| محمد خليفة|
بكلام واضح، صريح، ومباشر لمن يعنيهم الأمر، أطلّ أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، بكلمة متلفزة على وقع الحديث حول “نزع” سلاح المقاومة، الذي ملأ الفضاء الاعلامي – وتحديداً في وسائل التواصل الاجتماعي – في الاَونة الأخيرة، ليضع النقاط على الحروف، ويحسم اللغط الحاصل بين مفهومين منفصلين، نزع السلاح وحصريته بيد الدولة، والاستراتيجية الدفاعية الوطنية لحماية لبنان وسيادته وشعبه. وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى ما يلي:
• شكّلت الكلمة – الخطاب – اطلالة استثنائية، بعد سلسلة من الاطلالات والكلمات التي اتسمت بتوضيح مجريات الاحداث المرتبطة بسياق الحرب الأخيرة على لبنان ونتائجها وتداعياتها، لتعكس أنّ مسيرة المقاومة ولّادة، من القادة في رأس الهرم حتى اَخر كادر وعنصر في الهيكل التنظيمي.
• التأصيل، بما يعني تأكيد الثوابت والمفاهيم لناحية تحديد أصل المشكلة، والمتمثّلة بالإطماع الاسرائيلية في لبنان والمنطقة. وعليه تُصبح المقاومة ردة فعل على الاحتلال لاستعادة الحقوق وحماية الأرض والسيادة والانسان.
• توجيه البوصلة الى حيث يجب التركيز عليه، لناحية الاضاءة على انجازات المقاومة التراكمية، بدلاً من تسليط الضوء على حجم التضحيات والخسائر البشرية والمادية، كجزء وثمن طبيعي للمواجهة.
• الخطاب يعكس حقيقة أنّ المقاومة أعادت تنظيم هيكلها التنظيمي، وترميم بنيتها العسكرية بالقدر الذي يسمح لها أخذ المبادرة الى جانب الدولة والجيش والشعب لإجبار العدوّ على الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وذلك من خلال اعلان الاستعداد للمواجهة متى قررت الدولة ذلك.
• حسم النقاش حول فكرة نزع سلاح المقاومة، ب”لا” مدوّية وكبيرة، وإعلان هذا الموقف يفيد بما يلي:
1. أن قيادة المقاومة ما زالت عند قناعاتها وثوابتها، بأنّ السبيل الوحيد لمواجهة العدوّ واجباره على الانسحاب وتنفيذ التزاماته بالقرارات الأممية والاتفافات التي يوقع عليها، وحماية السيادة والاستقلال من الاطماع الاسرئيلية، هو من خلال القوّة الخشنة، والسلاح عنوانها.
2. دحض كل المزاعم والأحاديث حول وجود تباين أو أجنحة أو تيارات على مستوى القيادة، تنادي أو توافق على مبدأ نزع السلاح من قريب أو بعيد. وما عدا ذلك، هو احلام واوهام في رؤوس الواهمين ممن يروّجون لمثل هذه الفرضيات في الإعلام.
3. أنّ المقاومة أصبحت أكثراصراراً وصراحةً ووضوحاً من أي وقت مضى، بأنها حاضرة وجاهزة ومستعدّة للتصدي للدفاع عن سلاحها الذي هو جزء لا يتجزّأ من مسيرتها ووجودها ووجدانها، أياً كانت الجهة التي ستتجرأ على خطوة نزع السلاح، والتعامل معها كما تمّ التعامل مع العدوّ الاسرائيلي، على قاعة أنه لزوم ما يلزم.
• ما ورد في الخطاب، لناحية اعلان شروط المقاومة للانتقال الى مرحلة النقاش والحوار حول الاستراتيجية الدفاعية وما تمثّله هذه الشروط من مصلحة وطنية عليا، لا يمكن لأحد أن يتجاوزها في أي طرح من الطروحات، يضع الدولة أمام استحقاق الايفاء بالتزاماتها قبل البدء بأي حوار، وفي مقدّمة هذه الشروط اجبار العدوّ على الانسحاب، ووقف الاعتداءات اليومية، والبدء بإعادة الإعمار، وذلك من خلال القنوات الدبلوماسية واتصالاتها الدولية، أو أي وسيلة تقررها، وفق رؤية الدولة والمستوى الرسمي إزاء هذه العناوين.
• أن المحاولات المستمرة لاحداث شرخ في العلاقة بين الثنائي الوطني، على أبواب الانتخابات البلدية، من خلال ابراز التباينات أو اختلاف وجهات النظر بين المكونين الشيعيين، هي محاولات فاشلة وستبقى تواجه من قبل الثنائي على جميع المستويات، بكافة الوسائل الممكنة.
• ولعلّ أبلغ رسائل الخطاب، هي ما وصلت الى الكيان الاسرائيلي، لناحية أنّ الفرصة المُعطاة للدولة اللبنانية لإنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات، هي فرصة غير مفتوحة الى ما لا نهاية، وهي بذلك تريد للدولة اللبنانية وموقع رئاسة الجمهورية تحديداً الاستفادة من عناصر القوة والتمكين في مساعيها الدبلوماسية مع الدول الراعية لوقف اطلاق النار وتطبيق القرار 17.1. وفي ذات الوقت، تأكّد المقاومة أنها تملك ما يكفي من عناصر القوة والخيارات للمواجهة متى اقتضت الحاجة. وفي هذا الصدد، ما تريده المقاومه أن يفهمه العدوّ، أن الحساب ما زال مفتوحاً، والهدوء والحكمة والصبر الذي تتمتع به المقاومة في هذه المرحلة هو مجيّر لمصلحة لبنان لا أمن العدوّ ومستوطنيه في الشمال تحديداً.
وأمام ما تقدّم، تكون المقاومة، على طريقة اَدائها في معركة “أولي البأس”، استعادت المبادرة في الخطاب لناحية حسم الموقف بالرفض المطلق لفكرة اضعاف لبنان عبر نزع سلاح المقاومة، وما يترتّب على ذلك من افقاده عناصر قوته ومنعته في وجه العدو الاسرائيلي من جهة، وانفتاحها على أي حوار يعزز التوصّل لاستراتيجية دفاعية وطنية تستفيد من سلاح المقاومة كعنصر قوة وحماية لسيادة لبنان وشعبه من العدوّ الاسرائيلي وعدوانيته وأطماعه في لبنان من جهة أخرى. وبهذا، تكون المقاومة استأنفت “فصل الخطاب” عبر أولى الخطابات التي يصحّ أن يُقال عنه خطاب “البأس”.
ظهرت المقالة خطاب “البأس”.. استئناف “فصل الخطاب” أولاً على شبكة موقع الإعلامية.