2024- 12 - 22   |   بحث في الموقع  
logo الشمال السوري يفقد كثافته السكانية.. مناطق بأكملها فرغت logo انطلاقة الشرع الدولية: جمع داخلي وطمأنة خارجية ورسالة للبنان logo حمية للأجهزة الأمنية: لحماية سائقي حافلات الدولة logo إسرائيل تدرس الرد.. وضربات أميركية استباقية على اليمن logo رابطة الكتاب السوريين تنتقل إلى سوريا الحرة logo تناقل صورة للسيد نصرالله نادرة جداً.. هكذا ظهر فيها logo بيانٌ من عائلة المتورط بـدهس الدراج.. ماذا كشف؟ logo الشرع يكلّف الحموي بوزارة الدفاع.. هل تحلّ الفصائل نفسها؟
المواجهة التي يخوضها الرئيس عون بين نظام المحاصصة ونظام الدولة (بقلم جورج عبيد)
2019-06-04 16:07:42



جورج عبيد - 


على غرار الشاعر الراحل والكبير الياس أبو شيكة قال جبران باسيل كلمته ومشى.وقد قالها بوضوح تامّ من بعد احتشاد الحملات عليه وتراكمها مستهدفة من خلاله العهد، فرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون يرى بوضوح ويقرأ خلف الخطوط ويغوص في عمق الحروف ويتقن فكفكة المفردات، ويدرك بأنّ كل ما يقال يستهدفه وجبران باسيل ليس الهدف بل هو الطريق والممرّ لهذا الاستهداف.


 


ما يظهر في دوائر القصر وأروقته بأنّ الاتسهداف غير معصوم عن الحروب السابقة. وتسأل المصادر السياسيّة، لمَ لم تكن الحرب شرسة بهذا الشكل على الرئيس السابق ميشال سليمان؟ ويأتي الجواب بوضوح السؤال المطروح، إنّ ميشال سليمان جيء به بهدف اسبقاء المسيحيين مهمّشين ومستضعفين ومقصيين ومهشّمين، وقد ثبت ذلك الصعف بنيويًّا وسياسيًّا جليًّا، والهدف الآخر من مجيئه لجعل لبنان محشوًّا بالإرهابيين وأرضًا حاوية للنازحين بأثمان باهظة دفعت للقبول بهذا الانسياب. لم يكن ميشال سليمان مستهدَفًا، لأنه كان الأداة الفعليّة لتجذير المخطّط وترسيخه في كلّ الاتجاهات وعلى كافّة المستويات، وهو ذات يوم قد أنكر وجود القاعدة في لبنان فيما وزير الدفاع آنذاك فايز غصن كان قد أكّد حضورها ومدى فاعليّتها، وحين أوهمنا السعوديون بثلاث مليارات دولار لأجل تسليح الجيش اللبنانيّ هتف بأعلى صوته عاش الملك عاش الملك... هذا الأنموذج هو الذي كان مطلوبًا لتوطيد الهشاشة والهزال في الحكم وفي الحياة السياسيّة عمومًا، وحين يصير الحكم هشًّا تترسّب في جوفه كلّ الأدران والأورام فتصيبه بالأعطاب فيمنى بالشلل وينحلّ النظام السياسيّ بلا بدائل لتصير الأرض اللبنانيّة ملعبًا سائبًا لمن استدخل هؤلاء ولمن رعى استدخالهم هاتكًا السيادة والمواثيق بلا خجل ولا وجل. لقد ورث ميشال عون ما كان مطلوبًا سيرورته وديمومته، ورث عون المعاصي والآثام، منذ ذلك الحين، وكان لا بدّ من أن ينتخب هو وليس سواه لترسيخ قيم المواجهة وتعميمها ودفع لبنان لما هو أفضل.


