كان اكتشاف فريق الغوص التابع لمنتجعات فورسيزونز المالديف في مارس 2010 لأنثى سلحفاة ردلي الزيتونية، مصابةً وبحاجة ماسة للعناية، بمثابة نقطة تحول. هذه السلحفاة، التي أطلق عليها اسم أوشن، لم تكن مجرد حالة إنقاذ عابرة، بل كانت الشرارة التي أوقدت فتيل برنامج رائد لإعادة تأهيل السلاحف، ليصبح فيما بعد من بين الأطول والأكثر نجاحاً في المحيط الهندي.
وبإمكانيات بسيطة وآمال كبيرة، تم تأهيل أوشن وإعادتها إلى موطنها في مياه المالديف الفيروزية. لم تكن رحلتها نهاية القصة، بل كانت إيذاناً بعهد جديد من العناية والاهتمام. فسرعان ما تبعتها سلاحف أخرى، وفي عام 2011، أضاءت مبادرة كريمة من أحد الضيوف بارقة أمل ببناء أول حوض مخصص لإعادة تأهيل هذه المخلوقات الرائعة. وفي العام نفسه، تضافرت الجهود مع وكالة ريف سكيبيرز البيئية المحلية ليولد برنامج الحفاظ على السلاحف البحرية في جزر المالديف، وتتحقق الخطوة الأولى نحو مستقبل أكثر أماناً لهذه الكائنات بافتتاح أول مركزين لإعادة التأهيل تابعين لفورسيزونز المالديف في منتجع فورسيزونز لاندا جيرافارو
على مدار سنوات، تجسد التزام منتجعات فورسيزونز المالديف بحماية الحياة البحرية في قصة نجاح ملهمة، حيث تمكن برنامج إعادة تأهيل السلاحف من منح أكثر من 500 سلحفاة بحرية فرصة ثانية للحياة. وبعد رحلة علاج ورعاية ممتدة، عاد أكثر من 280 سلحفاة إلى موطنها الأصلي في المحيط. ومنذ عام 2010، شهد البرنامج تطورات نوعية شملت إنشاء محمية طبيعية في قلب المحيط، وتطوير زعانف اصطناعية مبتكرة، واستخدام تقنيات تتبع متقدمة عبر الأقمار الصناعية. كما استقطب البرنامج نخبة من الأطباء البيطريين المتخصصين في السلاحف، وتم تجهيز المرافق الطبية بأحدث التقنيات مثل المناظير الداخلية وأجهزة الموجات فوق الصوتية تحت الماء وأجهزة العلاج بالليزر، بالإضافة إلى القدرة على إجراء عمليات جراحية معقدة تحت التخدير العام، مما يمثل نقلة نوعية في رعاية هذه الكائنات الرائعة.
تشمل أبرز إنجازات برنامج إعادة تأهيل السلاحف في منتجعات فورسيزونز المالديف على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ما يلي:
برنامج فلاينغ تيرتلز
في عام 2016، أشرقت فكرة مبتكرة في سماء جهود الحفاظ على السلاحف، حيث انطلق برنامج فلاينغ تيرتلز ليحمل على عاتقه مهمة نبيلة: توفير ملاذ آمن للسلاحف التي حالت إصاباتها، كفقدان الزعانف أو مشاكل العوم، دون عودتها إلى المحيط. حتى الآن، حلقت ست سلاحف نحو آفاق جديدة في أحواض مائية ومراكز بحرية حول العالم، لتصبح سفيرات لقضية نوعها، حاملة رسالة صامتة عن التحديات التي تواجهها بني جنسها. ومن بين هذه الرواد، برزت بيغي، إحدى أوائل برنامج فلاينغ تيرتلز المبتورة الأطراف، التي اكتشفت من جديد شغف الغوص في حوض مائي ببلجيكا. وفي عام 2019، سطّرت بيغي قصة عودة ملحمية إلى جزر المالديف، حيث انطلقت في رحلة استثنائية تجاوزت 5700 كيلومتر (3500 ميل) لتعود إلى مياه تكاثرها الأم على الساحل الشرقي للهند، لتلهم العالم بقوة الإرادة والأمل.
