قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله: “القضية الوطنية المطروحة هي كيف يمكن أن نواجه الاعتداءات الإسرائيلية، وأن نبني عناصر القوة الوطنية اللبنانية من أجل تحرير الأرض ووحدة البلد”، وأضاف: “بالنسبة لنا هذه هي الأولوية، ولا أحد يستطيع أن يقرر لا عن الدولة اللبنانية ولا عن الشعب اللبناني! إذا هناك أحد صوته عالٍ فليكن”. وأشار إلى أن الصوت العالي لا يمكن أن يؤثر على خياراتنا وقراراتنا أو توجهاتنا على المستوى الوطني العام.
وقال فضل الله: “قد يسأل سائل: تتحدثون عن الدولة وعن الحكومة، أين الدولة وأين موقفها وماذا تقدر أن تفعل؟ نحن نريد أن نميز بين أمرين، الأول هو موضوع ما نطالب به، وهذا ليس جديدًا. لو عدت إلى خطابات الإمام السيد المغيب موسى الصدر، ولو عدنا إلى السيد شرف الدين عام 49، كان دائماً هناك مطلب أن تكون هناك دولة”.
وسأل: “لماذا نشأت المقاومة؟ لو كانت لدينا دولة كانت ستنشأ مقاومات. في جيش من مهمته أن يحمي الحدود، يمنع الطائرات من التحليق ويمنع الزوارق من الاختراق، ويمنع أي اعتداء، لكن الجيش قراره كان في يد السلطة السياسية على مدى حقب زمنية ولم يكن لديه هذا القرار”.
وأردف قائلاً: “نحن مطلبنا أن تكون هناك دولة فعلية حقيقية تستثمر في كل عناصر القوة الشعبية والرسمية. لأننا في موقع جغرافي قدر لنا أن نكون بجوار هذا العدو خصوصًا نحن أهل الجنوب، هذا خطر دائم! وخطر قبل أن يكون حزب الله موجودًا، وقبل أن تكون حركة أمل موجودة، وكل هذا الخطر وهذه الاعتداءات وهذه الأطماع كانت موجودة في أرضنا. إذًا نحن نسعى لأن تكون لنا دولة حقيقية تتحمل المسؤوليات وتقوم بواجباتها تجاه شعبها. ولا نريد في أي لحظة من اللحظات أن نعفيها من المسؤولية؛ المسؤولية السياسية، الاقتصادية، الأمنية، الاجتماعية، هي مسؤولة ويجب أن نحمّلها المسؤولية وأن نسعى دائمًا لتكون حاضرة في كل قضايا الناس”.
ولفت النائب فضل الله إلى أن “الأمر الآخر هو أداء هذه الدولة سواء في هذه المرحلة أو في الحقبة الماضية. نحن هذا الموضوع أحيانًا نُصارح به بعض المسؤولين ونقول لهم: إن صمتكم وسكوتكم وأداؤكم المتعثر وعدم المبالاة تجاه ما يجري على أرض الجنوب، وهذه الاستهدافات المستمرة لأهلنا في الجنوب، وهذا التغاضي عن ملف إعادة الإعمار، هذا يؤدي إلى زيادة الشرخ بين الناس وبين الدولة”. وقال: “كيف لأحدكم أن يطالب بأن تكون الدولة هي المرجعية وبعدها حصريًا، وهي التي تقوم بكل شيء، ثم تغيب هذه الدولة ولا تقوم بمسؤولياتها! من سيثق بهذه الدولة؟ من سيعتبرها جديرة بأن تقوم بالحماية والرعاية؟ لذلك هذا الأداء، سواء من قبل بعض الوزراء في هذه الحكومة أو بالمجمل من مؤسسات الدولة، هذا الأداء الذي فيه عجزٌ وضعفٌ وعدم مبالاة وإهمال، وحتى أحيانًا عدم تصريح وعدم إدانة واستنكار لهذه الاعتداءات”.
وأكد فضل الله: “كل هذا الأداء من قبل هذه الدولة سيؤدي بالناس مرة أخرى إلى أن يقولوا لا نريد هكذا دولة، ويلجؤون إلى خياراتهم الشعبية التي أثبتت نجاحها على مدى طويل”.
