جاء فيلم «Endgame» من إخراج الأخوين روسو كخاتمة للحرب الأبدية التي بدأها «ثانوس» بفرقعة من أصابعه والتي أدت الى محو نصف سكان كوكب الأرض اعتقادا منه أنه سيعيد التوازن الى الكون غير عابئ إلا بمصلحته الشخصية، ما أدى إلى هزيمة المنتقمين ووكالة شيلد في المواجهة التي دارت بينهما، وترتب عليه استدعاء كابتن مارفل للمساعدة في المواجهة الأخيرة.
وكان من الصعب اختيار حبكة «Endgame» على المخرجين العبقريين الأخوين روسو من ضمن أكثر من 14 مليون حبكة محتملة ليخرجا لنا حكاية ممتازة وتحفة سينمائية بهذا الشكل، لم يتوقف الإبداع في الفيلم على الإخراج فقط، بل امتد إلى الموسيقى التصويرية التي كانت أكثر من رائعة وملائمة للمشاهد.
14 مليون احتمال
يمكن القول بسهولة إن «Avengers: Endgame» هو أكثر أفلام كون مارفل السينمائية طموحا وتأثيرا حتى اليوم، والذي يتمكن بطريقة ما من إنهاء أكثر من عقد من القصص بذروة واثقة، ومتماسكة في معظمها، وهذه عقبة عانت منها العديد من السلاسل الضخمة في أشواطها النهائية، فهذا الفيلم سيثير حتما سنوات من النقاشات الحماسية بين المعجبين، لان الاعتماد المفرط على مشاهد الأكشن المولدة بالحاسوب (CGI) الأقل من المستوى أحيانا يضعف من تأثير الأحداث على المتفرج، لكن من ناحية الجوهر يطلق «Endgame» العنان لنفسه بالكامل، ولربما هذه ليست حقا الطريقة الوحيدة التي كان يمكن بها لمارفل أن تنهي أول فصل من ملحمة أبطالها الممتدة، لكن عند مواجهة 14.000.605 حبكة محتملة، يتمكن الفيلم بشكل مفاجئ من اختيار خاتمة مرضية.
معرفة كون مارفل
كلما قلت معرفتك حول ما يجري في «Avengers: Endgame»، ازدادت متعتك بمشاهدته، وبالتأكيد لما كنت ستقرأ هذا الموضوع لو لم تكن تريد أن تعرف معلومات حول خاتمة أكثر من عقد من قصص أبطال مارفل، ونؤكد لك أن «Endgame» هو قصة يجب أن تعيشها وتختبرها، أكثر من فيلم «Avengers: Infinity War»، أو من أي من أفلام «Star Wars»، واربط أحزمتك استعدادا للغوص في هذه التجربة الفريدة.
قد يعتمد ما ستخرج به من «Endgame» على مدى ارتباطك بأي من الأفلام الـ 21 التي سبقته، إذا كنت تشعر بالفضول على سبيل المثال حول ما إذا كان عليك مشاهدة فيلم «Captain Marvel» لتفهم السبب وراء ضمها لهذا الفيلم، فليس من المطلوب منك مشاهدته من ناحية الحبكة، لكنه يعطي سياقا لظهورها هنا بطريقة كنت ستراها ركيكة لو كنت تراها للمرة الأولى، بشكل عام يمكن القول إن هذا فيلم يكافئ معرفتك بكون مارفل السينمائي بأكمله، ولا يمكن قول الكثير حول العمل من دون حرق أي من المفاجآت، ويمكن القول إن «Endgame» هو أعجوبة فنية، من ناحية القصة والطموح.
إحداث التوازن
تحدث «ثانوس» في «Infinity War» عن الحاجة إلى إحداث التوازن، ويحقق «Endgame» هذا الهدف بثقة مفاجئة، حيث يتمكن الفيلم بفضل التأليف الرائع لكاتبي السيناريو كريستوفر ماركوس وستيفن ماكفيلي، والمخرجين جو وأنطوني روسو، من السير على الخيط الرفيع بين الدراما المثيرة والكوميديا العالية، فيقدم بعض أحلك المشاهد وأكثرها تأثيرا في تاريخ كون مارفل السينمائي، إلى جانب بعض أكثر اللحظات إضحاكا وسخافة، وبالرغم من أن عدد المشاهد المضحكة للغاية أقل مما شهدناه في «Infinity War»، إلا أنه أقل توترا وأحيانا أكثر متعة مما قد تتوقعه من قصة تبدأ أحداثها بعد التداعيات الصادمة لفرقعة أصبع «ثانوس» وتدورالأحداث بطريقة «الدي جافو».
