2024- 11 - 21   |   بحث في الموقع  
logo الخارجية تشكر اليونيسكو على “دعم لبنان واحتياجاته”.. logo أمس انتهينا logo طابور بشري بكاميرا إسرائيلية logo ملف //فيروز في التسعين// logo أثناء مفاوضاته مع هوكشتاين... نتنياهو يُبلّغ بـ "أمر الاعتقال" logo "تحريض مجاني" ضد عاصمة الشمال... ومحاولات لتفجير فتنة! logo منذ تأسيسه... لواء "غولاني" يدفع أكبر خسائره في مواجهة الحزب logo الجيش الإسرائيلي يبلغ نتنياهو: مستعدون لقبول الهدنة مع لبنان
إلى التهدئة والحوار حماية لوحدة لبنان والكيان... (بقلم جورج عبيد)
2019-06-06 13:10:07



يصرّ فخامة الرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون على كلمة سواء تجمع الجميع بعد هذا العصف الذي صار عاصفة صوتيّة وسياسيّة هوجاء واختُرِق أمنيًّا بعمليّة طرابلس. إصراره ينبع من إحساس مرهَف بأنّ لبنان قد يستهلك من جديد ساحةً "لفوضى خلاّقة" تجتاحه في ظلّ انشداد المنطقة إلى حقبة جديدة من التشادّ السياسيّ بين أميركا وإيران، وفي ظلّ انسداد الآفاق واتجاه الواقع الداخليّ بتفاصيله وعناوينه نحو العقم الخطير المنذر بانفجار قد يكون وشيكًا.
 
الرئيس عون مهتمّ بإصلاح ذات البين بين الجميع قبل فوات الأوان، ولكن... ليس على حساب كرامة لبنان واللبنانيين، وليس على حساب العهد المتوثّب للإصلاح دائمًا وابدًا. فهو يأبى أن يكون نسخةً طبق الأصل عن عهد فاتر، وقد قرأ في الكتاب العزيز ما جاء على لسان كاتب سفر الرؤيا بأن الفاتر يتقيأه الله من فمه. (كن باردًا أو ساخنًا ولا تكن فاترًا لأنّ الفاتر أتقيّأه من فمي). فخامته يرفض التلاشي لأنه نقيض التوثّب، وبلفظ الرضوخ لأنّه نقيض الإصلاح النهضويّ لواقع النظام السياسيّ المهترئ، وهو قد وضعه نصب عينيه منذ بداءة نضاله السياسيّ المرير، الذي كان في ذلك الوقت جنينًا يتحرّك في الرحم أمًا الآن فقد صار حقيقة وهو يتحرّك من العقل إلى الأرض أي إلى التجسيد. والجميع مدركون بأنّ هذا النظام السياسيّ عينًا غير قادر على تأمين الحماية للطوائف والأحزاب في ظلّ ما يحاك في الخارج، وفي معنى محاولة الخارج استهلاك الداخل اللبنانيّ لجعله ورقة ضغط في المنطقة المتوتّرة والأقاليم الملتهبة القريبة منّا والبعيدة نسبيًّا عنّا، لتنساب تداعياتها من جديد نحو الداخل بانقسامات عموديّة خطيرة.
 
ينظر فخامته بريبة إلى الأمور، وبواقعيّة يعتبر بأن لا بدّ من استجماع الأوراق كلّها وإعادة النقاش السياسيّ نحو السكينة والمقاربات العقلانيّة الهادئة حماية لوحدة لبنان الكيانيّة-الجوهريّة. وفي الجوهر لن يكون الاتجاه التهدويّ الرئاسيّ على حساب قمع الفاسدينن وهذا ما يصرّ عليه الرئيس في معظم مقارباته وخطابته وتوجيهاته. بل على العمس تمامًا، فهو يحثّ ويحفّز للانطلاق نحو ترسيخ نظم وقوانين رادعة لمنظومة الفساد، لكونها قد غدت، ويا للأسف جوهر النظام السياسيّ، وهي تهدّد بسقوط الهيكل بأسره. فالاستسلام للفساد، وبحسب الرؤية الرئاسيّة، إنهاء لكيانيّة لبنان ومحوريّة الدولة والمؤسسات فيها. فالقضيّة في عمقها وجوديّة وحلّها غير خاضع للمساومات والتسويات أو أي نقاش. ويؤكّد فخامته لمن رآه مؤخّرًا بأنّ السلطة القضائيّة وضعت يدها على الملفّات وقد بدأت بالتحقيق بها ولن تتوانى على الإطلاق من وصوله إلى خواتيمه المرجوّة والمطلوبة. وهي تنطلق بذلك من دون تدخّل من السلطة التنفيذيّة لأن النظام السياسيّ متضمّن لمسألة فصل السلطات وتوارنها في الدستور اللبنانيّ. ويعتبر فخامته أيضًا بأنّ المسألة ستستكمل وستفتح كلّ الملفّات من دون استثناءات وبلا محسوبيّات ولا افتراءات ولا تشفّ ولا قمع، ملفًا خلف ملفّ، رويدًا رويدًا. همّ الرئيس عند من التقاه بأن تعلو سلطة القانون، ويقمع الفاسدون وتبنى الدولة على مجموعة مسلّمات وقيم تجعلها فاعلة وراسخة ومحدَثة ومنتجة باقتصادها وضابطة للجميع. 
 