 


لقد استطاع الرجل اقتحام المستحيل أمنيًّا وعسكريًّا لا سيّما في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك، وتمّ ذلك بالتآلف مع سلاح المقاومة وقد أسماه ردعيًّا في الجنوب، فيما الرئيس السابق سخر من المعادلة الثلاثيّة-الدهبيّة وأسماها خشبيّة. ثمّ جاء على قيادة الجيش قائد بطل مضيء المحيّا مستنير الفكر وهو جوزيف عون كان لدوره الأثر الكبير في تكوين النصر وانبلاجه فوق هاتيك الجرود. ثمّ فاحت رائحة الفضائح من مالية وما إلى ذلك في ذلك العهد، وقد تمّ اختطاف الجنود وتبيّن بأن أصابع يهوذا الإسخريوطي خلف الخطف، وبدلاً من مواجهة ذلك العهد بأركانه أحرق البخور له ولأجله، وتعاطف كثيرون ممن يستهدفون هذا العهد مع المجرمين والخاطفين وزاروهم في أوكارهم على حساب كرامة لبنان بجيشه ومؤسساته. ثمّ بدأ التراجع الاقتصاديّ على أشدّه ليتحوّل إلى قنبلة موقوتة بوجه عون ولم تنفجر لا في عهد سابق ولا في أثناء الفراغ الرئاسيّ كما انفجرت الآن.


 


من جعل عهد ميشال سليمان ضعيفًا ومتلاشيًا وهشًّا عامد على تطويق عهد ميشال عون وشدّه عنوة للهشاشة والتلاشي عينهما. ولمّا اصطدم العامدون والمروّجون بجبل أشمّ وصخرة صلبة مليئة بالكرامة والعنفوان ساكنة في بعبدا اتجهوا إلى أساليب تعتمد المنهج النفسيّ-السياسيّ Psycho-poltique بوسائل ووسائط مختلفة، تعتمد على الدعايات الكاذبة والتسويق الفارغ والإشاعات الفاسقة عمّمت الكراهية في العمق النفسيّ للعهد ورئيسه بتشويه متعمّد وإظهاره عاجزًا عن إعطاء الحلول ومكافحة الفساد. وتنطلق الحملة بمجموعة إشاعات تارّة تحاول النيل من الرئيس عن طريق عائلته من خلال اتهامها بمشاريع موبوءة، كما تستهدف جبران باتهامات ملحوظة مزعومة منها أنّه تملّك منازل عتيقة في البترون وما إلى ذلك، وهو شريك في لعبة الفساد بمشاريع لم يثبت مطلقو الحملة إلى الآن صحتها ودقّتها، إلى أن قال احدهم بأنّها مجرّد اتهامات سياسيّة، حتى خرج صوت النائب بيار أبو عاصي وهو من حزب متّهِم (بكسر الهاء) ليقول جهارًاللزميلة دنيز رحمه بضمير شفّاف، أنا لا أتهم وزراء التيار بالفساد، ولا يحقّ لي بذلك... حرام... أنا ما بحمّل ضميري أنا رجل في موقع المسؤوليّة.


 


يقود هذا إلى أنّنا بتنا أمام حلف ثلاثيّ بدأ يتوطّد ويظهر من جديد باصطفاف مصنّع ومعلّب لمواجهة العهد بما يملك من جوهر قويّ ووطيد. لماذا ظهور هذا الاصطفاف في هذه اللحظة بالذات ولم نرَه في مراحل سابقة قبل ذلك؟


 


