د. وسام صعب -
قد تبدو المشهدية الأولى من مسيرة الوزير جبران باسيل السياسية إستثنائية بعض الشيء فيما لو إستعرضنا محطاتها بعين المراقب ولكن بمقاربة موضوعية بعيدة عن منطق المحاباة، لوجدنا أن هذا الرجل بما يملك من صفات ومقومات فائقة التميز إستطاع سريعاً أن يحجز المقاعد الأولى في الحياة السياسية اللبنانية وبالتالي أن يكون رقماً صعباً في المعادلة اللبنانية المعقدة بشكلها ومضمونها وحيثياتها، وهذا ما جعل مرماه معرضاً أكثر من غيره للإستهداف السياسي على أكثر من صعيد وجهة سياسية، وذلك كإشارة واضحة على عدم رضى بعض الأفرقاء السياسيين على طروحاته وبالتالي التلويح بإستعمال حق الفيتو لقطع الطريق أمامه للحؤول دون وصوله إلى رئاسة الجمهورية بعدما ظن البعض أن باسيل قد إستعجل الشيىئ قبل أوانه عندما قررفتح هذا الملف باكراً كوريث محتمل للرئيس عون أو كإمتداد لعهده.
ولكن في الحقيقة دعونا نقول ان كل من عرف الوزير باسيل أو عرف نمط وأسلوب تفكيره أو دقق في كيفية تعاطيه السياسي اليومي، أيقن جيداً أن لهذا الرجل حسابات سياسية لا تقوم أو ترتكز على الأنماط التقليدية في التعاطي السياسي المباشر مع أية حالة قائمة أو مستجدة ...
فالوزير باسيل سواء هادنته أو خاصمته، أحببته أم لم تحبه، فهو في حقيقة الامر يعكس حالة سياسية فريدة لا بل ظاهرة إستثنائية لم يعرف مثيلها لبنان على مدى تاريخه السياسي الحديث، حيث أن الأنماط التقليدية للتعاطي السياسي لم ترق لهذا الرجل كما ولم تستهو مزاجه السياسي في اي حين، فشكّل بذلك حالة إستثنائية مستقلة لا تشبه أحداً من أترابه السياسيين كما لم يكن بحاجة ليصطنع الكاريزما لنفسه للتشبه بأحد، فجبران باسيل هو جبران باسيل، هذه الظاهرة المتميزة في الحياة السياسية اللبنانية، وهو ما جعل إستهدافه على المستوى السياسي يبدو أكثر سهولة من غيره في كل محطة يكون فيها زائراً أو مخاطباً أو محاوراً أو محاضراً.
وعلى هذه دعونا نلقي نظرة سريعة على واقع المشهد السياسي اللبناني عامة التي يتصدر عناوينه عهد الرئيس عون ، لنرى ربما الصورة أكثر وضوحاً من هذه الزاوية .
فجبران باسيل، وكإمتداد طبيعي للعهد، وكرئيس للتيار الوطني الحر،وكوريث سياسي للرئيس عون، هوجم وإتهم وإنتُقد، فتارة بالعنصرية وطوراً بالطائفية والمذهبية ومرات من منطلق اعتقاد البعض نه قد فتح معركة رئاسة الجمهورية باكراً قبل اوانها على إعتباره المسيحي الأقوى في هذه المرحلة . وانطلاقا من هذه الاعتبارات لا يزال الوزير باسيل يتلقى الضربات والنيران السياسي والإرتدادات، ذلك أنه يخطئ من يظن أن باسيل بتعاطيه السياسي والحزبي كوزير للخارجية ورئيس للتيار الوطني الحر هو خارج الإطار العام لتوجهات رئيس الجمهورية وتوجيهاته وما يرسمه هذا الأخير من عناوين عريضة أو تفاصيل تحكم هذه المرحلة من العمل السياسي أو الحزبي. ومن هذه الزاوية تحديداً تتوضح الصورة لتصبح المسألة على الشكل التالي ما يواجهه باسيل من انتقادات سيرتدّ بتداعياته ليصيب الرئيس عون والعكس قد يكون صحيحا، وهذا ما يجعلنا نجزم على أن العهد لا يزال مستهدفاً سياسياً وعلى اكثر من صعيد وهو لا يزال تحت مرمى نيران خصومه السياسيين والتي كان آخرها النكتة السمجة التي ضجت بها مواقع التواصل الإجتماعي عن كون الرئيس عون قد خصص من ميزانية رئاسة الجمهورية ستة ملايين دولار أميركي ليقيموا له تماثيل من حجر هي في الحقيقة تماثيل لا تشبه الجنرال الذي عرفناه على مدى سنين من النضال و الذي يأبى أن يكون صنماً جامدا من حجر. كأكث
فجبران باسيل في الميزان السياسي اللبناني قد تكون كفته راجحة...