المشنوق في "الاتجاه المعاكس": "الاحتلال" لن يطول!
2019-06-04 03:12:52
- ملاك عقيلفكّ وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق "صيامه" عن الكلام المباح قبل الموعد المحدّد، مبدئياً، لعودته الى عمق الحلبة السياسية. تسارع التطورات في الأيام الماضية وارتفاع المتاريس بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" على خلفية مواقف منسوبة للوزير جبران باسيل عدّل قواعد الاشتباك لدى كثيرين رغم النفي المتكرّر لها، لكن خطاب نائب بيروت من دار الفتوى، بعد نحو عام من الصيام عن الكلام في الملفات السياسية، فتح الباب على نقاش آخر أبعد بكثير من التساجل الحاد في العالم الافتراضي وفي الغرف المغلقة. سيكون لهذا المشهد رمزيته أكثر حين يقرّ المشنوق من "دار الطائفة" بأن "سماحة المفتي يتفهّم موقفي"!حديث الوزير باسيل عن "إختراعهم جملاً وعن كلام افتراضي غير موجود ولم يحصل"، و"لطشته" المبطنة عن "بدء زيارة المقامات الدينية للدفاع عن كرامة الطائفة والعمل على اختلاق مشكلة غير موجودة أساساً"، قاصداً بشكل مباشر المشنوق، لم يغيّرا في النتيجة والاستنتاج. لم يعد هناك من شكّ في الرسالة المباشرة والعلنية التي يواظب المشنوق، وإن بشكل متقطع، على توجيهها الى الرئيس سعد الحريري: لماذا هذا التمادي في السكوت، وفي خلق تسويات يومية وظرفية تحت شعار "التضحية" ستقود البلد نحو الانهيار وتخريب التوازنات". يلاقيه الى هذا الملعب، من دون تنسيق وبأسلوب مغاير أخفّ حدة بكثير بعض قيادات "تيار المستقبل"، لكن كلام الخارج عن عباءة "المستقبل" يحمل دوياً أكبر. بعض الخبثاء يقولونها كما هي: ثمة دعوة "كاتمة للصوت" من المشنوق الى الحريري "أسقِط هذه التسوية الرئاسية... وإلا ارحل"!لم يكن حديث المشنوق عن "سياسة طويلة أوصلتنا الى هنا وإعادة النظر بالتحالف السياسي القائم" سوى تكملة لمشروع انتفاضة بدأها حين كان لا يزال داخل مكتبه في الصنائع. هي التسوية الرئاسية التي أدرك المشنوق باكراً أنها بدأت تنحرف عن مسارها وتتقولب في إطار ينسف مبرّراستمرارها: ثمة فريق تابع وآخر متبوع! وصل الأمر بالمشنوق الى حدّ الاعلان من دار الفتوى "ان رئاسة الحكومة هي مركز توزيع السلطات في لبنان، وليست مجلس إدارة هلوسات أيّ فريق سياسيً". قبلها تحدث عن ضرورة الاستمرار في "المقاومة السياسية لاحتلال سياسي"، برأيه، "لن يطول"!اتصل أو لم يتصل الحريري بباسيل خلال قضائه إجازة العيد في السعودية ليبحثا في مصير التسوية صار مجرد تفصيل. تكبر المآخذ بصمت على الحريري ضمن البيت الازرق وفي دائرة القيادات المحسوبة على "الحريرية السياسية" الى حدّ نشر الغسيل فوق السطوح، في ظل صمت مدو لرئيس "تيار المستقبل" يلومه عليه العديد من القريبين منه. قال ما قاله المشنوق من دار الفتوى وغادر لبنان في إجازة العيد. لم ير حاجة للردّ على "اللطشة" الباسيلية التي استهدفته شخصياً. هذا ليس أول الكلام ولن يكون آخره. بعد عيد الفطر سيدشّن المشنوق، وفق المعلومات، مرحلة ما بعد ال "ديكوتكس" السياسي، فيما تبدو خياراته الداخلية كما الاقليمية أكثر من واضحة: على مستوى الداخل إطلاق حركة اعتراضية تحت عنوان "مقاومة الاحتلال" السياسي الذي تمثله جزء من ممارسات العهد، تحديداً بشخص الوزير باسيل. واقليمياً اقتناعه بأن جولات الحوار العربي مع ايران لم تؤد إلا الى مزيد من التمدّد الايراني في الدول العربية، فيما لم يبق أمام العرب الا خيار المواجهة.