قبل الغوص في الأبعاد، نشير إلى أنّ العناوين المطروحة في الحملة والسجال المصطنع، لا تزال تشي بأنّ النظام السياسيّ عفن وصدئ ومتآكل، قد أرهقته منظومة الفساد وأحرقته بلايا السياسيين وأزهقته الانقسامات العموديّة في لبنان بين معظم الأفرقاء السياسيين وبات أجوف من المضامين السليمة والصحيحة التي تجعله قادرًا على النهوض، بحيث لم يعد يقدر تأمين الحماية للطوائف بتوليفة جديّة ثابتة وراسخة توطّد القيم المشتركة الجامعة بينها في العمل السياسيّ والتهوض الاقتصاديّ والمنطلقات الاجتماعيّة.  لقد بات لزامًا إعادة التذكير وفي هذه المناسبة بتوصيف دقيق كتبه الوزير السابق والراحل فؤاد بطرس في كتابه المذكّرات قال فيه: "أزمتنا أزمة وطن وكيان وليست أزمة سياسيّة عاديّة أو حكوميّة لذا ينبغي معالجتها بالاستناد إلى مفاهيم ومقاييس تتصدّى لجوهر الأزمة لا لظواهرها" (ص587). يفترض إذًا الاعتراف بأنّ الأزمة بحقّ وجوديّة بكلّ ما للكلمة من معنى، وليست طائفيّة عابرة. إنّها أزمة طائف لم يعد حيًّا بالنصّ من بعدما شوهتّه الممارسة السياسيّة الفعليّة. في الأصل يفترض بالباحثين أن يدركوا بأنّ التسوية التي أرست هذا الاتفاق ليست قائمة في النصوص، فهي مجرد حجب لفساد تمّ ترسيخه منذ ذلك الحين، وقد بات هو قلب النظام وجوهره.


 


فعندما يشير الوزير جبران باسيل، بأنّ التيار الوطنيّ الحرّ ليس وليد المارونيّة السياسيّة بالمبدأ والعقيدة فهو صادق، لأنّ العماد عون في الأصل لم يكن موافقًا على اتفاق اعاد تكريس الطائفيّات السياسيّة بقوّة تحت العباءة المثلّثة الألوان السوريّة والسعوديّة والأميركيّة، وبعض المسيحيين المشاركين فيه والمسلِّمين بمعاييرهن سلّموا بنقل الامتيازات الخاصّة برئاسة الجمهوريّة إلى مجلس الوزراء مجتمعًا حتى باتت فعليًّا وواقعيًّا في قبضة الطائفة السنيّة الكريمة ممثّلة برئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، وظلّ الأمر قائمًا على هذا المنوال إلى أن جاء العماد عون وأعاد الاعتبار إلى التوازن الطائفيّ، وفي كلّ! مطبّ كانت العبارات تنساب وتنفجر تباعًا، لا غنى عن اتفاق الطائف ونرفض المسّ به. هنا لا بدّ من ذكر ما سرده الدكتور محمّد عبيد الذي كان مديرًا عامًا لوزارة الإعلام، فقد روى بأنّه خلال حوار مع المغفور له الرئيس الحريري، قال له الأخير، "يا محمّد شو ممكن نعما حتى نسكر دكانة الMTV" أجابه عبيد: "كيف بدنا نسكرها يا دولة الرئيس ما هيي شرعيّة وقانونيّة"، ليقول له الحريري "يا محمّد ما الطائف نحنا للي عملناه وهو إلنا" ويقصد المسلمين وبالتحديد السنّة، استهول محمد كلام الحريري قائلاً له "يا دولة الرئيس شو بتعمل بالمسيحيين ما هني شركاء؟!" وأردف قائلاً: "عم تعمل هيك بالمسيحيين حتى ترجع تلتف على الشيعة" لينهي الحريري النقاش ويختمه بهذا القول: "الهيئة ما راح إتفق معك بكرا بتفق مع معلمك" ويقصد حتمًا الرئيس نبيه برّي.