في مقابل ذلك، الرئيس مهتم بعدم تأثير السجال السياسيّ على موجوديّة الحكومة وفاعلية أعمالها. ويعتبر في هذا المجال بأنّه والرئيس سعد الحريري على تلاق دائم، والعلاقة بينهما طيبة للغاية، ولم تنقطع يومًا حتّى في ظلّ استفحال الأزمات، كما أنّ الانسجام بينهما كبير، ولن يتأثّر حتمًا بهذا السجال، بل سيكون له الدور في توقّفه، ومعالجة التجاوزات المشكوّ منها بمنطق القانون والدستور. إنّ اختلاق الخطاب السياسيّ المتأجّج تحت عنوان صلاحية رئاسة الحكومة غير واقعيّ ولا منطقيّ وهو مرفوض. كلّ القضيّة بأن مختلقي هذا النقاش لا يحبّون أن يروا الانسجام بديعًا بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة، والأخير قال في إحدى مقارباته بأن فخامة الرئيس ضمانة لنا. ولا ينسى رئيس الحكومة دور رئيس الجمهوريّة في إستعادته من الأسر بقوّة الحقّ، واستعادة الشرعيّة معه. وتتوقّع المصادر المرافقة بأن الرئيس الحريري فور عودته سيتوجّه إلى قصر بعبدا ليلتقي الرئيس ويتباحث معه فيما آلت إليه الأزمة السياسيّة الحادّة وفي مسألة الموازنة. في مقابل ذلك يرى قياديّون في التيار بأنّ مسألة الموازنة حيويّة واستراتيجيّة لأنّها إمّا تعبّر عن روح الإصلاح الاقتصاديّ والماليّ والاجتماعيّ العادل، وإلاّ فإنها ستكون اجترارًا لأزماتنا. فالإصلاح لا ينحصر بما طرح في نقاش مجلس الوزراء، بل بفرض الضرائب على المؤسسات والشركات والمواقع وأصحاب الأملاك المهرَّبة والمهرَّبين من دفع الضرائب للدولة. تلك هي الخطيئة الجوهريّة، بل هذا هو بدوره جوهر الفساد النتن.
 
ماذا ينتظر من لقاء الرئيس عون بالرئيس الحريري بحال تمّ وغالب الظنّ أنّه سيتمّ؟
 
1-الاتفاق على ضرورة حماية لبنان من تداعيات التحوّلات الجذريّة المنتظرة خلف ضباب التشاد بين أميركا وإيران والسعوديّة طرف فيه، وخلف غبار المعارك في ليبيا وقد خشي الدكتور غسان سلامة في تقريره المقدّم إلى الأمم المتحدة من انعكاساتها على إفريقيا الشمالية وبلدان الشرق الأبيض المتوسّط لكونها تجيء من الاصطفافات عينها المنظورة في الأقاليم الملتهبة من اليمن إلى سوريا. وتنصح بعض المراجع السياسيّة بأن يتمّ التعامل مع مسألة حماية لبنان بجديّة فائقة، لكون ما حدث في طرابلس بداية الغيث، وترى المراجع عينها بأنّ الأصابع خارجيّة بامتياز وهي التي حرّكت نحو هذه العمليّة. فالمطر غزير في الإقليم وعندنا بدأ الرذاذ ينهمر، والملفّات المفتوحة داخليًّا على مصاريعها ستسهلك حتمًا من دوائر المتصارعين في المحيط.
 
