ليلة القبض على الجامعة اللبنانية، الجامعة ممثلة بالهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين، تواجه محاولة اخضاعها بالقوة لشروط «سيدر» تخفيض أرقام الموازنة مع ارتفاع الحاجات المالية لتلبية اتساعها، وهي تضم ما لا يقل عن 80 ألف طالب، وفرض حسومات وتخفيضات على المنح والتقديمات الاجتماعية، فضلاً عن رفع نسبة الحسومات التقاعدية، والاطاحة بصندوق التعاضد، الذي صدر بمرسوم أيام حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي عهد الرئيس المرحوم إلياس الهراوي، في خطوة إصلاحية، تحمي الأمن الصحي والاجتماعي لأساتذة الجامعة الوطنية..
خلافاً، لما أوحت به تصريحات وزير المال علي حسن خليل ووزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب من ان إضراب أساتذة الجامعة على طريق الانفكاك، والعودة إلى مقاعد الدراسة، ومعالجة عدد من المطالب، واعتبار المطالب الأخرى المتبقية قيد المعالجة بعد إقرار الموازنة للعام 2019، أظهرت الوقائع ان رئيس الهيئة التنفيذية يوسف ضاهر، شعر بامتعاض، واعتبر ان لا قيمة عملية لأية وعود، وسرعان ما عاش نقابيون أجواء الشعور بأن الإضراب قيد الاجهاض، فتنادوا للتجمع في بيت الرابطة، مقر الرابطة الرسمي في بئر حسن، حيث توافد مئات الأساتذة والطلاب في موقف تضامني، في وقت عقدت فيه الهيئة التنفيذية اجتماعاً استثنائياً لمعالجة الموقف، واتخاذ القرار المناسب، بما في ذلك الاستمرار على الإضراب أو وقفه..
وليلاً، عاد الوزير خليل وغرّد ان ما يُحكى عن ضغوط تمارس على رابطة الأساتذة غير صحيح، والحلول المطروحة تراعي الجميع ونعيد ونؤكد ان همنا الأساسي هو الطلاب، وثم الأخذ بمعظم هواجس الأساتذة.. مع العلم ان للاساتذة مطالب وليس هواجس..
واستمر النقاش لينتهي إلى الاستمرار بالإضراب المفتوح وسط أسئلة ملتبسة بانتظار الصباح..
تحضيرات لمجلس الوزراء
في هذه الاثناء، لم يتحدد بعد موعد لجلستي مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، وان كانت بعض المعلومات تُشير إلى احتمال انعقاد جلسة الثلاثاء في القصر الجمهوري، وجلسة الخميس في السراي الحكومي، ولكن لم يتأكد شيء رسمي بهذا الخصوص، سوى انه يجري تحضير جدول أعمال الجلسة الأولى، وانه سيكون حافلاً بالبنود نظراً لتعذر انعقاد مجلس الوزراء منذ أكثر من شهر وتراكم المواضيع.
وكشفت مصادر وزارية في هذا السياق، عن ان الوزراء الذين انشغلوا عن أمور وزاراتهم بسبب انهماكهم في جلسات درس الموازنة، يعملون حالياً، كل في وزارته، على تحضير ملفاته والمواضيع المتعلقة بشؤون عمله من أجل عرضها على الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لتحضيرها وادراجها على جداول أعمال الجلسات المقبلة، بحسب الأولويات، خصوصاً وأن التوقعات تُشير إلى ان الحكومة سيكون في صدارة عملها موضوع التعيينات، قبل ان تتحضر لاحقاً لدرس مشروع موازنة العام 2020 فور احالته من قبل وزارة المال في الموعد المحدد طبيعياً، أي خلال الشهرين المقبلين.
واعربت مصادر وزارية عبر «اللواء» عن ارتياحها لما تفاهم عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري اول من امس وقالت ان هناك انتظارا لترجمة مفاعيل هذا اللقاء من خلال ما يمكن ان تنجزه الحكومة لافتة الى ان ملف التعيينات يعد من اولوية الحكومة وكذلك تعيين رؤساء مجالس ادارات لبعض المؤسسات، لكن لم يعرف ما اذا سيدرج في جلسة الأسبوع المقبل او الذي يليه، وتحدثت المصادر نفسها عن تعيين ملح ولاسيما ذلك الذي يشمل وزارة العدل اي مدير عام الوزارة، ومدعي عام التمييز ونواب حاكم مصرف لبنان، وكذلك رئيس مجلس شورى الدولة ومراكز اخرى، علماً ان ثمة ٣٦ مركزاً شاغراً في ادارات الدولة.
