بعرس شعبي هبت اهدن امس لاستقبال تمثال يوسف بك كرم العائد من الترميم بعد نحو ثلاثة اشهر من انزاله ولاول مرة عن قاعدته التي رفع عليها في ايلول من العام 1932، اذ عاد التمثال ليربض على كتلة اهدن بجوار كنيسة مار جرجس حيث يرقد جثمان هذا البطل الذي هو في نظر الاهالي بمثابة قديس ضحى بحياته لاجل لبنان.
والتمثال الذي يجسد كرم ممتطيا صهوة جواده وممتشقا سيفه والمنحوت على يد الفنان الشهير يوسف سعد الله الحويك كان خضع للترميم في محترف ال بصبوص في البترون، لتتم اعادته امس باحتفال شارك فيه رئيس بلدية زغرتا اهدن انطونيو فرنجيه واسعد بك كرم الى حشد من الاهالي الذين واكبوا التمثال الملفوف بالعلم اللبناني سيرا على الاقدام منذ وصوله الى مستديرة قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجيه وصولا الى الكتلة وسط قرع الاجراس وتلاوة الصلوات واطلاق الزغاريد ونثر الارز والورود.
ويقول الفنان الدكتور نبيل بصبوص الذي قام بعملية الترميم في محترفه في البترون في حديث ″لسفير الشمال″ ان التمثال البرونزي كان يحتاج الى الترميم سريعا، لافتا الى ان القطع البرونزية كانت موصولة ببعضها البعض على الطريقة الرومانية من دون تلحيم حيث سبك في مسابك اوروبا يومها، معتبرا ان وجوده في اهدن من سنة 1932 عرضه للرطوبة ومياه الامطار التي تغلغلت داخله كونه موصولا ببراغي ولا يوجد اي مجرى لتصريف هذه المياه، ما ترك تأثيرا على البراغي التي تم وصل القطع بها حيث تأكسد بعضها واختفى البعض الاخر، ما استدعى ترميما لاسيما لبطن الحصان، كاشفا ان مجموعة من الشباب التي كانت تهتم بصيانة التمثال اعتبرت ان القيام بطلائه يحفظه ويمنع المياه من التسرب اليه الا ان هذه الطريقة افقدت التمثال قيمته الفنية.
وكشف بصبوص انه تم الاستعانة بخبراء اجمعوا على ضرورة ترميم التمثال للمحافظة عليه، واستبدال كل البراغي ومنع الرطوبة مع ازالة الطلاء لاعادة رونقه الفني المشغول بمادة البرونز المؤكسدة مع المحافظة على اللون المؤكسد.
ولفت الى انه تم نقل التمثال الى محترفه اي محترف النحات نبيل بصبوص في راشانا حيث تم استبدال البراغي التي تعرضت للصدأ ونشر التي لا يمكن فكها واستبدالها ببراغي مصنوعة من مادة الستانلستيل لمنع التأكسد مع اظهار التفاصيل الصغيرة للتمثال واعطاء رونق وحياة لهذه التحفة المميزة عبر التقنيات الحديثة.
واوضح انه تم ايضا تلحيم التفسخات والشقوق بمادة لم تكن تستخدم في ذلك العصر بالاضافة الى حمايته بمادة الشمع.
من جهته يؤكد الناشط الاجتماعي سركيس الزلوعا الذي واكب عملية الترميم ان التمثال انزل عن قاعدته في 10 اذار الماضي ليعود في نهاية شهر حزيران ذخيرة لاهدن وكتلتها الرابضة في وسط البلدة التي احبها كرم كما احب لبنان الذي قال لاجله جملته الشهيرة “فلاضح انا وليبق لبنان”، لافتا الى ان اعمال الترميم شملت ايضا القاعدة الحجرية السماقية المستخرجة من مقالع اهدن آنذاك، كما اللوحة الرخامية التي تؤرخ حدث رفع التمثال في المكان، كما طالت الاعمال الحديقة المحيطة بالمكان لتصبح الاعمال كاملة متناسقة مع بعضها.
ولفت الى ان عملية سبك التمثال وجلبه الى اهدن تمت بهمة الاب سمعان عاقلة الذي جمع التكاليف في اميركا من جمعيات تحمل اسم يوسف بك كرم ومن اهدنيين، موضحا ان التمثال عاند الاحوال الجوية والعواصف والثلوج الا انه احتاج الى ترميم سريع كي يعود الى رونقه وهو يشكل ذخيرة لاهالي اهدن والجوار ويقصده الاف السواح سنويا لالتقاط الصور الى جانبه.