كتبت ماري الأشقر في صحيفة “الجمهورية”:
قد لا يلاحظ الأهلُ أنّ طفلهم مصاب بالتأتأة، الّا عندما يصبح في سنٍ يفترض فيه أنّ يتكلم بطلاقة، وغالباً ما يحارون في حل هذه المشكلة، التي هي نفسية في معظم الأحيان.
من هذا المنطلق تحدث الى «الجمهورية» الدكتور أنطوان بطرس قمير اختصاصي في الصحة النفسية والعصبية عن الاسباب، التي تؤدي الى التأتأة وقال: «التأتأة ليست دائماً نتيجة خلل عضوي في اعضاء النطق، بل غالباً ما تكون ذات أسباب نفسية تختلف من طفل الى آخر، وبشكل عام تعود التأتأة الى سببين نفسيين رئيسيين:
– السبب الاول هو العدوانية المكبوتة، أي شعور الطفل بعدوانية قوية في داخله، يخشى التعبير عنها خوفاً من المحيط العائلي والاجتماعي حوله. وفي هذه الحالة تكون التأتأة مظهراً من مظاهر هذا الكبت، لأنّ كلمات الغضب والسخط، التي كان يجب انّ يطلقها، تبقى على طرف لسانه».
وتابع د. قمير، «وهكذا تتوسع هذه الحالة لتشمل مجموع الكلمات والتعابير التي يعتبرها الولد خطرة، لانها تحمل معاني الغضب والغيظ.
– السبب الثاني: قد يعود الى خوف الطفل من كشف سرٍ عائلي، معروف من قِبل مجموع أفراد العائلة، ولكنه يبقى موضوعاً يحظَّر الحديث فيه. وهنا يخشى الطفل عدم قدرته على الاحتفاظ بالسر فيلجأ الى الكبت من جديد ويجد صعوبة في اخراج الكلمات من فمه».
وأوضح د. قمير عن علاج التأتأة، كما في حالة صعوبة القراءة، «أنّه كلما كان اكتشاف الحالة مبكراً كلما كان علاجها أجدى وأكثر فائدة. فالاطفال الذين يعانون من هذه المشكلة يملكون عادة مستوى ذكاء طبيعياً، الا ان خشيتهم من سخرية الآخرين تجعلهم ينعزلون على أنفسهم. كما أنّ صعوبة النطق لديهم تشكّل عائقاً أمامهم يمنعهم في المدرسة مثلا، من التعبير والمشاركة بشكل فعّال. كما أنّ الشعور بهذه الاعاقة، إضافة الى الخوف من السخرية وعدم القدرة على التعبير بشكل كاف، تولّد لديهم عقداً نفسية أخرى وشعوراً بالنقص. لذا من واجب الأهل اللجوء الى معاونة نوعين من الاختصاصيين لمساعدة الطفل على التغلب على هذه المشكلة، أولاً اللجوء الى اختصاصيٍ مقّوم للنطق، وثانياً اللجوء الى طبيب نفسي قادر على تحديد الجذور النفسية للمشكلة.