"" - روني ألفافي وطني فقراءٌ كثُر. فقراء لا تراهم الدولة. تتذكرهم مصلحة حماية المستهلك في رمضان. تنساهم ثالث أيام العيد. الفقر يأتيهم على شكل كاسة مِغلي. على شكل " دوتّا " بمناسبة الولادة. يحملونه قونةً من خشب الصمت وعود الصليب. لم نولد كلُّنا فقراء. نحن الجيل الذي وُلِد على أيام نيل أرمسترنغ ويوري غاغارين. على أيام الفرقة ١٦ وبقايا المكتب " التاني". كنا نتباهى أننا طبقة وسطى. وسطى بين فقرٍ مدقع ويُسرٍ وَقِح. الفقر في بيوتِنا اليوم صار جزءاً من الأثاث. من عتبة البيت. تُسأَلُ عنه مشمّعات الموائد في البيوت الحزينة. وحدهما صورة قلب يسوع وسورة الفاتحة فوق مداخل البيوت تشكّلان تعاويذ ضدَّ الفقر. ثبت بالدليل الشرعي أن صهوة الحصان الزرقاء " متل قِلَّتِها ". شعبٌ يأكل القرآن ليشبع. يلتهم الإنجيل. شعبٌ يمضغُ الصلاة حتى ينسى جوعه للخبز. دولته كانت تأكل من صحنه. ما زالت وبشهية. عندما كنا نأكل أكثر من المعتاد كان أهلنا يتوجّسون. كانوا يجرون لنا فحوصات للدُّود في المعدة. دود الدولة منها وفيها. دولة مُدوَّدة لا تُشفى بشربة. يقال أن كل مولود لبناني يجب أن يُسدِّد عشرة آلاف دولار عند الولادة. ضريبة ولادَة. أولاد يأتون على أشكال ضرائب. يشبهون الكمبيالة. راحت مقولة " كل ولد رزقتو معو". الضريبة أكلت الرزق والرزقة. مُواطِنٌ لن يقوى على الثورة. البحث عن لقمة العيش يمنع أي بحث آخر. الشَّبع حلم الشّعب. لا شيئ أكثر. سيجوع الناس في بيوتهم لأن طموحهم وجبة. *********تشير المراجع الدولية أن ثلثنا بات يعيش تحت خط الفقر. بمعدّل مدخولٍ يناهز أربعة دولارات في اليوم. ثمانون دولاراً في الشهر. خط الفقر أخطر من خط برليڤ. الخَطّ الوطني أضعف من خط الفقر. خَطّ مقطوع لدى كل مراجعاتنا. نعاود الإتصال مرة أخرى. تبيّن أننا مقطوعون من شجرة. كَمْ مرّة ذُكرَ إسم لبنان في الكتاب المقدَّس؟ لا يبالي الفقير. يبحث كَمْ مرة ذُكِر الرغيف في بيته. أتساءلُ كيف سيكون شكل الإصلاح في لبنان؟ قمحة كاملة، تنّور أم إصلاح نخالة؟ "سيزوبيل " تسأل معنا أيضاً. لا طحين متاح لأفعال المحبّة في لبنان. وزراء أغنياء يتبادلون تُهَم متخمة دفاعاً عن " سيزوبيل " جائعة! النتيجة لا طحين. الطحين للمعارك الطاحنة فقط. للديوك وأعرافها. الدولة منهمكة بإطعام ثلاثين ألف موظّف مُتخَم. أغلب الباقين من أصحاب "الجوارير المفتوحة " على حد تعبير الوزير باسيل. موظّفون بجوارير مفتوحة ومواطنون بأفواه مفتوحة. أيهما أهم؟ الجارور أم الفم؟دولة بفتحة سقف تسير على الأوتوستراد الساحلي بين خط الفقر والخط الأحمر.سيزوبيل وثلث الشعب اللبناني يبحثون عن محلٍ لهم على المقاعد الخلفية. لا مكان في مركبة الدولة. المقاعد مكتظة بالدياسبورا وبآلافٍ ممن سيتركون ديار الله الواسعة للإستقرار في بلدهم الأم على ذمة الراوي. صحتين.