*صرح عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ د. علي جابر، أن الشيخ نعيم قاسم جمع بين المنهج العلمي* *والتكوين الديني، و هذا التكوين المزدوج مكّنه من تقديم قراءة دقيقة للشؤون الاجتماعية والسياسية، وكان له الأثر البالغ في نهجه القيادي داخل الحزب وخارجه.*
*وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد:*
يتصدّى سماحة الشيخ نعيم قاسم في مسؤوليته الحاليه على رأس الأمانه العامه لِحزب الله، لواحدة من أصعب المسؤوليات في تاريخ عمله كما في تاريخ الحزب والطائفة الشيعية على الإطلاق وهي مسؤولية جسيمة وعظيمة جاءت اليه دون ان يسعى اليها. وقد تولى هذه المهمة في زمن الحرب وتحت النيران، وفي ظل الفراغ الكبير الذي خلّفه سماحة الأمين على القلوب وكذلك السيّد صفي الدين، كان سماحة الشيخ نعيم على العهد والوعد، وتصدّى لتكليفه بشجاعة وحكمة واقدام في قلب النيران وفي ظروف استشهادية وما زال يؤدي مهامه كشهيد حي، وقد اعاد سريعا ما بين 27 ايلول 2024 و11تشرين الأول 2024 ، ترميم الهرميه القيادية للحزب في وقت قياسي ، وأكمل مسار المواجهة و الحرب وصولا الى تكريس وقف إطلاق النار، وها هو ينطلق صعودا في ورشة كبرى، أكثرها غير مرئي، ويقود السفينه في قلب العاصفه، وصولاً إلى برِ أمان يصون الدم ويحفظ المسيرة ويوفي العهد لسيد الأوفياء.
حول هذه الشخصية القيادية الاستثنائية، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع عضو المجلس المركزي في حزب الله، سماحة الشيخ د. علي جابر، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
الامين العام لحزب الله فضيلة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله تعالى، لا يزال مجهولا للكثيرين على الرغم من انغماسه بالعمل المقاوم وجهاد التبيين منذ عقود من الزمن، بمعنى ان هناك جوانب كثيرة من شخصيته تحتاج الى الاضاءة عليها، وهي جوانب هامة وذات دلالة، فهل لكم ان تكشفوا لنا من خلال معرفتكم الخاصة وقربكم من سماحته، بعض تلك الصفات المجهولة؟
في البداية أشكر لكم هذا اللقاء وإتاحة الفرصة للحديث عن شخصية سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
سماحة الشيخ يعرفه الكثيرون لكنهم لا يعرفون عنه الكثير، فهو من مؤسسي ما كان يعرف بالعمل الإسلامي في لبنان قبل نشوء حزب الله وذلك من خلال حركة المحرومين التي أسسها الإمام المغيّب السيد موسى الصدر . حيث عمل مع مجموعة من الأخوة في بناء الحركة وتولى هو مكتب العقيدة والثقافة آنذاك وكان عضواً في مكتب قيادة الحركة، وتوجّه ككثيرين إلى أطر عمل أخرى إلى أن كان الاجتياح الصهيوني للبنان عام ١٩٨٢ وتأسيس حزب الله بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران. طبعاً قام بالعديد من الأنشطة المؤثرة خلال هذه الفترة منها حلقات الاستقطاب الثقافية والتبليغية وخصوصاً للفتيان والشباب كما أسس مع أخوة آخرين جمعية التعليم الديني في لبنان لتعزيز التربية الدينية وتحولت إلى مجموعة من المدارس والمؤسسات التعليمية على امتداد لبنان. وساعده على ذلك شخصيته الأكاديمية كأستاذ تعليم ثانوي لمادة الكيمياء ومزاياه في الإدارة.
قبل ان ينخرط بالكامل بالعمل الحوزوي والتبليغ الديني مارس فضيلة الشيخ نعيم مهنة التعليم، واللافت ان تخصصه كان في مجال علمي بحت، فكيف تنظرون الى هذا البعد العلمي في شخصية سماحة الشيخ، وما اثره في طريقة تفكيره ومقاربته للشؤون الاجتماعية والسياسية؟
من الواضح أن سماحة الشيخ قد جمع بين الدراسة الجامعية المعاصرة والدراسة الدينية الحوزوية التي تفرغ لها لاحقاً وتحول إلى عالم دين ليؤدي أدواراً هامّة. وهذا الجمع أثّر بلا شك على كفاءاته المتعددة من جهة وعلى منهجيّة تفكيره من جهة أخرى بحيث بات يقدر على متابعة الشؤون الاجتماعية والسياسية والدينية والفكرية بطريقة جادّة و وفق منهج علمي ملفت مضافاً إلى تأثره الشديد بعملين كبيرين هما: الشهيد السيد محمد باقر الصدر والإمام الخميني (قدس سرهما) وطرح ولاية الفقيه. هذه التأثرات امتزجت في شخصيته وفي المهام التي تحمّلها لاحقاً.
