تشهد إنتخابات بلدية طرابلس الكثير من النقاش والأخذ والرد حول تشكيل لائحة إئتلافية مدعومة من أكثرية سياسية، أو ترك الحرية للمرشحين من كل الاتجاهات في تشكيل لوائحهم والتنافس في معركة ديمقراطية على ٢٤ مقعدا في مجلس بلدية طرابلس، على أن تحظى اللائحة الأفضل والأكثر كفاءة على الدعم السياسي والشعبي الكفيل بتأمين فوزها.
حتى الآن ما يزال المشهد ضبابيا، لا سيما في ظل الشائعات الكثيرة التي تجتاح المدينة حول توافق سياسي وتدخل سعودي ودعم للائحة موحدة إئتلافية يرضى عنها كل النواب وتحظى بدعم جمهورهم وشريحة واسعة من الطرابلسيين، على أن تضم هذه اللائحة مزيجا من ممثلين عن كل المجموعات الساعية لتشكيل لوائح لتكون لائحة نموذجية.
تُثبت الوقائع أن هذا “السيناريو الانتخابي الوردي” لا أساس له من الصحة، وأن مهمة تشكيل لائحة إئتلافية يعمل على بلورتها الدكتور خلدون الشريف بمباركة عدد من النواب ليس بالأمر السهل ودونه عقبات، وهو وإن نجح إلى حد ما في هذه المهمة فإنه من الصعب أن يمثل في لائحته كل المجموعات الطامحة وبالتالي فإن لائحته ستواجه لائحتين أو ثلاث على الأقل ولن تكون أقل شأنا منها، وسيكون التشطيب سيد الموقف ولن يحقق الانسجام المنشود في المجلس البلدي.
وفي الوقت الذي يُكثف فيه الدكتور الشريف إتصالاته لاستمالة ممثلين عن مجموعات مرشحة لضمهم إلى لائحته بهدف قطع الطريق على بعض الطامحين للرئاسة والتخفيف من حدة المنافسة، تستمر الجهود من قبل جمعيات ناشطة ومن المجتمع المدني لتشكيل لوائح بعيدا عن التدخلات السياسية، وهي باتت قيد الإنجاز بعدما فشلت المفاوضات معها في أن تتلاقى في لائحة مدعومة سياسيا.
وتشير معلومات إلى أن لائحتين تلوحان في الأفق، الأولى برئاسة المهندس وائل إزمرلي وتضم مجموعة من الناشطين في قطاعات مختلفة والعاملين في جمعيات خيرية وإجتماعية، والثانية برئاسة سامر دبليز وتضم ناشطين من المجتمع المدني ويتوقع أن تعلن خلال أيام، إضافة إلى لائحة قيد الإنجاز لحراس المدينة برئاسة الدكتور خالد تدمري، والحبل على الجرار.
وبالرغم من كل التسريبات والشائعات والاجتهادات والتذاكي الذي تشهده طرابلس منذ نهاية الأسبوع الفائت عن الانتخابات وتشكيل اللوائح، فإن الثابت حتى الآن هو غياب التوافق السياسي وعدم وجود الدعم السعودي، وصعوبة الوصول إلى لائحة إئتلافية.
وفي هذا الاطار، ما يزال الرئيس نجيب ميقاتي على موقفه في النأي بالنفس عن التدخل في هذه الانتخابات وهو سبق ودعا نواب المدينة إلى عدم التدخل وترك الأمور لأبناء المدينة، لكنه وبحسب المعلومات ليس ضد حصول أي توافق أو إئتلاف في حال كان ذلك ممكنا، وفي حال لم يحصل فإن “صوت العزم” سيكون إلى جانب اللائحة الأكثر كفاءة والأكثر إنسجاما وإقناعا.
كذلك فإن النائب إيهاب مطر يرفض الدخول في أي إصطفاف سياسي وهو لا يخفي وقوفه الشخصي إلى جانب مجموعة من الشباب الناشطين الذين يسعون إلى التعاون مع هيئات المجتمع المدني لتشكيل لائحة تخوض الاستحقاق الانتخابي.
في حين أن النائبين إيلي خوري وجميل عبود ومعهما النائب حيدر ناصر يسعون جاهدين لاعادة التنوع الطائفي إلى المجلس البلدي بإنتخاب ثلاثة أعضاء مسيحيين ومن بينهم نائب الرئيس (بحسب العرف) إضافة الى عضوين علويين، وهذا ما يسعى إليه ايضا طباخو اللوائح ولكن هذا الأمر يبقى رهن بكيفية التصويت وإتجاهاته.
وينتظر النواب أشرف ريفي، فيصل كرامي، كريم كبارة وطه ناجي النتائج التي سيعود بها الدكتور خلدون الشريف من الاتصالات التي يجريها لتشكيل لائحة إئتلافية ليبنوا على الشيء مقتضاه.
أما ما يتعلق بالسعودية، فتشير معلومات خاصة ل أن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري أبلغ نوابا طرابلسيين أن المملكة لم ولن تتدخل في الاستحقاق البلدي وهي لا تدعم أحدا لا في طرابلس ولا في غيرها ولم تعط أية إشارات إيجابية أو سلبية لأحد، وهي على مسافة واحدة من جميع المرشحين ومع أي توافق يحصل.
وبحسب النواب فإن البخاري أكد أن للسعودية تمنيات لبلدية طرابلس، وهي “أن يكون مجلسها متجانسا ومنسجما، وأن يتمتع رئيسها بالكفاءة والنزاهة، وأن لا يكون محسوبا بالكامل على فريق سياسي معين، وأن لا يكون لديه أية ملفات فساد سابقة أو حالية”.
تترقب طرابلس خلال الأيام القليلة المقبلة ما ستؤول اليه نتائج الاتصالات حول تشكيل اللوائح لاستكمال المشهد الانتخابي البلدي الذي تشير الوقائع إلى أنه لن يكون هادئا بل إن وتيرته ستتصاعد وصولا إلى معركة إنتخابية قاسية في ١١ أيار المقبل، خصوصا في ظل المحاولات الجارية من تحت الطاولة لفرض هيمنة سياسية جديدة على البلدية، ولإستجداء تدخلات عربية وإقليمية تتناقض مع الدعوات الدائمة للحفاظ على السيادة اللبنانية والخصوصية الطرابلسية.
The post إنتخابات بلدية طرابلس.. لا توافق سياسي ولا تدخل سعودي!!.. غسان ريفي appeared first on .