كتبت سابين عويس في ” النهار”: قبل خروجه من السلطة، تمكّن الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي من إنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لم تتسنّ له مواكبة تطبيقه، مع عملية إعادة تكوين السلطة التي أعقبت هذا الاتفاق، بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. وبالرغم من مرور نحو أربعة أشهر على توقيعه، لا يزال لبنان يواجه عقبة استمرار إسرائيل في احتلال خمس نقاط في الجنوب، مع مواصلتها اعتداءاتها اليومية، خارقة بذلك بنود الاتفاق التي تنص صراحة على انسحابها ووقف خروقاتها، بذريعة أن “حزب الله” لا يزال يمتلك أسلحة تهدّد أمن إسرائيل، وأن الجيش اللبناني غير قادر على الانتشار على كامل أراضي الجنوب، بما فيها شمالي الليطاني، بعدما استكمل انتشاره في جنوبيه، وبقي شماليه موضع جدل وإشكالية حيال ما ينص عليه اتفاق وقف النار.
وفي الوقت الذي يسعى فيه لبنان إلى تأكيد التزامه تنفيذ الاتفاق، كما القرار الدولي 1701، جاء الاقتراح الأميركي بتشكيل لجان سياسية ليزيد من إشكالية الوضع القائم ويحرج السلطات اللبنانية حيال قدرتها على التنفيذ. وقد حرصت الحكومة، كما رئيس الجمهورية، على إعلان رفضهما تشكيل لجان ترمي في ظاهرها إلى تطبيق الاتفاق، ولكنها تضمر في جوهرها فتح تفاوض مباشر مع إسرائيل، فيما أعلن رئيس الجمهورية عزمه على إطلاق حوار ثنائي مع الحزب، بطريقة توفر على البلاد خوض أي مواجهة من أي نوع حول ملف السلاح.
منذ خروجه من السرايا، لم يتوقف ميقاتي عن مواكبة التطورات السياسية عبر مروحة دائمة من الاتصالات، دفعته ربما إلى إحياء اتفاق الهدنة الموقّع مع إسرائيل عام 1948، مقترحاً تشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت هذا الاتفاق على نحو يجعل الانسحاب الإسرائيلي تلقائياً إلى ما وراء الحدود. ويلتقي ميقاتي في هذا الطرح مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يرى في هذا الاتفاق إمكانية للحل على قاعدة تحويل هذا الاتفاق من هدنة إلى وقف نهائي للحرب. لكنه في المقابل يدرك أن تحقيق هذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون ضمانات دولية أو أممية من أجل ضمان حصول استقرار طويل الأمد على الحدود الجنوبية.
مصادر ميقاتي تؤكد أنه ليس جديداً، وهو كان قد طرحه في عام 2023 من الصرح البطريركي عندما قال إن الحل موجود للوضع في الجنوب، ويكمن في تنفيذ القرارات الدولية من اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل إلى القرار 1701، مؤكداً استعداده للالتزام بالتنفيذ شرط أن يلتزم الجانب الإسرائيلي وينسحب، حسب القوانين والقرارات الدولية من الأراضي المحتلة.
يعتقد ميقاتي أن لا حلول بديلة لتلافي اللجان الأميركية الثلاثة إلا بالذهاب إلى لجنة تقنية أمنية. ثمة من يطرح أسئلة حول مدى قبول الحزب باقتراح مماثل وهل من مصلحة لديه بالقبول بالعودة إلى اتفاق الهدنة، وهل يمكن أن يغني مثل هذا الاقتراح، إذا ما طبق، عن سحب سلاح الحزب، علماً بأن لا كلام دولياً أو أميركياً أو أممياً لا يلحظ نزع السلاح شرطاً أساسياً في أي قرار أو إجراء يرمي إلى سحب إسرائيل من المواقع المحتلة.