إنزال «إشتراكي» خلف خطوط «المستقبل»
2019-06-08 00:13:03
- عبدالله قمح باتَ يحلو لـ«تيّار المستقبل» خوض النزالات، وعلى كثرة الجولات أصبحت الخشية من «صيبة العين» منطقيّة، وعلى إثر ذلك باتَ ملحّاً اعادة تفعيل تدبير «الخرزة الزرقاء»! المشكلة لا تكمن في أسباب الإشتباكات المتنقّلة على أكثر من محور، بل في الجولات بأصلها، المندرجة ضمن خانة «المعارك الدفاعيّة». إذاً فـ«التيّار الأزرق» يأخذ لنفسهِ موقعاً دفاعيّاً عاملاً على صد الهجمات لا أكثر، بعد انّ جرت ترقية أمينه العام أحمد الحريري إلى رتبة «محامي الدير»..!في العادة، يُصنّف من يتلقّى الهجمات بكثرة واستمرار، ضمن خانة الضعف، على اعتبار انّ الوهن هو المصدر الطبيعي للهجمات، كذلك يمكن اعتبار انّ بعض الهجمات وظيفتها في الأساس اظهار العيوب واختبار مدى قوة التحصينات، وفي حال ثبت وجود ثغرات، تتكثّف الحملات وصولاً إلى إرهاق الجهة المستهدفة.. السؤال الذي يحتل نفوس أكثر من طرف سياسي اليوم: «هل بات تيّار المستقبل ضعيفاً إلى هذه الدرجة؟».النتائج المستخلصة عن «جولات العنف» على محاور التيّار الوطني الحر، تظهر بما لا لبث فيه، انّ مناعة «المستقبل» بالدرجات السابقة فقدت الكثير من قيمتها، ولعلّ أسباب فقدان القدرة على المناورة والهجوم والصد المحكم، إلى جانب القدرة على الرّد عبر المباغتة والهجوم، متعدّدة الأركان لكن عنصرها الأساسي يمكن في غياب «الأدوات الذكيّة»، وهذه إما جرى الإستغناء عن خدماتها، أو جمدت قواها، أو استبعدت، لا بل انّ قسماً منها بات «يشتغل» على الضفّة الأخرى مساهماً في تقديم المعلومات عن موضع الثغرات المفيدة، ليس إلّا لرد الإعتبار!هناك أكثر من طرف محسوب على تيّار المستقبل، يرصد التغييرات العظيمة التي دخلت على بنيته، لا بل يتوجّس من وجود «مزاريب» موزّعة خارج الإطار كانت في الأمس القريب «عدّة فعالة»، و بالمقدار نفسه، يخشى من ارتفاع قيمتها وبالتالي منح «تذاكر عبور» مجانيّة للاصدقاء المقرّبين أكثر من الخصوم البعيدين للانقضاض عليه في ساعة تخلي، هذا بالضبط ما يبدو انّ اصدقاء «المستقبل» قبل خصومهم استخلصوا مؤخّراً.وبينما كان البعض منشغلاً بإحصاء نتائج «المعارك» التي لم تنتهِ مع العونيين، استعر وبشكلٍ متّطرد خلاف مع الحزب التقدّمي الإشتراكي، نمى بلديّاً هذه المرّة وجرت تذكيته تويتريّاً، بعد تغريدتين، واحدة للنائب بلال عبدالله وجه خلالها انتقادات واضحة لرئيس الحكومة سعد الحريري، وأخرى «منسّقة ومتزامنة» للنائب السابق وليد جنبلاط، «لذعَ» بها محافظ جبل لبنان واصفاً إياه بـ«الموظّف الصغير عند تيّار سياسي تائه ومتخبّط في خياراته العامة».نوعيّة العبارات وشدّتها ودقّة انتقائها بحيث أريدَ لها انّ تكون مؤذية ولا سبيل سوى للرد عليها، دفعت النائب محمّد الحجار لتوجيه وابل من السهام الحادة بإتجاه المختارة، التي نالت مرادها في نقل مشكلة، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، إلى سياق ردود الفعل والتمادي اكثر في كشف أسباب الخلاف، ويبدو انها برعت في انتقاء أسباب تحريضيّة ورميها في وجه «المستقبل». المشكلة التي نبتت على قارعة طريق الاشتباك مع «التيّار الوطني الحرّ» لم يكن ينقصها «الأزرق»، والرّد عليها بهذه القسوة، يخفي بين طياته رسالة استغراب وعتب، أو في الحد الادنى غضباً من اختيار هذا التوقيت بالذات لاقحام «مشكلة بلديّة» في صلب خلاف سياسي.القصّة كلّها، كما تؤكّد مصادر مواكبة للمشكلة الناشئة بين الطرفين، يمكن تلخيصها في الخلاف الذي تفجّر فجأة حول الخيارات البلديّة الطارئة بسبب موعد طرح الثقة في المجالس البلدية بعد انقضاء المدّة النصفيّة.. ولعل بلديتي «شحيم» و «الجية» تتسيّدان أسباب الخلاف.في شحيم، تؤكد المعلومات انّ اتفاقاً جرى إبرامه بين «المستقبل» و «الإشتراكي» عام 2016، قضى باقتسام ولاية رئاسة البلديّة المحدّدة بـ 6 أعوام مناصفةً بين الفريقين، على انّ تذهب الدورة الاولى لصالح رئيس بلديّة محسوب على «المستقبل»، لكن سرعان ما جرى نقض الاتفاق بعد إصرار «الفريق الأزرق» على عدم تطبيق مبدأ المبادلة، ما يعني الاحتفاظ برئاسة البلديّة للأعوام الثلاثة المقبلة.لا بل انّ الأمور، بحسب مضبطة الإتهام «الإشتراكي»، انطوت على «نوايا مبيّتة ومقصودة وفيها أسباب تنظيميّة أخرى»، وقد تطوّرت بفعل رفض الأعضاء المحسوبين على «التقدّمي» استئناف حضور الجلسات ما دامَ انّ «إتفاق التناوب» قد جرى إسقاطه، ما عرّضهم لتهديدات طالت أرزاقهم.. ما زادَ الطين بلّة، دخول محافظ جبل لبنان المحسوب على الرئيس سعد الحريري «طرفاً» في ظل تجميده اقتراح تقدم به الأعضاء «الإشتراكيّون»، طلب تحديد موعد جلسة طرح الثقة برئيس بلدية شحيم، ما دفع بالمختارة إلى «إنزال لعنتها على المحافظ».حالياً، الأمر متروك للمعالجات مع دخول أطراف على خط الاشتباك منعاً لتمدّده أو انزلاقه. العلامة الأولى كانت حذف النائب عبدالله تغريدته، والخطوة الثانية التي يفترض انّ يجري العمل عليها الآن، «كف يد المحافظ» عن ملف بلديّة شحيم، وإيجاد إطار لحله بعيداً عن النزاعات قبل انّ تفلت الأمور من عقلها وتطيح بالمجلس البلدي للأعوام الثلاثة المقبلة.
وكالات