برامج تعليمية مبتكرة
وفي قلب جهود منتجعات فورسيزونز المالديف لحماية السلاحف، يكمن إيمان راسخ بأهمية غرس شغف الحفاظ على المحيطات في نفوس الجيل القادم. ففي كودا هورا، تنطلق مبادرة "منقذو الحياة البحرية الصغار" لتمنح المغامرين الصغار فرصة التحول إلى أبطال حقيقيين للحياة البحرية، حيث يشاركون في رعاية السلاحف ويتعمقون في فهم التحديات التي تواجهها في عالمنا. وفي لاندا، تواصل فترة التدريب الداخلي في علم الأحياء البحرية، التي تحتفل بعامها الثالث، إلهام الجيل القادم من أبناء المالديف ليصبحوا مناصرين لحماية البيئة البحرية. أما الضيوف الصغار في لاندا، فينتظرهم برنامج "عالم الأحياء البحرية المتدرب" الذي يقدم ست وحدات شيقة - السلاحف والدلافين والمرجان وأسماك المانتا والعوالق والأحياء المائية - ليوقظ فضول المراهقين المهتمين بالعلوم، وقد أثمر هذا الجهد بالفعل عن التحاق العديد من الخريجين بالجامعات لدراسة علم الأحياء. وإيماناً بأهمية الشراكة، يمد فريق "منقذو عالم الأحياء البحرية" جسور التعاون مع المجتمعات والمدارس المحلية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات العلمية، ليتردد صدى عملهم الإيجابي على نطاق أوسع.
أطراف اصطناعية للسلحفاة تروبر
في فبراير من عام 2018، سطعت قصة مؤثرة في سماء جهود "منقذي عالم الأحياء البحرية" التابعين لمنتجعات فورسيزونز المالديف، حيث تم إنقاذ سلحفاة ريدلي زيتونية يافعة أطلق عليها اسم تروبر. كانت آثار شباك الصيد المهجورة قد تركت بصمات قاسية، فقد بترت إحدى زعانفها الأمامية والتأمت، بينما استدعت الحالة إزالة الزعنف الأمامي الآخر فور وصولها. وفي مشهد يجسد قوة التعاون والإبداع، تضافرت جهود دعاة الحفاظ على البيئة البحرية وهواة الطبيعة ومبتكري التكنولوجيا ليثمر هذا التكاتف عن صناعة زعانف اصطناعية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وبفضل هذه الأطراف الجديدة، استعاد تروبر بهجة السباحة في حوض إعادة التأهيل قبل أن توافيه المنية في عام 2019.
وعلى الرغم من الرعاية المتفانية، تبقى حقيقة مؤلمة أن التعافي الكامل ليس ممكناً دائماً لجميع السلاحف التي تعاني من إصابات بالغة. ومع ذلك، فقد ترك تروبر خلال حياته القصيرة بصيص أمل حيوياً في تطوير مستقبل الأطراف الاصطناعية للسلاحف.
وعبّر عن هذه اللحظات المؤثرة أرماندو كراينزلين، نائب الرئيس الإقليمي والمدير العام في منتجعات فور سيزونز المالديف، قائلاً:" لقد كانت خمس عشرة سنة زاخرة بالتعلم والنمو والذكريات الخالدة في عالم السلاحف. ونحن نتطلع إلى المستقبل بعزم على تعزيز وتوسيع شراكاتنا مع الأحواض المائية والمراكز البحرية الدولية. فهذا التعاون لا يسهم فقط في رفع مستوى الوعي العالمي بمأساة شباك الصيد المهجورة التي تهدد السلاحف، بل يمنحنا أيضاً القدرة على إيجاد ملاذات آمنة للسلاحف التي يستحيل إطلاق سراحها في البرية. إن سفراءنا الرائعين من برنامج فلاينغ تيرتلز يحملون رسالة أمل إلى كل أصقاع الأرض."
ولكل من ألهمته قصة الحفاظ على السلاحف ويود أن يكون جزءاً من الحل، يقدم فريق السلاحف في المنتجعات نصائح بسيطة لكنها تحدث فرقاً حقيقياً: الابتعاد عن استخدام البلاستيك ذو الاستخدام الواحد واختيار المأكولات البحرية المستدامة. فالشباك المهجورة تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه السلاحف، ورغم أنها لا تأتي من جزر المالديف، بل تنجرف إليها من دول أخرى، فإن دعم صيد الأسماك المستدام عالمياً هو خطوة عظيمة يمكن للجميع اتخاذها لإحداث تأثير إيجابي على حياة السلاحف البحرية في كل مكان.