تُعتبر البلديات الحجر الأساس في هندسة التنمية المحلية، إذ لا تنمية شاملة دون بلديات فاعلة، تمتلك الرؤية، والصلاحية، والدعم الحقيقي.
البلدية ليست مجرّد وحدة إدارية خدمية، بل هي الأداة الأكثر التصاقًا باحتياجات الناس اليومية. من بنية تحتية إلى بيئية، وتخطيط عمراني وخدمات صحية واجتماعية.
هذا الدور الرائد للبلديات لا يتحقق إلا عبر توزيع عادل للفرص والمشاريع بين المناطق.
ويتطلب العمل بجد على إيجاد بلديات تمتلك:
– رؤية محلية تنموية تنطلق من خصوصيات كل منطقة.
– إدارة فاعلة تتمتع بالكفاءة والشفافية والنزاهة. و
– موارد مالية مستقرة.
– تفويض قانوني واضح يُمكّنها من تنفيذ المشاريع.
– قدرة على الشراكة مع الجهات المانحة والمؤسسات الدولية.
إن دور البلديات لا يقتصر على توفير الخدمات الأساسية، بل يمتد إلى التخطيط الاستراتيجي وتحفيز الاقتصاد المحلي وحماية البيئة، وإشراك المواطنين في القرار، وهو ما يُعد جوهر التنمية المستدامة.
وبناء عليه لا يكتمل عمل البلديات إلا بوجود مجتمع مدني حي وفاعل، يُراقب ويقترح ويشارك.
فالمجتمع المدني من خلال مؤسسات وهيئات وجمعيات فاعلة (بيئية، ثقافية، شبابية، تنموية) هو:
شريك في التخطيط من خلال تقديم الرؤى والحلول البديلة. وفي تنفيذ المشاريع المشتركة. والرقابة لضمان الشفافية والمساءلة.
ويُسهم بلا شك في تنشيط الحياة المحلية، ويدفع باتجاه مشاريع أكثر التصاقًا بحاجات الناس.
أما المرجعيات السياسية. فهي مدعوة للعب دور الراعي لا الوصي، والمُسهّل لا المعيق.
فالبلديات الناجحة هي التي تتحرر من منطق الولاء للجهات السياسية، وتتمتع بهامش حقيقي من الاستقلالية. مع دعم واضح من الدولة، ومن ممثلي الشعب الذي من واجبهم إقرار القوانين الناظمة للعمل البلدي. وتأمين التمويل اللازم. وحمايتها من التدخلات الحزبية والفئوية والشخصية الضارة.
إن الإنماء المتوازن لا يُصنع بقرار مركزي فقط، ولا يتحقق عبر بلدية معزولة عن مجتمعها، بل هو نتاج تكامل الأدوار بين بلدية ديناميكية، ومجتمع مدني واع ومرجعيات سياسية مسؤولة.
هذه الشراكة وحدها قادرة على بناء مناطق مزدهرة، تحقق كرامة العيش للمواطن، وتُكرّس الانماء والانتماء للوطن.
موقع سفير الشمال الإلكتروني