اشتهرت الكاتبة المسرحية الأميركية، إيف إنسلر، في تسعينيات القرن الماضي من خلال مسرحية تحت عنوان: مونولوج المهبل، وكانت عرضا يحتفي بجرأة بأجساد النساء.
وقد استعرضت المسرحية تجارب جنسية لعدد من النساء، سواء كانت بالإكراه أو رضاهن. وقُدمت في أكثر من 140 دولة لتحطم المحظورات وتتجاوز المحرمات، وتبكي الجمهور تارة وتُضحكه تارة أخرى.
وكشفت إنسلر، ناشطة في مجال حقوق المرأة حالياً، لبي بي سي أن مسرحيتها الأخيرة التي تحمل عنوان “اعتذار”صادمة كمسرحيتها الأولى ولكن بشكل مختلف جداً، فهي مستمدة من تجربتها الحقيقة، ومقتبسة من كتيب أشبه برسالة، كتبه والدها لها يعتذر فيها عن الطريقة التي ارتكب بها اعتداءاته الجنسية ضدها منذ طفولتها، وقد تحولت هذه الاعتداءات إلى عنف جسدي بعد أن بلغت العاشرة من عمرها ورفضت طلبات والدها.
تتذكر الكاتبة في الحوار الذي أجرته معها بي بي سي، طفولتها بكل تفاصيلها الدقيقة وتقول: “أتذكر أنني كنت سعيدة عندما كنت في الخامسة من عمري، وكنت أعشق والدي، لكنني شعرتُ لاحقاً أن هناك خللا ما رغم أنني لم أفهم وقتها ما كان يحدث لجسدي”.
وتتابع: “كانت هناك أمور تحدث لجسدي، لم تكن باختياري. وأحببتُ والدي أكثر من أي شيء آخر في العالم، لذلك انتابتني مشاعر مختلطة، مشاعر كان هو المسؤول عنها، أحسستُ بالخطأ وكل تلك الأشياء المعقدة المرعبة”.
ومع استمرار ذلك لفترة طويلة، شعرت إنسلر بأنها لا ترغب أن يستمر ما يقوم به والدها. كان هيام والدها بها غريباً ومبالغاً، وغلب على كل شيء في العائلة.
وبدأت الأمور تتغير، عندما قررت رفض طلباته والابتعاد عنه عندما بلغت العاشرة من عمرها، وتظاهرت في إحدى الليالي بالموت، فلم يعتدِ عليها والدها تلك الليلة، لكن الأمور أخذت مجرى آخر، ليتحول اعتداءه إلى نوع آخر.
اعتراف الأم
تقول الكاتبة إن والدها لم يكن يحبها فحسب، بل كان مهووساً بها، ولم يكن ذلك خافياً على أحد في العائلة، إلا أنها لم تعلم فيما لو كان إخوتها على دراية بطبيعة العلاقة بينهما أم لا.
أما والدتها، فقد اعترفت بعد سنوات طويلة بعلمها بالاعتداءات الجسدية التي كانت تتعرض لها في طفولتها.
وفيما بعد قالت لها الأم: “كنت أعلم بما يجري، فقد كانت كل العلامات موجودة على جسدك، وكنت تعانين من الالتهابات دائماً وتستيقظين ليلاً بسبب رؤية الكوابيس، بالإضافة لهذا كانت شخصيتك تتغير”.
كما اعترفت والدتها لاحقاً، أن عمَّ الطفلة انتبه ونبَّه زوجة أخيه من اهتمام وتصرفات أخيه المبالغة بطريقة غير مألوفة. وتقول إنسلر: ” لم أكن على علم بمدى معرفة والدتي في ذلك الوقت بطبيعة العلاقة بيني وبين والدي، وفيما لو كانت قادرة على الاعتراف بشيء من هذا القبيل”.
اعتداء جسدي
ورداً على سؤال بي بي سي، فيما لو تلقت أي دعم في تلك المرحلة، تقول: “كانت لدي خالة رائعة، بالإضافة إلى مربيات كنتُ أحظى بمحبتهن ورعايتهن، أعتقد أنهن أنقذن حياتي”.
توقف والدها عن الاعتداء الجنسي عليها وبدأ بالإيذاء البدني وضربها بعنف، وعن تلك المرحلة تقول: ” كنت كالمنفصلة عن نفسي، لكننا نعرف جميعاً صفات المعتدي جيداً وكمية المشروبات التي يتناولها، وكيف يكون مزاجه وماذا تعني خشونة أو نعومة صوته على حد تعبيرها.
“أتذكر والدي عندما كان يناديني من الطابق العلوي، كنت أستطيع تخمين مدى عنفه من نبرة صوته”. وتتابع: “كنت أركض إلى المرآة وأقول لنفسي بصوت عالٍ. لن تكوني هنا. لن تشعري بشيء. لن يستطيع إيذاءك. لقد ذهب بعيدًا. لن تكون هنا. لن تشعري بشيء. لن تشعري بأي شيء يفعله بك”.
كثيراً ما كانت إنسلر تهرب من الواقع وتنفصل عن ذاتها عن طريق اللجوء إلى الكتابة. وتقول: “ابتكار شخصيات خيالية والعيش معها، فصلني عن الألم الذي شعرت به مراراً”.