أقل من ربع ساعة كانت كافية للقضاء على القسم الأكبر من الموسم الزراعي في الضنية، وتحويله إلى أثر بعد عين، إثر موجة البَرَد غير المسبوقة التي ضربت المنطقة غروب يوم السبت الماضي، ساحلاً ووسطاً وجرداً، وقضت بشكل أو بآخر على أغلب الموسم الزراعي الذي لم يسلم منه سوى كل طويل عمر.
فحبّات البرد التي تساقطت كانت بحجم كرات صغيرة، أكبر من حبات ثمار الكرز وقاربت حجم حبات ثمار المشمش أو الجوز، وهي حبّات لم يسبق أن تساقطت بهذا الحجم وطيلة هذه الفترة الزمنية في الضنية من قبل، ما جعل الخسائر التي أصابت القطاع الزراعي في الضنية جراءها كارثية، بكل ما للكلمة من معنى.
هذه الدقائق التي أصابت أهالي المنطقة بالهلع، جعلتهم يلزمون بيوتهم ومحالهم ولا يخرجون منها، لا بل إنهم تركوا سياراتهم أو ركنوها تحت أشجار أو سقوف لحمايتها خشية تكسر بعض زجاجها نتيجة حبّات البرد الكبيرة، وهو ما أصاب بعض السيارات إضافة إلى طاولات بلاستيكية في بيوت ومطاعم خرقتها حبّات البرد كأنها رصاصات أطلقت من بندقية حربية.
بعد توقف حبّات البَرّد عن التساقط، خرج بعض المزارعين لتفقد أرزاقهم، فتبين لهم حجم الكارثة التي أصابت كثيرين منهم بالصدمة نتيجة لهولها. فثمار الأشجار المثمرة كالمشمش والخوخ والكرز والتفاح والإجاص والجوز والدراق وغيرها، تساقطت على الأرض بشكل مفجع، وما بقي على غصون الإشجار، التي تمزقت أوراقها وتكسرت غصونها، “تفجّم”، ولم يسلم من ثمار المواسم إلا النذر القليل.
وما أصاب الأشجار المثمرة ضرب أيضاً المزروعات الأرضية، كالبندورة والخيار والكوسا والباذنجان والخسّ والبصل والفلفل وغيرها، التي “نتّف” البَرَد أوراقها اليانعة، وقضى على ثمارها قبل أن تبصر النور.
مزارعو الضنّية الذين ضربوا كفّاً بكف على الخسائر الكارثية التي أصابتهم، وهو الذين كانوا يعوّلون على موسم هذه السنة لتعويض خسائر السنوات الماضية، يطالبون أن تنظر الجهات المعنية إليهم، وخصوصاً الهيئة العليا للإغاثة، لتعويضهم جزءاً قليلاً ممّا تكبدوه من مصاريف على مواسمهم هذه السنة، وأطاحت به موجة حبّات البَرَد، على أمل أن لا تكون الوعود التي ستعطى لهم حبراً على ورق، وأن تكون التعويضات توافق حجم الخسائر، لا أن يُعطوا فتات التعويضات، بينما ينال مزارعو المناطق الأخرى تعويضاتهم مع “حبّة مسك”.