2025- 04 - 28   |   بحث في الموقع  
logo لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية: ندين بشدة العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية logo غارة تستهدف سهل المجيدية جنوب لبنان logo وزير العدل: لن نكتفي ببيان إدانة الاعتداءات الاسرائيلية logo “الأساتذة المتعاقدون”: استمرار الإضراب في المدارس الرسمية logo عن الإضراب في المدارس الرسمية.. بيان جديد من "رابطة الأساتذة المتعاقدين" logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأحد logo لقاء الأحزاب:رفض كل الدعوات التي تطالب بنزع سلاح المقاومة logo هكذا علّقت السفارة الإيرانية في لبنان على استهداف الضاحية
بسبب غزة هل تصرخ الشعوب العربية: فليحكمنا المسيحي أو ينتدبنا الغرب؟
2025-04-27 16:02:56

| ناجي علي أمّهز |


يخرج علينا البعض ليصرح بأن كافة مشاكلنا وهزائمنا سببها أمريكا والغرب واليهود. لكن معركة صفين سبقت اكتشاف أمريكا، وقتل الإمام الحسين وعائلته سبق ظهور الكيان الإسرائيلي.


كفانا تحميل الخارج مسؤولية مصائبنا؛ المصيبة تكمن في تفسيرات متطرفة للإسلام لا تتوافق مع طبيعتنا البشرية في بلاد الشام.


أبناء الشام، بطبعهم المحب للحياة والجمال والوفرة، احتضنوا المسيحية، دين التسامح والمحبة قبل الاسلام، لتوافقها مع طباعهم. وربما لهذا توقفت المسيحية عند حدود شبه الجزيرة العربية، حيث سادت عبادة الأوثان الحجرية، انعكاسًا لبيئة صحراوية قاسية وغزوات متكررة ونمط حياة شاق، كما أشار ابن القيم لوجود طباع تشبه “الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا”.


إن بقاء المسيحيين وظهور التشيع والفرق الأخرى في بلاد الشام، رغم الاضطهاد، قد لا يكون خروجًا على الإسلام بقدر ما هو اعتراضٌ على قساوة التطرف الدخيل الذي غزا بلادنا ولا يناسب طباعنا.


هذا التطرف لا يريده أحد، حتى الدول الإسلامية تحاربه وتحذر من خطره. واليوم، تحترق غزة تحت قصف إسرائيلي همجي، وتتهاوى مع أبنيتها أركان العروبة والوحدة الزائفة. لم تعد “الأمة الإسلامية” إلا شعارًا، وصرخة “وامعتصماه” أسطورة قديمة. ما نشهده ليس مجرد كارثة إنسانية، بل انهيار حضاري وأزمة وجودية خانقة في قلب العالم العربي والإسلامي.


نسأل بمرارة: بعد 1400 عام من تعاليم دينية، انشغل بعضها بتفاصيل الطهارة الجسدية، كيف فشلنا في تعلم أبجديات “دخول الحياة”؟ كيف نسينا أن نتطهر من قذارة الكراهية والتكفير والعنف؟


العالم يتقدم بسرعة الضوء، ونحن نتراجع إلى عصور سحيقة حتى وصلنا للعصر الطباشيري. نظرية النسبية أوصلت الإنسان للفضاء، ونحن منذ 1400 سنة نغرق في بحر الشروحات والتكفير حتى صرنا نترحم على ما قبل الجاهلية.


مجتمعات تقدس القرود (الهند والصين) تنجب عباقرة يغيرون العالم، ونحن “خير أمة” نتقن فن التدمير الذاتي.


المفارقة صارخة: في الغرب “الكافر”، يرتجف القانون إن مُسّ حيوان بسوء، وعندنا يُهان الإنسان ويُسحل ويُعذب حتى الموت باسم الدين والطائفة.


مشاهد قطع الرؤوس والسبي وتفجير الآثار في سوريا والعراق، ونعت رئيس لشعبه بـ”أولاد الكلب”، وحكام يتمسكون بالعرش حتى الموت، كلها شواهد.


مذبحة غزة ليست استثناءً، في الاسلام الحديث، بل حلقة في سلسلة هزائم ونكبات، من سربرنيتسا (الابادة في البوسنة والهرسك) للروهينغا إلى حروب اليمن وسوريا وليبيا والعراق. العالم المتقدم لا يهتم بمآسينا لأننا أصبحنا نشكل خطرًا فكريًا ونفسيًا عليه، بينما “الضمير الإسلامي” وجامعة الدول العربية في سبات عميق.


هذا ليس مجرد فشل سياسي وعسكري، بل سرطان نفسي واجتماعي. تقارير الأمم المتحدة (2016) تؤكد تصدر عالمنا العربي قوائم الاكتئاب واليأس. الفقر والفساد والعنف وغياب الأمل، ألاسلام المتطرف اوجد بيئة خانقة تكره الإبداع والجمال والفرح. كل شيء حرام: الموسيقى، الفن، رياضة المرأة… قائمة ممنوعات تطول، متناسين أن قصور الأمويين والعباسيين كانت تضج بالشعر والغناء.


