كشف الفنان العراقي المعروف سعدون جابر أسرار أغنيته الشهيرة ”خيوه بنت الديرة“ بعد أن ثار جدل حولها مع الملحن العراقي المخضرم حميد خلف البصري، في خلاف نادر بين فنانين ينتميان لجيل فني عربي عريق.
وكان البصري – وهو موسيقي عراقي تجاوز الثمانين من عمره ويمتلك سجلًا حافلًا مع الألحان – قد قال إن أغنية ”خيوه بت الديرة“ التي تعد من أشهر أغاني حقبة السبعينيات والثمانينيات الماضية، من ألحانه هو ومن غناء زوجته الفنانة العراقية شوقية العطار، وإن الفنان سعدون جابر غناها دون موافقتهما ودون أن يشير لهما.
وقال الفنان سعدون، الذي يعد من أشهر مطربي حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، في رد على اتهامات البصري له، إنه سجل الأغنية في العام 1974 في بيته، إذ لم يكن يملك ستوديو للتسجيل آنذاك، وكتب حينها أن الأغنية من إعداد الموسيقار العراقي كوكب حمزة ولحن حميد البصري.
وذكر أنه أضاف اسم الملحن كوكب حمزة لتلك الأغنية كونه من كتب موسيقاها، مشيرًا إلى أن ”كل هذا حدث ولم أكن أعرف أن الأخت شوقية قد غنتها قبلي، وقد التقيت مرات كثيرة بالملحن الدكتور حميد والسيدة شوقية ولم يشيرا لذلك، أو لأي عتب أو زعل“.
وأوضح جابر أنه استمع لأغنية ”خيوه بت الديرة“ أول مرة بصوت الملحن كوكب حمزة الذي لحن لسعدون جابر عددًا من أشهر أغانيه، مبينًا أنه كان يظن أن الأغنية من ألحانه ”حيث كان كوكب يغنيها في كل سهراتنا“.
وكان الفنان جابر يتحدث لموقع "إرم نيوز" الأردني عن أسرار ”خيوه بنت الديرة“ عندما قال ”يلاحظ المستمع كم أن الأغنية قريبه جدًا من نفس كوكب اللحني، وبعيده جدًا عن نفس الدكتور حميد، لكن الأستاذ كوكب قال لي إنها من ألحان حميد البصري. كان هذا قبل أكثر من أربعين عامًا.
وعُرفت الأغنية بالفعل عند جمهور كبير في العراق ودول الجوار، بصوت الفنان سعدون جابر الذي كان نجم تلك الحقبة، ويحفظ عشاقه عن ظهر قلب كثيرًا من أغانيه مثل ”يا طيور الطايرة“ و“زغيرون“ و ”نجوى“ إضافة لـ“خيوه بت الديرة“.
وكان الفنان البصري قد أثار الجدل حول الأغنية عندما قال ”أؤكد أنني حميد البصري ملحنها ”خيوه بت الديرة“ منذ سنة ١٩٧١ ضمن أوبريت (السابلة) وهي من تأليف شاعر الأغنية نفسه (أبو سرحان) (ذياب كَزار) الذي رفضت الدوائر الرسمية للنظام آنذاك إنتاجه، وقد غنتها زوجتي الفنانة شوقية العطار عشرات المرات في حفلات جماهيرية في العراق وسوريا قبل أن تسجلها رسميًا في تلفزيون سوريا عام ١٩٨١“.
وأضاف البصري ”كان الفنان سعدون جابر قد طلبها (الأغنية) مني في العراق قبل أن نغادره مرغمين كوننا من المعارضين للنظام (عام 1978) .. وقد أبلغته برفضي لذلك، كون الأغنية خاصة بالفنانة شوقية ضمن أوبريت (السابلة). وبعد إذاعة الأغنية من قبل التلفزيون السوري استغل سعدون جابر وجودنا خارج العراق، فسجلها دون علمي ودون ذكر اسمي كملحن .. بحجة كوني من المعارضة“.
ويقول الفنان سعدون جابر إن النجاح الذي حققته الأغنية بصوته جعل من لحنها واحدًا من أشهر ألحان أستاذ الموسيقا العراقي الذي يمتلك تاريخًا فنيًا حافلًا بالألحان التي قدمها وبالفرق الموسيقية التي أسسها وبينها ”فرقة الطريق“ التي ذاع صيتها في ثمانينيات القرن الماضي.
وقلما تثار خلافات حول الأغاني بين فناني جيل الثمانينيات والتسعينيات، ووجد الخلاف الجديد والنادر حول أغنية ”خيوه بت الديرة“ دعوات واسعة لإنهائه بشكل سريع بين جابر والبصري اللذين يحظيان باحترام واسع في عالم الفن بالاستناد لتاريخهما الفني الطويل.
ولا يزال للفنان العراقي سعدون جابر جمهور كبير في العالم العربي اليوم، وإن كان نجمه قد أفل في هذا الزمان الذي تغيرت فيه كثيرًا أنماط الغناء والألحان، مقارنة بما كان عليه في القرن الماضي عندما كانت أشرطة التسجيل القديمة التي تضم أغانيه في صدارة مبيعات محلات بيع تلك الأشرطة التي كانت يومها الوسيلة الوحيدة لحفظ الأغاني وسماعها.
كما ينتمي حميد البصري لعائلة موسيقية عراقية عريقة، عُرف في مجال الأغاني الوطنية والمقاومة، قبل أن يستقر به الحال في بلد اللجوء هولندا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بعد أن تنقل وأقام في عدة دول بينها سورية واليمن منذ خروجه من العراق في العام 1978 خشية من انتقام النظام آنذاك من المعارضين الذين انتمى لهم.
يُشار إلى أن الخلاف بين الفنانين البصري وجابر أعاد أغانيهما القديمة من القرن الماضي إلى الواجهة مجددًا، فقد جلبت ”بنت الديرة“ لشقيقاتها من أغاني الزمن الجميل، كما يسميه من عاصروه، جمهورًا جديدًا ما كان ليسمعها لولا ذلك الخلاف.