ورأت المصادر ان هناك ملفات مؤجلة من جلسات سابقة وتنتظر البت، منها المخطط التوجبهي للمقالع والكسارات واخرى تتصل بوزارة الطاقة. واشارت الى ان الجو في الإجمال هو جو عودة انتظام عمل المؤسسات ولاسيما مجلس الوزراء، ولفتت الى ان موضوع التعيينات على وجه الخصوص لن يكون سهلا مع بروز وجهة نظر احد المكونات في الحكومة اي «القوات اللبنانية» بالنسبة الى ايجاد آلية واضحة في هذا الشأن وبالتالي سيكون من الضروري تأمين ارضية تفاهم او توافق من اجل إصدار هذه التعيينات، وتحديداً في ما يخص المراكز المسيحية.
الموازنة
الى ذلك، كشفت مصادر نيابية متابعة لعمل لجنة المال والموازنة لـ«اللواء» بأن جميع أعضاء اللجنة يبذلون أقصى جهودهم للانتهاء من دراسة مشروع القانون المحال من الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأن هذا الأمر مطلوب من كافة القوى السياسية في البلد، نظراً لأهمية ودقة بنود المشروع.
وأضيف إلى هذه الأهمية، عامل جديد طرأ على صعيد الأوضاع في المنطقة، يتعلق بالتصعيد الحاصل في الخليج مع احتمال اندلاع حرب أو حروب الواسطة، بين واشنطن وطهران، ما دفع برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى إبداء نصيحة عبر تغريدة «تويتر» رأى فيها انه «من الأفضل ان تنجز الموازنة بسرعة من دون التعرّض للاجور، بل ضبط القطاعات الأخرى التي جرى اغفالها أو التهرب منها، وذلك تحسباً للاسوأ».
وقال جنبلاط في تغريدة أخرى ان «الضريبة على معاشات المتقاعدين هي قمّة الظلم والاحتقار بحق الموظفين وأفراد القوات المسلحة والكادحين في خدمة المواطن طوال حياتهم من قبل هذه الطبقة المالية الحاكمة الحديثة النعمة من الخواجات الجدد ومن لف لفهم من السماسرة في الدوائر العليا».
ومن جهتها، أكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوري أمس، بأنها «تحرص على المساهمة الجادة الفاعلة لخفض العجز في الموازنة وزيادة الإيرادات ووقف الهدر والانفاق غير المجدي، وعدم المس برواتب الموظفين، وعدم تكليف المواطنين من ذوي الدخل المحدود أعباء ضريبة جديدة تزيد من معاناتهم المعيشية الضاغطة»، وأعربت عن تقديرها بأن هذه الموازنة رغم الجهود التي بذلها وزير المال الا انها لم تخرج عن المألوف في الموازنات السابقة، ما خلا بعض التحسينات والمقاربات لأمور لم تكن تلحظ في الماضي.
وكانت اللجنة التي ألغت اجتماعها اليوم لمصادفته يوم الجمعة، على ان تواصل جلسات مناقشة بنود الموازنة يوم الاثنين المقبل، قد أجمعت على ان لا نية لدى النواب بتخفيض الإيرادات أو المس بنسبة العجز، وأكدت ان أي شطب للايرادات سيقابله اقتراحات عملية، رغم تعليق بعض البنود المتعلقة بالضرائب مع ابقائها ضمن الملف المتعلق بضريبة الدخل بالنسبة للمتقاعدين بانتظار السلة الكاملة.
وأقرت اللجنة المادة 45 المتعلقة بالرسوم التي تستوفيها وزارة العمل من العمالة الأجنبية دون أي استثناء للفلسطينيين والسوريين، وجرى التصويت على إسقاط المادة 43 المرتبطة بفرض رسوم على الشقق السكنية والغرف الفندقية، لكن بناء على طلب النواب سيتم الاستماع إلى وزراء السياحة والعمل والاشغال لإبداء وجهات نظرهم، كما أقرّت المادة 44 المرتبطة بتعديل رسوم السير للمركبات الأمنية والدراجات النارية.
وأبرز ما أقرّ في الجلسة المسائية هي المواد المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي، وبإلزام البلديات بالتصريح عند ترخيص بإشغال عقاري لشركات ومؤسسات تجارية وبإجراء مسح ميداني بمن يتواجد ضمن نطاقها مع أو من دون ترخيص، كما عدلت المادة المتعلقة بالرسم على النارجيلة وبات على الأماكن المخصصة للتدخين.
زيارة الوفد الروسي
على صعيد آخر، اكد السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبكين لـ«اللواء» ان الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى سوريا الكسندر لافرينتييف، سيصل الى بيروت مطلع الاسبوع المقبل مع وفد رفيع المستوى من وزارة الخارجية الروسية المعني بالوضع في سوريا، من اجل البحث مع كبار المسؤولين اللبنانيين في تطورات الوضع السوري وبخاصة تحريك مسار آستانة لتحقيق الحل السياسي، باعتبار أن لبنان من دول الجوار السوري المعنية بتطورات الازمة السورية ومساعي الحل السياسي لها.