 


يقود هذا إلى مجموعة استنتاجات:


 


1-المعركة التي يخوضها جبران وخلفه الرئيس بين نظامين لا يبيتان ولا يأتلفان في قالب واحد، وهما نظام المحاصصة الذي حول الدولة إلى مزرعة، ونظام المشاركة الميثاقيّة التي يشاؤها العهد منطلقًا حركيًّا وحيًّا لبناء دولة تنطلق عمارتها الميثاقيّة من المادتين 24 و95 من الدستور والتي تؤكّد المناصفة حتّى تبلغ وفي المادة 95 إلى المواطنة مع إلغاء الطائفيّة السياسيّة. وحتى ذلك الحين قرار العهد مع الرئيس ميشال عون إبطال فعل المحاصصة وتعميم المشاركة الميثاقيّة.


 


2-الحرب على العهد سببها إرادة العهد عينًا بهذا التحوّل الجذريّ، وهذا امر بات محسومًا عند الرئيس عون. ولو افترضنا العكس فكيف نفسّر هذا الاشتباك الكلاميّ بين الوزير السابق نهاد المشنوق والوزير جبران باسيل، أو بين اللواء عماد عثمان والوزير باسيل، وكيف نفسّر دعم القوات اللبنانيّة والحزب التقدميّ الاشتراكيّ  للفريق الآخر؟


 


3-عناد العهد وعماده باستكمال الحرب على الفاسدين ومنظومة الفساد وقد أوكلت السلطة القضائيّة بإجراء ما يلزم على صعيد المواقع والمؤسسات المسكونة بالفساد كالضمان الاجتماعيّ وما إلى ذلك وشركة طيران الشرق الأوسط ويتوقّع أيضًا فتح ملفّ سوليدير لأسباب تهربها أو إفائها من الضرائب وقد تمّ لفت النظر بأن رفع الاستثمار في منطقة النورماندي قد بلغ 34 مليار دولار أميركيّ، فكيف يكون ذلك على حساب الشعب البنانيّ والخزينة.، ثم الشواطئ البحريّة حيث بلغت قيمة الضرائب غيبر المدفوعة 400 مليون دولار اميركيّ.


 


4-عناد العهد على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم مهما كلّف الأمر حتى لا يتحوّل لبنان من وطن لجوء إلى وطن للتوطين.


 


5-ثمّة إرادة في ظلّ انبساط المنطقة بأسرها ضمن صراع أميركيّ-إيرانيّ سيؤول إلى تحاور بتحريك الأرض اللبنانيّة وجعلها ملتهبة باستجماع الاصطفاف الثلاثيّ، اي المستقبل والتقدميّ الاشتراكيّ والقوات اللبنانيّة بوجه الدعم المطلق من قبل الرئيس عون للمقاومة، أي بوجه التحالف العميق بين التيار الوطنيّ الحر وحزب الله.  وقد تبيّن ذلك من خلال الحملات الأخيرة التي ظهرت بأهدافها.


 


ومع ذلك فإن المواجهين للعهد يطلقون الرصاصة الأخيرة من جعبتهم. إنّهم لعارفون بأنّ التسوية التي جعلت من ميشال عون رئيسًا للجمهوريّة قد تهتزّ من جهة واحدة، إذا ظلّ متناسيًا فضا العهد عليه في إنقاذه عن محبّة وليس عن مصلحة. فالتطورات القادمة تؤكّد بقاء العهد قويًّا متينًا، فيما التسوية قد بدأت تظهر معالمها من خلال إرادة الحوار في المنطقة وليس التصادم بالمطلق. ثلاث ثوابت يفترض إدراكها حتى نهاية العهد، وهي انّ الثلاثيّ ميشال عون، بشّار الأسد حسن نصرالله ستولد من ديمومة تلاقيهم المنطلقات السياسية الجديدة في المنطقة، ولبنان سيؤول إلى البهاء بعد سلب طويلاً إلى الفناء.


 


وختامًا وفي عيد الفطر السعيد والمبارك أتوجّه إلى مسلمي لبنان والعالم العربيّ وإلى المؤمنين بالله الواحد بالنهنئة والمعايدة والتبريكات راجيًا المولى الكريم أن ينعم علينا بسلامه ورضاه، وكلّ سنة والجميع بألف خير.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top