دي جافو
قد يبدو «Endgame» أنه فيلم من صنع المعجبين ومن أجلهم، لدرجة أن هناك بعض المشاهد التي يمكن أن نقول من دون شك انها موجودة من أجل إسعاد الجمهور فقط، لكن لا يمكن القول إن هذه اللحظات سلبية بقدر ما هي نوع من الشكر والتقدير للحظات والشخصيات والعلاقات التي كبرنا معها وتعلقنا بها على مدار أكثر من 11 عاما. وهناك العديد من المشاهد التي تبدو كما لو أنها صفحات قصص مصورة بثت بها الحياة، وهذا أمر رائع للغاية، لأنه يجبرنا على محاولة استيعاب النطاق الهائل لما يمكن لرئيس استديوهات مارفل «كيفن فيج» وفريقه القيام به من ترابط هائل في عمل سينمائي لا يمكن مقارنته بشيء آخر.
شخصيات تحت دائرة الضوء
في حين بذل «Infinity War» قصارى جهده للجمع بين عدد ضخم من الأبطال الذين يمتدون على طول تاريخ كون مارفل السينمائي، لن يكون من الجيد القول ان «Endgame» يضيق تركيزه على المنتقمين الستة الأصليين (مع مساعدة من أصدقائهم الناجين)، مما يعطي كل منهم لحظة أو لحظات يستحقها تحت دائرة الضوء، وبالرغم من أن تكلفة تحييد العديد من الشخصيات كبيرة، إلا أنها تؤتي ثمارها بشكل رائع.
لحظات مثيرة للجدل
يسمح السيناريو ببعض التقليل من شأن أبطال معينين، من بينها بعض الخيارات التي ستكون بكل تأكيد مثيرة للخلاف، لكن سيجد محبو الثلاثي الأساسي «Iron Man»، «Captain America» و«Thor» الكثير من اللحظات المميزة التي سترضيهم، ولا نقصد هنا أن نقول إن الشخصيات الأخرى ليست محورية بنفس المقدار، لكن خوفا من حرق الأحداث لن نخوض بهذا الأمر أكثر من ذلك، وفي نفس الوقت هناك العديد من الأبطال الذين يحصلون على أقل مما قد تتوقعه.
لحظات تألق
هناك لحظات يتألق فيها «Endgame»، فبقدر ما يقدم لحظات قتال ملحمية، إلا أننا نحصل أيضا على لحظات عميقة للحالات النفسية التي يمر بها أبطالنا بطريقة نادرا ما كان لدينا وقت لها في الأفلام السابقة التي تجمع عدة أبطال معاً، وهناك لحظات توقف من أجل الشعور بالحزن والذنب والحب والشوق، مما يجعل الأكشن المتصاعد في نهاية المطاف أكثر إرضاء، لكن ربما أعظم إنجازات «Endgame» هي قدرته على تعميق فهمنا واحترامنا لكل الأفلام التي سبقته.
نهاية حقبة
إن الفيلم الذروة المثالية لسلسلة كاملة، وليس فقط تتمة للنهاية المعلقة التي انتهى بها «Infinity War» وبالرغم من أننا نعرف أن كون مارفل السينمائي سيكمل مشواره بطريقة أو بأخرى بفضل الأجزاء التي تروي أحداثا سابقة والأجزاء التالية والأفلام الفرعية التي نعرف أنها قيد الإنتاج حاليا، إلا أنه لا يوجد شك بأن هذا الفيلم يمثل نهاية حقبة، ليس فقط لأبطالنا، بل أيضا لجيل من المعجبين الذين ترعرعوا مع أفلامها، وقد يكون «Endgame» آخر فيلم يظهر فيه «ستان لي»، لكن بفضل هذه الشخصيات التي يستحيل نسيانها والممثلين الذين نفخوا الحياة بها، يبدو أن تراثه الفني الهائل في أيد أمينة.إعداد: محمود منير