قبل أيّام نصح معنيون بالإنتخابات البلديّة والإختيارية، المقرّرة أولى جولاتها في محافظة جبل لبنان في 4 أيّار المقبل، بإبقاء الأنظار مشدودة إلى يوم بعد غد الخميس، متوقعين أنْ يتم خلاله عقد جلسة تشريعية عامّة إمرار مشروع قانون يتعلق بتأجيل هذه الإنتخابات لأشهر معدودة، تحت ذريعة أسباب تقنية، لاستدارك وسدّ الثغر في قانون الإنتخابات البلديّة الحالي، ولتلافي تداعيات هذه الإنتخابات في أكثر من منطقة.
لكنّ عدم دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لعقد مثل هذه الجلسة، حتى الآن، جعل احتمال تأجيل الإنتخابات ضعيفاً، أو أنّه يخضع لمساومات السّاعات الأخيرة التي تركت الأبواب مفتوحة على شتّى الإحتمالات.
فخلال اليومين الماضيين خرج برّي بتصريحين متتالين أكّد فيهما رفضه تأجيل الإنتخابات البلدية، موضحاً ردّاً على اقتراحات ومشاريع قوانين لإقرار تعديلات على قانون الإنتخابات الحالي، بأن “الوقت ليس متاحاً لأنّ الإنتخابات باتت على الأبواب”، مشيراً إلى أنّ “مجرّد الدخول في تعديلات للقانون البلدي، قد يفتح الباب على تأجيل الإنتخابات، وهو ما لا نريده”.
ومع أنّ عدداً من النوّاب الذين التقاهم برّي خلال الأيّام الماضية نقلوا عنه أنّ لا نيّة لديه للدعوة إلى عقد جلسة إشتراعية قريبة، وبالتالي لا تأجيل محتمل للإنتخابات البلدية المرتقبة، فقد كان لافتاً ما قاله أمس النائب قاسم هاشم، عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها برّي، من أنّ الأخير “لم يُقفل الباب أمام النقاش في تعديل قانون الإنتخاب البلدي”، من غير أن يضيف مزيداً من التفاصيل.
لكنّ هذا النقاش تحوّل إلى “خبيصة” تشعبت حولها الآراء والمواقف، وصولاً إلى حدّ تبادل الإتهامات. إذ في حين إتهمت مصادر في التيّار الوطني الحرّ برّي بالتراجع عن وعد قطعه بتعديل قانون الإنتخابات لضمان المناصفة في بلدية بيروت بين المسلمين والمسيحيين المهدّدة بعدم تحقّقها، ردّت مصادر رئيس المجلس بأنّه يخشى فتح باب النقاش حول التعديلات ما سيؤدي إلى تطيير الإنتخابات، خصوصاً أنّ مطالبة المسيحيين بإقرار المناصفة يقابل بمطالب سنّية بتعديل صلاحيات محافظ بيروت الذي يهيمن على قرارات البلدية.
وبرغم محاولة كثير من النوّاب والسّياسيين والأحزاب في العاصمة التأكيد على سعيهم للحفاظ على المناصفة أو ما تيسّر منها، فقد وصف مراقبون هذه المواقف بأنّها “حالة من التكاذب الأخوي” التي ستطيح بالمناصفة، بفعل الإنقسام والشّحن الطائفي والمذهبي والخلل الديموغرافي الذي يجعل المناصفة أمراً متعذّراً تحققه، في ظلّ غياب أيّ مظلّة سياسية واسعة ترعاه بعد عزوف الرئيس سعد الحريري السّياسي والإنتخابي منذ مطلع العام 2022، في موازاة تعذّر تمثيل الأقليات، الإسلامية والمسيحية، في بلديات أخرى مشابهة يطغى عليها الناخبون من لون سياسي وطائفي ومذهبي واحد.
كلّ ذلك سيجعل السّاعات والأيّام القليلة المقبلة مصيرية لاستحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية، تعديلاً أو تأجيلاً، وإلّا فإنّ إجراء الإنتخابات سيصبح أمراً حتمياً لا مهرب منه، وسط ترقب أن ينتج عنها مشهداً سياسياً جديدا لم يعرفه لبنان من قبل، وليس هناك من تصوّر مسبق لكيفية التعامل معه.
موقع سفير الشمال الإلكتروني