قضاة كبار "يتوسّلون" بلدية بيروت!
2019-06-13 06:20:59
""أن تُنشأ جمعيّة ذات منفعة عامة في لبنان، خبرٌ أكثر من عاديّ في ظلّ تفريخ الآلاف منها وسط حال الفوضى والتسيُّب المستشري. ولكن أن تقوم جمعية خاصة بإستخدام مرفق عام من مقرّ وأرقام هواتف وموقع الكتروني بحجّة مساندة أعلى سلطة قضائية في لبنان هي "محكمة التمييز"، هو أمر مستغرب!في التفاصيل، وجّهت "الجمعيّة اللبنانيّة لإحياء تراث محكمة التمييز ونشر ثقافتها - التمييز تراث وثقافة"، (علم وخبر رقم 578 تاريخ 18/4/2018، الجريدة الرسمية العدد 23 تاريخ 25/4/2019)، كتابًا الى بلدية بيروت، بتاريخ 13/5/2019، تطلب فيه المساندة المادية لتمويل انشطة احتفالات مئوية محكمة التمييز، مذيلاً بأرقام هواتف قصر العدل للاستفسار.ففي قراءة كتاب طلب "الدعم" الموجه الى بلدية بيروت والذي حصل "" على نسخة منه ما يثير العديد من الاسئلة القانونية، أولها أحقيّة استخدام مبنى "قصر عدل" بيروت للجمعية المذكورة، علما ان مؤسسيها هم قضاة رفيعي المستوى، احيلوا الى التقاعد، ومشهود لهم بتاريخ طويل في العمل القضائي، وبالتالي كانوا يشرفون على حسن سير العدالة وتطبيق القوانين!ومما جاء في كتاب الجمعية:"يُصادف العام الجاري الذكرى المئوية الاولى لإنشاء محكمة التمييز اللبنانية، والتي في عدادها استضافة ثلاثة مؤتمرات قضائية دولية... ولإنجاح الانشطة المشار اليها ولأجل إبراز تُراث محكمة التمييز وتعزيز دورها، أنشئت في بيروت الجمعية المسماة "الجمعية اللبنانية لإحياء تراث محكمة التمييز ونشر ثقافتها - التمييز تراث وثقافة".وتقول الجمعية في كتابها، أن "إنجاز الاحتفال المذكور أعلاه، يستدعي تخصيص مبالغ مالية غير متوافرة نظراً للظروف العامة الراهنة، الامر الذي دفع الجمعية الى التوجه الى مقامكم (اي البلدية) للمساهمة في توفير هذه المبالغ".طلب "الدعم" هذا يوجه ضربة معنوية قاسية لصورة القضاء في لبنان، خاصة وان بلدية بيروت رفضت تقديم المساعدة المالية بحجة ضيق الوقت!ولعلّ السؤال الاكثر إلحاحاً في هذا الإطار هو اسم الجمعية، واطلاعها على أهداف "احياء تراث محكمة التمييز"، وهي سلطة مخوّلة اصدار القرارات وتكريس الاجتهادات القانونية، فما الذي تعنيه تحديدا بمصطلح "تراث المحكمة"؟ وهل تحولت الى وجهة أخرى تعنى بالفلكلور الثقافي والاجتماعي؟من جهة اخرى، اليس من الاولى ان يكون الدعم من وزارة العدل وخزينة الدولة؟ فضلاً عن ان قبول هبات من هذا النوع يتطلب موافقة مجلس الوزراء عليه؟. والم يكن الاجدر بهؤلاء الرؤساء الاول السعي الى الاستحصال على هبات من شأن صرفها ان يساعد محاكم التمييز على الإسراع بإصدار القرارات سيما وان منها ما زال طي الادراج منذ سنين طويلة؟! والم يكن من الأفضل لهؤلاء القضاة العمل على استحصال هبات لمكننة أقلام محكمة التمييز لتسهيل المعاملات القضائية واختصار الوقت في اصدار الاحكام بدلاً من هدر أموال عامة على تراث لمحكمة غير موجود بل في طور الانشاء. وازاء ما تقدم، لا يسعنا الا الطلب من القضاة، الكف عن استجداء السياسيين والتوسل إليهم لأي ذريعة، لئلا يصبح تدخلهم في السلطة القضائية مشروعاً بحجة التمويل وتطويع رجال القانون وحماته لأوامر السّاسة وأرباب الطوائف.
وكالات