2-الاتفاق على ضرورة قمع الفاسدين في لبنان وعدم تغطيتهم. إنهم تركة فاسدة بامتياز، أوجدتها منظومة خدّام الشهابيّ كنعان، كما كتب عماد جوديّة. هذه التركة يفترض بأن تضع نفسها في تصرّف الدولة وتعيد ما سلبته من مال إلى الدولة وإلاّ فإنّ المسألة ستبقى ممدودة ومتفشيّة لتقضي على النظام السياسيّ. وتعتقد المراجع السياسيّة بأنّ الرئيس عون لن يقبل بأن يرزح عهده تحت هذا التفشّي الخطير، والرئيس الحريري بدوره لن يرضى بأن تغطي حكومته الفاسدين في لبنان، من هنا ضرورة الاتفاق على تسوية تعيد ما سرق إلى الدولة أو فلتنصرف السلطة القضائيّة بعدل وتتجه إلى المقاضاة.
 
3-الاتفاق على موازنة لا تأكل ضرائبها أموال الفقراء أو الطبقة الوسطى وهي مصدر الانتاج في لبنان. بل على موازنة تفرض الضرائب كما سبق وأشير على كلّ شركة ومؤسسة متهربة أو مهرّبة من دفع الضرائب إلى الدولة، وسوليدير والأملاك البحريّة من ضمنها فضلاً عن وقف استهلاك المرافئ والمرافق لصالح نافذين كبار في الدولة كمرفأ بيروت أو سواه. هذه مسألة جوهريّة بالنسبة للرئيس عون وبرأي المراجع يفترض بالرئيس الحريري أن يكون متجاوبًا لحسن سير الدولة بماليتها وعافيتها، ودفع المزيد من الديناميّة للسلطة القضائيّة لتقوم بواجباتها بعيدًا عن تغطية من هنا أو هناك. فالدولة إمّا تكون فوق الجميع أو ستظلّ متهالكة ومتحلّلة.
 
4-الاتفاق على إنهاء ملفّ النازحين في لبنان، ووضع أسس طبيعيّة لعودتهم إلى بلادهم. وتعتقد مراجع قريبة من الرئاسة بأن الرئيس لن يقبل بأن يبقى هذا الملفّ مدى للتجاذبات الداخليّة ضمن سقوف دوليّة مفروضة على لبنان. فالرئيس لا يزال يرى بأنّ مألفة الاندماج التي يطالب بها المجتمع الدوليّ فخّ وقنبلة موقوتة ويرفض الرئيس استبقاءها. عند مراجع سياسيّة أخرى الرئيس الحريري لا يزال يرى الوقت غير سانح لحلّ هذا الملفّ قبل التسوية النهائيّة في سوريا، في حين أنّ رئيس الجمهورية يرى بأنّ عودتهم غير مشروطة بالتسوية، فالاشتراط يجعل لبنان طرفًا في الصراع على سوريا والضغط عليها والتأثير على التسوية فيها، ولبنان لم يعد يحتمل أن يكون مقرًّا ومستقرًّا وممرًّا لمن يضغط باتجاه الداخل السوريّ لأنّه سيؤول إلى استمرار الانشقاق العموديّ في لبنان. لذلك ترى المراجع القريبة من الرئاسة بأن الرئيس سيطلب أن يكون التعاطي مع هذا الملفّ متوازنًا بشقين، وهما:
-التواصل مع الدولة السوريّة، وبالنسبة للبنان هذا أمر حيويّ واستراتيجيّ.
-التواصل مع المجتمع الدوليّ لتبليغهم رفض لبنان استبقاء هذا الملفّ مفتوحًا إلى ما لا نهاية. فلبنان ليس أرض نزوح ولجوء ولا هو أرض للتوطين سواء توطين الفلسطينيين أو السوريين.
 
هل التوافق عل تلك النقاط ممكن في ظلّ الانجذابات القائمة في لبنان؟ الجواب، إنّ الرئيس يصرّ على التهدئة وعلى استمرار العلاقة الطيبّة مع رئيس الحكومة سعد الحريري على الرغم من التمايزات السياسيّة والاستراتيجيّة الملحوظة، فهو يراه وجهًا طيّبًا وشخصيّة حيويّة تملك القدرة على تمثيل طائفته وجذبها إلى ما هو خيّر ونيّر، ويملك القدرة للوصول معه إلى منطقة وسطيّة توليفيّة تساهم في فكفكة العقد وإيجاد الحلول لها شريطة عدم المساس بالمسلّمات الجوهريّة التي كوّنت لبنان وأطلقته، وبالمنطلقات الرانية إلى بناء دولة حقيقيّة بريئة من الإثم والفساد.
 
   


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top