لارا الهاشم -
ليس الإرهابي عبد الرحمن مبسوط الذي أسقط أربعة شهداء للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي نموذجا عن جميع أبناء طرابلس. فأحمد (إسم مستعار) شاب طرابلسي شارك في القتال في القصير في صفوف الجيش الحر عن قناعة كما يروي عبر tayyar.org ثم عاد إلى لبنان نتيجة إصابته حيث قضى ثلاث سنوات في السجن. أما اليوم فيبحث أحمد عن عمل ليعيل عائلته ويعتاش من مساعدات إخوته في بلدان الإغتراب، فيما يخبرك عن المشايخ الذين غسلوا أدمغة الشبان وشجعوهم على القتال ثم تركوهم في منتصف الطريق.
أحمد واحد من 950 لبناني التحقوا بداعش وجبهة النصرة أثناء الأزمة السوريةبحسب احصاءات أمنية. 250 منهم قتلوا وحوالى ال 280 لم يعودوا، مقابل 420 عادوا إلى لبنان وحوكموا أمام القضاء. كثر من هؤلاء نادمون على القتال في سوريا ويعتبرون أن ثمة من غرّر بهم. قلّة من الذين خرجوا من السجن هم على غرار المبسوط الذي حمل معه هذا الفكر المتطرّف، فيما لم تظهر التحقيقات بعد أي ارتباط له بمجموعات إرهابية في الخارج وفقا لمعلومات tayyar.org.
التحقيقات لدى مخابرات الجيش مع 14 شخصا لا يزالوا موقوفين من أصل 26 ، وهم من الحلقة التي كانت مقرّبة من المبسوط، أظهرت أن علاقات الأخير كانت محصورة في الداخل من دون أن يكون منتمياً إلى فصيل أو خلية إرهابية.
في المعلومات الأمنية أن من بين الموقوفين الشخص الذي باعه السلاح، لكن توقيفه لا يعني حتماً أنه متورط بالجريمة الإرهابية إذ لم يثبت حتى الساعة علمه بسبب شراء السلاح أو الهدف من استخدامه. علما أن المبسوط سبق وباع عفش منزله لشراء سلاح الكلاشينكوف و قنابل وأمشاط.
لا تقلّل مصادر عسكرية من حجم العمل الإرهابي الذي ضرب عاصمة الشمال ومن ارتداداته السلبية إن كان على أهالي الشهداء الذين غُدروا أو على ذاكرة الطرابلسيين، لكنها في الوقت عينه ترفض تعميم صورة الإرهاب مجدّدا على بعض المدن والمناطق اللبنانية. يُدرك الجيش اللبناني أنه في المواجهة مع خلايا إرهابية تعمل في الظلمة وتحاول التمدّد كالسرطان، بعدأن أُسقطت المجموعات الإرهابية الكبرى التي كانت تتحصّن في جبال السلسلة الشرقية وتؤسّس لإمارات في الداخل.
هذا الحذر بدا واضحا في كلام قائد الجيش العماد جوزاف عون خلال تفقده كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان منذ أيام قليلة، حين قال أن "الجيش يتعامل اليوم مع عدو إرهابي غير تقليدي متخفّ بين الناس حيث التعقيدات كثيرة وغير واضحة،لافتاً إلى أن الإرهاب يتحيّن الفرص من خلال بعض الخلايا لبث حقده في المخابرات". لكنه القائد لفت في الوقت عينه إلى أن تطوّر مديرية المخابرات وجهوزيتها أحبط الكثير من هذه المحاولات، علماً أن عمل هذا النوع من الإرهابيين ليس سهلاً مع اعتماده تقنية "الذئاب المنفردة" وفقا لمصادر عسكرية ل tayyar.org. فهؤلاء الأشخاص ينفذون هجمات بشكل منفرد من دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، او من خلال مجموعات صغيرة من خمسة أشخاص كحد أقصى.
لكن في مقابل هذه التحديات، تؤكد مصادر عسكرية ل tayyar.org أن الوضع الأمني في لبنان لا يدعو للخوف أو للقلق، بل للجهوزية والحذر اللذين تضعهما استخبارات الجيش في صلب عملها. فالأحداث الفردية المتنقلة بين بيروت وبعلبك وغيرها لا تعني أن الأمن متفلت لأن الجيش تمكّن بسرعة قصوى من ضبط الأوضاع وتوقيف المتورطين.
إذا مع انطلاق الموسم السياحي الصيفي، لا خوف على لبنان ولا على السياح القادمين، لأن الأجهزة الأمنية بكامل جهوزيتها وعين الجيش ساهرة في الداخل وعلى الحدود لمنع أي اضطراب قد يعكّر صيفاً واعدا. لكن الخوف هو على طرابلس التي تحتاج إلى خطة إجتماعية متكاملة تعيد دمج من سيخرجون من السجون وتخلق فرص عمل لهم ولمن خرجوا منعاً لتكوّن حالات ثائرة قد تولّد تطرّفاً، غير مبرّر طبعاً، لكنه في كثير من الحالات نتيجة التهميش والعوز.