مهنة التعليم هي من اجل الوظائف التي اضطلع بها الانبياء والمصلحون بل هي في صلب دعوة القرآن الكريم الذي جاء ليعلم الناس الحكمة وطريق الخلاص، فكيف مارس سماحة الشيخ نعيم قاسم هذه المهنة وما هي نظرته لها واهميتها في انقاذ الامة وبناء الانسان والشخصية الايمانية القوية الملتزمة ؟
من المعروف أن سماحة الشيخ كان مربياً وأستاذاً وترك تأثيراً واسعاً على جيل الشباب في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات وكانت دروسه وحلقاته جذابة للعموم وللشباب المتعلم خاصة وقد اعتنى كثيراً بهذا الدور واعتبره المؤسس للمراحل اللاحقة لأن نشر الثقافة الدينية الواعية وبناء الشخصيات المؤمنة الشابة هي العمود الذي يبنى عليه، وهكذا حصل ، فكثير من كوادر المقاومة الاسلامية و حزب الله وبعضهم قيادات قد تربوا في حلقاته و دروسه وكانت منها انطلاقتهم نحو العمل الجهادي والمقاوم.
الشيخ نعيم قاسم قبل ان يتولى مهمة الامانة العامة لاكبر حزب في لبنان، ويقود اعظم ظاهرة في تاريخ الامة المعاصر وهي المقاومة الاسلامية، كان احد ابرز قادتها ومؤسسيها والمشرفين على ادارة علاقاتها الوطنية والاقليمية، ما تقييمكم لهذا الدور الذي كلف به فضيلة الشيخ وما هي اهم الانجازات التي حققها في هذا المجال؟
تولى سماحة الشيخ خلال مدة موقعه كنائب للأمين العام لحزب الله ملفات العمل السياسي النيابي ثم الوزاري والعلاقات بالأحزاب والقوى الإسلامية والوطنية في لبنان والخارج وأدار هذه الملفات بكفائة عالية بحيث كان يعتمد عليه بالكلية شهيدنا الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله (قده) وخاصة عند الاستحقاقات كالانتخابات وبناء التحالفات وغير ذلك. واستطاع سماحة الشيخ أن يؤسس وبتشاور مع سماحة السيد الشهيد الأسما لعلاقات ثابتة وانفتاح واسع على القوى داخل لبنان خاصة باعتباره ساحة خاصة في تنوعه الطائفي والمذهبي والفكري.
كثيرون يتحدثون عن شخصية سماحة الامين وصفاته الذاتية بكثير من الاعجاب والخصوصية، فهو من اكثر المؤمنين بالحوار واحترام الرأي الاخر والانفتاح على التيارات السياسية والفكرية، اضافة الى رصيده العميق من الثقافة والمعرفة بالقوى السياسية والمدارس الفقهية فكيف يبدو لك العالم الخاص لسماحته، وكيف يترجم ذلك في سلوكه تجاه الاخرين، وهل سيساعد ذلك في بناء جسور التواصل معهم؟
أعتقد أن سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم (حفظه الله) سيتمكن من موقعه الجديد أن يوسع في دائرة الحوار مع الآخرين خصوصاً أن المشكلات في لبنان لا تحل إلا بالحوار كما أثبتت التجربة وسماحة الشيخ له رصيد كبير لدى سائر التيارات السياسية والفكرية ويعرفونه جيداً ومطلعون على كتاباته أيضاً. فسماحة الشيخ شخصيةٌ حوارية يؤمن بقدرة الكلمة على تحقيق الكثير إذا صدقت النيّة في ذلك ولم يراهن الآخر على الخارج ومشاريعه.
العلاقة بين سماحة الشيخ نعيم قاسم الامين العام لحزب الله حفظه الله وبين سماحة السيد الشهيد المقدس رضوان الله تعالى عليه.. متشعبة.. وعميقة.. وحميمة.. وبين حفظ الامانة ومواصلة ارث الشهيد المقدس من جهة وضرورات التطوير واعادة البناء من جهة اخرى يقف القائد الشيخ نعيم امام مرحلة حساسة، فكيف سيقود الشيخ هذه المرحلة وما هي بصمته الخاصة على مستقبل هذه الحركة الجهادية؟
الأيام ستكشف أكثر برأيي عن العلاقة الخاصة والوثيقة والروحية التي كانت بين سماحة الشيخ والشهيد الأسما السيد حسن نصرالله (قده) والتي امتدّت لعقود ساد فيها الانسجام التام ووحدة الرؤى الأساسية وتحديد الأهداف والجهاد المرير دفاعاً عن لبنان وعن المجتمع المقاوم وعن قضايا الأمة وخاصة فلسطين وهو يحمل بالتأكيد وكما أعرفه هذه الأمانة وسيتابعها باصرار وصلابة وسيواجه كل التحديات بجرأة وشجاعة وحكمة كما كان يواجهها مع أخيه الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله والشهيد السعيد الهاشمي وكل القادة الشهداء. سنكتشف أكثر فأكثر الروح الواحدة فيهم.
لسنا خائفين على هذه المسيرة الجهادية رغم حمج المآمرات الدولية وتآمر بعض الداخل لأن جماهير المقاومة الإسلامية و حزب الله وحركة أمل هي أمة كاملة بوعيها وثقافتها وقدرتها واستعدادها لمتابعة طريق الجهاد والمقاومة. ولذا أؤمن أن المستقبل واعد مع سماحة الشيخ قاسم الذي خبرته الأيام والأحداث كما خبرت هذه الجماهير المؤمنة.