وسط هذا الركام، يبحث جيل يائس عن مخرج، عن أمل في أفكار مفكرين كمحمد شحرور، الذي هزّ الثوابت بالعقل، الم يلفت نظركم كيف تجتاح مقولة نابليون “إن الله مع صاحب المدفع الكبير” كصرخة غضب من عجز 500 مليون عربي ومسلم عن إنقاذ طفل يُحرق في غزة. الهزيمة في الروح، وفي هذا التخاذل نقتل الإسلام في قلوب الأجيال القادمة. من يريد الانتماء لفكر ارتبط بالهزيمة والعجز والقسوة؟ بالأمس كان يضج الاعلام عن مسيحي اعتنق الإسلام، اليوم، الملايين يغادرون الاسلام بصمت أو بضجيج بعد العجز عن مساندة غزة وتجارب حكم المتطرفين. الناس تبحث عن خلاص دنيوي، وما يفشل في الدنيا لا ينجح في الآخرة. أي دين يمنع أتباعه حتى من محاولة إنقاذ إخوانهم في غزة؟ هذا تخلي عن أبسط معاني الإنسانية، أقله خجلًا من تظاهرات الغرب المتضامن مع غزة.


السؤال الآن: هل يدفع هذا الخذلان المسلمين للبحث عن ملاذ روحي آخر؟ هل تعود المسيحية برسالة المحبة والسلام لتملأ الفراغ الروحي الذي خلفه الإسلام في صورته المشوهة بالعنف والكراهية؟ انظروا لتعليم أطفال المسيحيين التسامح والمحبة والموسيقى، وقارنوه بما تبثه غالبية الفضائيات والمنابر الإسلامية من سموم وتحريض. المسيحي ينطلق للعالم بلا عقد، والشباب المسلم يُعزل في وطنه وعقله.


إذا كان هذا التطرف لا ينقذ طفلًا في غزة ولا يحرر أرضًا لماذا لا يتم عزله، هذا التطرف هو يؤمن بالغزو من اجل الغنائم والسبي كما كان في الماضي الغابر، اما امام الاحتلال فقد شاهدنا ردة فعله على احتلال اسرائيل لأجزاء جديدة من سوريا؟


اليوم لو خُيّر غالبية العرب والمسلمين، بين حاكم إسلامي متطرف وحاكم مسيحي عادل، لا أشك أن الأغلبية ستختار الثاني.


وبسبب عجز الشعوب العربية والاسلامية عن التعبير الرافض للارهاب والتطرف، بالملايين يفرون نحو أوروبا “الكافرة” ومنهم من يفضل الموت في البحر او عبر المعابر غير الشرعية عله يصل الى جنة الغرب، والمقتدر يبيع كل ما يملكه حتى ذاكرته وتاريخه في الاوطان العربية والاسلامية من اجل الحصول على الإقامة في أمريكا، ألم تصل المأساة ببعض السوريين انهم راؤوا الاحتلال الإسرائيلي كمنقذ من بطش المتطرفين الاسلاميين؟ أليست مطالبة مسيحيي سوريا بانتداب غربي صرخة يأس؟ هل يعقل ان تكون هذه هي “الخلافة” التي يفر منها أبناؤها!


أتفهم الجدل حول داروين، أما أن يُحاسَب العلوي أو الشيعي (الموصوف بالرافضي والمجوسي) أو الدرزي أو الزيدي أو الإسماعيلي على انتمائهم، ويُعتبر دمهم ومالهم مباحًا فقط لاختلافهم في تفاصيل اجتهادية فكرية فلسفية ، فهذا تدخل حتى في اقل مقومات التعددية الفكرية.


لست أدعو لتغيير الهوية، فربما لا تقبلنا الأمم الأخرى أصلًا، فمن لا خير فيه لأهله وأطفال غزة، كيف يكون فيه خير لغيرهم؟ لكني أكتب لعلها تحدث صدمة، شرارة لثورة فكرية نحتاجها بإلحاح. في عصر الذكاء الاصطناعي، لن تغير النبوءات شيئًا. علينا أن نطور ونجدد، بعقل نقدي وقلب ينبض بالرحمة، لنستعيد جوهر الإسلام كرسالة عدل وعلم وتقدم. نحتاج لشجاعة الاعتراف بالفشل ومراجعة موروثنا بنظرة ثاقبة.


هذا المقال مرآة مكسورة لوجهنا المشوه. نقف عراة أمام التاريخ إلا من خيباتنا. إن لم نبدأ اليوم رحلة البحث عن حقيقة جديدة، فكرًا وروحًا وممارسة، فإن الغد قد يحمل ما هو أسوأ من غزة، وقد لا يكون هناك “غد” على الإطلاق.. الوقت ينفد، والتغيير يجب أن يبدأ الآن.




وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top