض الفاسدين في الفنّ.
تمرض فنانة من هنا وترى الموت بعينيها، وتقرّر أن تتشارك تجربتها الإنسانية مع الناس، فتمتلئ طوارئ المستشفيات وغرف العمليات بفنانات بلغت حرارتهنّ 37.5 على الميزان، أو انغرز إضفرهنّ باللحم في حذاء «لوبوتان»، أو إنبحّ صوتهنّ من كثرة الجعير في حفلة زفاف… وسرعان ما تبدأ أعمالهنّ الفنيّة بالظهور مباشرة بعد الحادثة الأليمة وتقريباً على يد الطبيب المختصّ بالمسالك اللحنية.
يعيش فنّان تجربة حياتية مع الناس ويلمس وجعهم عن قرب، ويقرّر إطلاق صرخة حقيقية من بين الجموع، وقبل أن تغيب الشمس وبسحر ساحر، تنفخت دواليب الفنانين في مختلف المحافظات اللبنانية ويصبح همّهم أكبر من معضلة الدين العام، ويعلق سحّاب بنطلونهم في مرحاض عمومي ويبدأون بمطالبة الدولة بحقوق المواطنين، أو يحترق راس الأرغيلة في محلّ مكتظّ ويبدأون بالنحيب على حقوق المتعاقدين والمتقاعدين… وإذ تتفتّح أريحتهم وتبدأ شرشرة الأعمال الحامية للتراث الوطني من على التخت الشرقي الموجود عند النجّار لإصلاحه.