دعاء خطاب
@doaa26
لم يعد «الغزو التركي» لسوق الدراما المصرية مقصورا على عرض أعمال تركية مدبلجة على القنوات الفضائية، ولكنه توغل ليشمل الاستعانة بممثلين أتراك، يلعبون أدوارا رئيسية في الأفلام أيضا، لكن هذه المرة بذكاء يحسب للجهات الثلاث المنتجة لـ «كازابلانكا» الذي يعرض حاليا بفوكس سينما الكويت، حيث جاءت الاستعانة بالنجم التركي (هاليت) خالد أرغنش الشهير بالسلطان سليمان ليجسد دور رئيس العصابة الأجنبي في المغرب، وتحديدا مدينة كازابلانكا، حيث تدور أحداث الفيلم في إطار الأكشن والإثارة والتشويق والكوميديا أيضا، وتعد هذه هي المرة الثانية التي يستعين فيها المخرج بيتر ميمي بنجوم أجانب لتسويق أعماله، بعد النجاح الذي حققه سابقا في فيلم حرب كرموز الذي جمع فيه بين المثل الإنجليزي سكوت أدكنز والنجم المصري أمير كرارة.
ويبدو أن الكيمياء بين المخرج بيتر ميمي والفنان أمير كرارة بعد سلسلة نجاحات كلبش بأجزائه، و«حرب كرموز» هي السبب في تعاون الثنائي مرة أخرى، معلنين عن نجاح جديد مستحق، ولم لا وقد استطاع ميمي إعادة اكتشاف قدرات كرارة التمثيلية وساهم الأخير في صناعة اسم سيشكل طفرة في عالم الإخراج خلال السنوات المقبلة.
الأعلى إيرادات
وحين نتحدث عن فيلم حقق أكثر من رقم قياسي خلال فترة وجيزة منها أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما، وأسرع فيلم يتخطى حاجز الـ 50 مليون جنيه، فلابد أن ننظر إلى عناصره مجتمعة، فنجد أن البداية كانت في فطنة المؤلف والسيناريست هشام هلال لاستثمار النجاح الذي حققه النجم أمير كرارة في «طرف تالت» و«حواري بوخاريست» وتحديدا في أدوار الأكشن التي لاقت استحسان جمهوره وتوج بلقب «باشا مصر».
نسخة أميركية
ورغم نفي منتجي العمل الثلاثة، شركة سينرجي فيلمز ووليد منصور والطاهر برودكشن تشابه أحداث الفيلم مع النسخة الأميركية لـ «كازابلانكا»، الحائز على ثلاث جوائز أوسكار، إلا أنه ورغم اختلاف الأحداث الفرعية للعملين، يمكن القول إن النسخة العربية مستلهمة من النسخة الأميركية، وذلك من خلال تغليف قصة رومانسية بأحداث تشويقية، تدور حول ثلاثة أصدقاء شكلوا عصابة للسطو على السفن البحرية، لقبوا بعدها بـ «وحوش البحر»، لفتوا انتباه عصابة مافيا، دفعتهم لتكليف «الثلاثي»، بالسطو على شحنة ألماس قادمة على متن السفينة «كازابلانكا»، إلا أن خيانة غير متوقعة من أحد أفراد العصابة، الذي قرر تنفيذ العملية بمفرده والهرب إلى المغرب تقلب الأحداث رأسا على عقب، وتقود إلى حرب بين الثلاثة وتفتح أبواب الانتقام، ولعل من أبرز أوجه الشبه بين العملين، هو تلك الجمل والتعابير التي نطقها الأبطال في الفيلم وستشكل إرثا حيا في الثقافة اللغوية الشعبية كما حدث مع نظيره الأميركي.
عناصر العمل
لابد أن نعترف بأننا أمام فيلم أكشن مصري مصنوع بحرفية وإنتاجية عالية وإبهار بصري ومؤثرات وموسيقى تصويرية لا تفرق كثيرا عن تلك التي نشاهدها في هوليوود، ولا يستخف بعقول المشاهدين رغم وجود بعض المشاهد الفانتازية، إلا انك تتقبلها نظير استمتاعك بالأداء المبهر لنجوم الفيلم الذين أثبت كل منهم انه أعاد تقديم نفسه للمشاهدين، فأداء غادة عادل لشخصية المشاغبة النصابة كان أشبه بالهوليوودي خاصة في مشاهد الاشتباكات والمطاردات بالدراجة النارية، وكذلك الفنان إياد نصار صاحب «اللوك» الأغرب والأقرب إلى أفراد عصابات الشوارع وانصهاره في الشخصية بطريقة السهل الممتنع، وأضاف وجود النجمة لبلبة حالة من البهجة كان الفيلم بحاجة لها، ورغم قلة مشاهدها إلا أنها وظفت في سياق العمل بشكل معتدل لم يخل بالتأكيد من الكوميديا، فيما كان أداء الفنان الصاعد أحمد داش لافتا لانتباه الجمهور والنقاد سيان، ومنبئا بمشروع فنان في طريقه لحجز مكانه بين النجوم، ولنا عند الفنان الذكي عمرو عبدالجليل وقفة، فهو الوحيد الذي لا تستطيع كمشاهد أن تغبنه أو تكرهه في أدوار الشر لأنه ببساطة خفيف الظل بشكل غير مصطنع وهو يراهن على ذاكرة الجمهور والسينما فتجد أنك تذكر له بعد كل عمل يقدمه «إيفيه» أو جملة مركبة غريبة لكنها تخلد.
أوراق رابحة
وكان اختيار ضيوف الشرف بهذه العناية إحدى الأوراق الرابحة في العمل، فظهور نيللي كريم لدقائق كان مبهرا ومثيرا في اشتباك الملهى، وكذلك يصاحب ظهور بيومي فؤاد حالة من الفكاهة والضحك، ولم يلغ غياب محمود البزاوي عن أفيش الفيلم أهمية دوره ولم يقلل من مهاراته التمثيلية، وأجاد الفنان أحمد فهمى بالـ«voic over» ما جعل قصة الفيلم بسيطة وسهلة على الجمهور المتواجد في دور العرض، فضلا عن «الأفان تتر» التي قدمها فهمي، والتي أوضحت قصص الأصدقاء الثلاثة وحكايتهم مع سرقة «السيارات» من ميناء الإسكندرية، فضلا عن ظهوره في المشهد الأخير كاشفا أنه لازال على قيد الحياة ومغيرا لسير الأحداث كما أن ترك النهاية مفتوحة ينذر بوجود جزء جديد من الفيلم.
ورغم الأزمة التي يعانيها الفيلم مؤخرا، بعد تقدم شركة مغربية بوقف عرضه، وسحب جميع نسخه من جميع دور العرض خارج وداخل مصر، بدعوى خلافات مالية، إلا أنه قد حقق نجاحا جماهيريا منقطع النظير وحجز لنفسه مكانة خاصة تبعده عن المنافسة وتجنبه الخسائر المحتملة.