لماذا ؟..يا للعجبِ!
أيُّ سِلاحٍ هذا الذي لم تُصنعْهُ مصانعُ الغربِ، ولا صدَّرتهُ دولُ الحلفِ الأطلسي، ولا أخرجتْهُ مختبراتُ الذكاءِ الاصطناعي، ومع ذلك زلزلَ أركانَ تلِّ أبيبَ، وهشَّمَ كبرياءَ الكيانِ الصهيوني؟!
إنَّها المسيرةُ اليمنيَّةُ "يافا"... الاسمُ وحدهُ كافٍ لِيُسقِطَ القِبَبَ الحديديَّةَ، ويهدمَ أركانَ الاستخباراتِ الصهيونيَّةِ، ويُصيبَ المجرمَ نتنياهو بحربٍ نفسيَّةٍ لم يعرفْ مثلَها من قبلُ!
ما بالُهُ ينتفخُ غيظًا، ويهذي خوفًا، ويرتعدُ هلعًا؟!
أليسَ لأنَّ المسيرةَ حملتْ رسائلَ من نوعٍ آخر؟!
رسائلَ لا تُكتَبُ بالحبرِ، بل تُرسَلُ من جوفِ السماءِ، محمَّلةً بوعدِ اللهِ، وصوتِ السيِّدِ القائلِ: "لَسْتُم وحدَكُم!"...
إنَّها إرادةُ اليمنِ العظيمِ، شعبِ الإيمانِ والحكمةِ، تتجلَّى على هيئةِ نارٍ مقدَّسةٍ تُحرقُ أوهامَ الردعِ الصهيونيِّ!
لقد أزعجتْهُ المسيرةُ لأنَّها كسرتْ حاجزَ الخوفِ في نفوسِ الشعوبِ!
أزعجتْهُ لأنَّها أظهرتْ هشاشتَهُ أمامَ أعينِ العالمِ، فضحتْ قُبَّتَهُ الحديديَّةَ التي طالما تباهى بها!
وفضحتْ أجهزتَهُ الاستخباراتيَّةَ التي لم تُسعفهُ حتى في تأمينِ غرفِ نومِه!
يا للعارِ!
لقد بلغَتِ المسيرةُ "يافا" عمقَ العمقِ، وأعطبتْ ميناءَ إيلات، وأخرجتْ مطارَ بن غوريونَ عن الخدمةِ، وقوَّضتْ أحلامَ التطبيعِ، وأغلقتْ آلافَ الشركاتِ، وشرَّدتْ المستوطنينَ إلى الملاجئِ!
فأيُّ ضربةٍ أعظمُ من هذه؟!
أزعجهُ اسمُ يافا! نعم، أزعجهُ أنْ يحملَ يمنيٌّ طائرةً باسمِ يافا ليُذكِّرهُ أنَّ الأرضَ ما زالتْ لأهلِها، وأنَّ الاحتلالَ إلى زوالٍ!
أزعجهُ أنْ يرى الشعبَ اليمنيَّ يُحاصِرُهُ بحريًّا، فيما أمريكا –حاميتهُ الأبديةُ– تهربُ من الاشتباكِ!
نعم، لقد فرَّتْ حاملاتُ الطائراتِ الأمريكيَّةِ من مواجهةِ المسيرةِ يافا، كما تفرُّ الجرذانُ من السفينةِ الغارقةِ!
يا لهُ من هَوَسٍ أصابهُ!
المسيرةُ صارتْ حربَ مصطلحاتٍ ومعنوياتٍ!
صارتْ كابوسًا لغويًّا واستراتيجيًّا يلاحقُهُ في أحلامِه ويُخيفُهُ في يقظتِه!
فهل تتخيَّلُ أنَّ هدفًا من أهدافِ المسيرةِ صار غرفةَ نومِه؟!
أزعجَهُ أنَّ المسيرةَ يافا تلوِّحُ بما هو أعظمُ!
فماذا لو كانَ هدفُها القادمُ المفاعلاتُ النوويَّةُ؟!
أيُّ رُعبٍ هذا سيعيشُهُ نتنياهو حينَ يُدركُ أنَّ المفاعلاتِ التي طالما تفرعنَ بها، وصنعَ بها ترسانةَ ردعِهِ، أصبحتْ في مرمى اليمنِ المُحاصَرِ؟!
ألا يعلمُ أنَّ إرادةَ اليمنيينَ هيَ من حديدٍ أقوى من قُبَّتِهِ؟!
ألا يعلمُ أنَّ أعينَ المسيرةِ ترصُدُ المفاعلَ تِلْوَ المفاعلِ، وأنَّ ساعةَ الصفرِ قد تدقُّ في أيةِ لحظةٍ؟!
فيا ويلَهُ... لو حلَّقتْ "يافا" فوقَ ديمونةَ... ويا سوءَ عاقبتِهِ إنْ قرَّرتْ صنعاءُ أنْ تضربَ العظمَ النوويَّ للكيانِ اللقيطِ!
إنَّهُ الزوالُ الذي لا مفرَّ منهُ، والمكتوبُ الذي لا يُردُّ، كما جاءَ في الكتبِ المقدَّسةِ!
ألا ما أجرأَ اليمنيينَ حينَ أعلنوا الحربَ بلا تردُّدٍ، وأيَّدوا الحقَّ بلا مساومةٍ، وساروا إلى القدسِ من أقصى المعاناةِ، ومن بينِ الحصارِ والجراحِ!
إنها ليستْ مسيرةً عسكريَّةً فحسبُ، بل رسالةُ نهايةٍ... نهايةُ كيانٍ لقيطٍ، طالما حلمَ بالتمدُّدِ فوقَ خرائطِ العربِ!
وهي –لا شكَّ– تمهيدٌ للنصرِ الإلهيِّ الموعودِ، كما وردَ في القرآنِ والإنجيلِ والفرقانِ.
فيا مسيرةَ "يافا"... تقدَّمي!
ويا نتنياهو... انتظرِ الزوالَ!
فقد بدأتْ عقاربُ النصرِ تدورُ من صنعاءِ إلى غزَّةَ... ومن هناكَ إلى القدسِ!