وأوضح: “لذلك هذا الأداء، البعض يعتبره: نعم نحن نؤمن بهذه القضية. وما يعمروا بيوت الناس، خلي إسرائيل تعمل ما تشاء. مفكرين أن هذه الطريقة ستجعل البلد في إمكانية لوجود دولة حقيقية أو أن تأخذ الدولة ما تريد من دون أن تقوم بواجباتها. عندما يقولون في شعاراتهم وفي مواقفهم وفي بياناتهم إنهم يريدون الحصرية، وأنهم يريدون كذا وكذا، هذه تعتبرونها من حقوق الدولة، تفضلوا اعملوا واجباتكم تجاه الناس وبعدها خذوا الحقوق”.
كلام النائب فضل الله جاء خلال الحفل التكريمي الذي أقامه حزب الله في بلدة عربصاليم للشهيد السعيد محمد جعفر منّح عبد الله بمشاركة شخصيات وفعاليات، علماء دين، عوائل الشهداء، ووفد من مدينة الخيام وحشد من الأهالي.
ورأى فضل الله أن “الدولة التي لا تقوم بواجباتها لا تستطيع أن تطالب بأي أمر تعتبره من حقوقها كدولة. ولذلك هذا الأداء يسيء إلى الدولة ولا يبني الدولة ولا يدعها قادرة أن تعمل ما تريد عندما تتخلى عن مسؤولياتها وواجباتها”.
وقال فضل الله: “نحن لا ننكر الواقع. نحن نعترف بأننا أصبنا بخسارة كبيرة وتعرضنا إلى زلزال هائل أصابنا بالفقد، ولكن هذا لم يؤدِّ بنا إلى الانهيار، ولا إلى الاستسلام ولا إلى الخضوع”.
وأكد: “على مستوى حزب الله، هناك مسؤوليات، وهذا الشهيد كان من هؤلاء المبدعين الذين يعملون من أجل أن نصل إلى الحقائق الكاملة في كل ما حصل، ماذا حصل ولماذا حصل وكيف حصل. كل هذه النقاط نعمل عليها في إطار تحقيق داخلي يحتاج إلى بعض الوقت، وقد يُعلن منه شيء وقد لا يُعلن، وهذا أمر طبيعي لنأخذ العبر ونفادي المخاطر المستقبلية. هناك مسؤوليات على حزب الله تجاه شعبه وأهله رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها ونحن إلى الآن لم نخرج من الحرب بمعناها التفصيلي، خرجنا من الحرب بمعناها الكلي”.
وأضاف: “شبابنا مهددون، قياداتنا مهددة، العدو يواصل استهدافاته. ما تريد أن تفعل المقاومة؟ كيف تريد أن تبني معادلة؟ هذا ليس نقاشًا على المنابر، ولكن نحن نفكر في كل الطرق التي تحمي الناس ونؤمن بهذا المشروع. نحن نعيد بناء ما يجب أن نعيد بناءه في مواجهة هذا العدو، ورغم كل التهويل وكل المحاولات لتخبيط العزائم، ونحن في حزب الله إن شاء الله لا ننكر الواقع ونعرف حجم القوة والحضور”.
وأكد فضل الله: “في لبنان هذه البيئة، وهذا الشهيد من هذه البيئة. هذه البيئة قوية وحاضرة، لا يقدر أحد أن يتجاوزها أو يتخطاها. نحن نقول للأخوة أحيانًا: نحن لا نذهب إلى سجالات ولا إلى صوت عالٍ، ولا نستخدم كل مكانتنا ولا نستخدم كل وسائل القوة التي نملكها ولا نتحدث عن السلاح”.
وتابع، “نحن قوة شعبية، سياسية، وتنظيمية لأننا نقدّر ظروف بلدنا وننظر إلى الإقليم ما يجري فيه في سوريا وفلسطين ولبنان والمنطقة. حيث نأخذ كل الظروف بعين الاعتبار وسنكون على ثقة أن هذه المقاومة تضع نُصب أعينها هذا الشعب وهؤلاء الناس وهذه الأرض وهذا الوطن، وتعمل في الليل والنهار من أجل إعادة النهوض به. وسنصل إلى المبتغى وإلى الهدف رغم كل الآلام والأوجاع والصعاب”.
وختم فضل الله، “أحيانًا في قضية المقاومة هناك انتصارات وإنجازات، وأحيانًا في ألم ووجع، وهذه مسيرة بشرية ومسيرة إسلامنا وأهل البيت عليهم السلام”.