في مقابل تسمية المشنوق الاشياء بأسمائها وتوجيه أصابع الاتهام مباشرة باتجاه المسؤولين عن "انهيار السلم السياسي"، تنادى رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الى اجتماع في دارة الأخير. "مطوّلات" السنيورة حضرت بقوة في البيان الصادر عن المجتمعين فيما بدا نسخة منقّحة عن بيانات "تيار المستقبل" الكلاسيكية والغارقة في "الكليشيهات" والعموميات حيث تضيع "فكرة الموضوع". غاب باسيل تماماً بالاسم عن سطور البيان، وإن توجّه المجتمعون مباشرة الى رئيس الجمهورية طالبين منه "وضع حد نهائي للمواقف والممارسات المستفزة التي تنال من هيبة العهد ومكانته". لكن غياب اسم باسيل لا يقارن بشئ أمام غياب اسم سعد الحريري بالكامل عن البيان، وكأن "الشغور" يضرب مقام الرئاسة الثالثة في "عزّ" ما يتردّد أنها معركة سحب صلاحيات وأدوار وأحجام منفوخة. التغييب المقصود رسالة سياسية بحدّ ذاتها من "الثلاثي" الى رئيس الحكومة!من جهته، لا يوافق النائب السابق مصطفى علوش على تصوير الرئيس سعد الحريري بوصفه مطوّقاً ومنزوع الارادة "هناك محاولة لتطويقه لكنه أخذ المبادرة وذهب نحو تسويات جعلته خارج نطاق التطويق حتى من داخل شارعه وطائفته، ومحاولة تصويره على هذا النحو هي محاولة واضحة لإضعافه". وماذا عن خطاب المشنوق من دار الفتوى ؟ يجيب علوش "لا أعرف نواياه، لكنه مخطئ. في جزء كبير من خطابه معه حق، لكن في جزء آخر هناك نوع من المزايدة غير المجدية". ويؤكد علوش "أن الحريري هو رجل دولة لا يدخل في سجالات ويضع الاستقرار فوق كل اعتبار وفوق اي كلام فارغ، حتى لو كانت كلفة هذا الخيار باهظة جداً. وهناك من لم يدرك واقع أن الحريري لو كان فعلاً مطوّقاً لتصرّف بطريقة أخرى. يكفي أنه يتمتع بهامش واسع من حرية الحركة، وهذا ما رأيناه من خلال حراكه في مؤتمر سيدر ومشاركاته الخارجية آخرها مشهدية مكة، أما في الداخل فقد رفض حتى تطويقه من قبل شارعه باستدراجه الى ردات الفعل".وإذا كان ثمة اليوم من يتقصّد تصوير الرئيس الحريري على نفس المسافة السياسية مع باسيل الذي هو بالنهاية رئيس حزب ومجرد وزير في الحكومة، ما يعكس ندية في التعاطي السياسي وهذا ما يغضب اصلاً جزءاً كبيراً من الشارع السني خصوصأ أن هناك "ماكينة" تحاول تصوير واقع أن باسيل "يسيطر" على رئيس الحكومة، فإن ردات الفعل داخل البيت الازرق على هذه الندية، وإن كانت مصطنعة ربما، تتفاوت بين شخصية وأخرى. يقول علوش "نعم الوزير باسيل اليوم هو رئيس أكبر كتلة نيابية ، ولديه 11 وزيراً في الحكومة، ويلعب على الحبلين بين الوضعين الشيعي والسني ولديه قدرة ربما على تعطيل الحكومة، وهذه لعبة ديموقراطية في النهاية، مع التسليم بأنه الطرف القوي في المعادلة، لكن بالنهاية رئيس الحكومة لا يريد تجاوز الدستور والتغيير في موازين القوى". ويختم قائلاً "بمطلق الاحوال، الرئيس الحريري يختلف جذرياً عن جبران باسيل. باسيل مستعد يحرق البلد حتى "يكتروا الزقيفة"، فيما سعد الحريري ليس مستعداً بأي شكل ليلعب هذه اللعبة". النائب السابق معين المرعبي من الذين نشروا خطاب المشنوق على صفحته على "فايسبوك" مؤكداً موافقته على كل كلمة وردت فيه. ويقول "الرئيس الحريري أخطا بالتسوية الرئاسية، ونحن اليوم جميعاً ندفع ثمنها. لقد سلّمنا كلياً ل "حزب الله" من خلال رئاسة الجمهورية، ومن خلال إقرار قانون الانتخاب المسخ وهنا تكمن الكارثة الكبرى". ويجزم المرعبي "لقد أدخلونا في حالة قرف كبيرة نتيجة هذا الجو الطائفي وتقاسم الحصص على حساب الكفاءات فيما اللياقات الادبية والاخلاقي مفقودة والوقاحة والاعتداد بالنفس هي السلوكية السائدة. وهناك من هو مستعد ليخرّب البلد ليقول أنا الأقوى. عملياً، هم يلهوننا عن صفقاتهم وسمسراتهم، فيما هناك 2 تريليون من النفط لا أرى أي عام يناقش بمسؤولية في هذا الملف الحيوي والمصيري.
وكالات