أن تولد في ارض أحبها الله لأمر عظيم وحظوة كبرى، هي الاديان السماوية الثلاث تبقى روحِ الشرق نكهته، نعمته ونقمته.. ثم ان الايمان لا نقاش فيه او تفضيل بين عاطفة وعقل كلاهما حُكرٌ على الانسان ومنبعهما الذات.
وجهة نظر ان للشرق العاطفة وللغرب العقل ميزان، مؤكد ان الشرق يمتلك كلاهما فيما خسر الغرب الاولى وتغرب عنها إلا ما ندر.. طُغيان العاطفة في عشق دين او بالمُحاكاة وطن إرباك للدماغ البشري تقلص الإدراك الحسي والمنطق المعرفي، خطورته إنزلاق مُلتبس لِغَرفِ تفسيرات، توهان تطرف لإجتهادات مع كَمٍ فلسفيٍ غامض مُريب إستُحضر من قرون غابرات..
في حضرة اللبنان خمسون عامآ ابتلعها الزمن النَّازع فيها شيطان او غريب؛ راكمت شهداء فوق التلال وبين السفوح نتاج حرب اهلية مُستمر تعاقب اشباهها بالنيات المُبيتات.. لكل طائفة او حزب من ارواحهم نصيب بهم تُصاغ استمراريةً او احقية وجود.. يرفعون اعلامهم على النُصُبِ والرموز شعائر، فيما علم الوطن آسفآ غائب هو الجامع اصلآ، إن نادرآ رفرف فلهبوب ريح الصدفة..!
الجيش باب خلاص بعصفِ المنطق وسويّة العقل وجوده هندسة أمان ضمانة دفاع وسلام، فوهات السلاح له تنحني إن حازته المقاومة يومآ او دهرآ فسيّان، له يُهدى بعد كثير نضال؛ لا تآمر هنا ثأرآ من طائفة او حزب بل إمتثال لصوت الحقيقة وحكم الطبيعة السليمة.. مِيزَتُه كحال اليوم براغماتية تأقلم مَرِن مع تغيرات جذرية في البيئة الامنية والسياسات الداخلية كما التحولات الدولية والجيوسياسية، هو المرتكِز في وجوديته على ثوابت القيم الوطنية المطلقة القادر على تطوير طريقة التفكير والمواجهة وفق نمط العدوان ونوع التهديدات خلفية جمعٍِ من قُدرات عسكريآ بالعدة والعديد ووطنيآ بإستراتيجية أمنية دفاعية إضافةً إلى الحاضنة الشعبية …! الإنحياز له شرُعة حتمية، إن وُجب إنتقاده فبالإيجابي امر سليم، فيما رشقه بالسلبي عبارات واعظم فمرامي فتنة صنو إنتهاك قانون كما توليفات مكائد او دَفعُ توريط في نزاعات طائفية وخلافه..!
العهد الجديد لم يَسقُط من عُلٍ ولو عَبَدَت مَسارّ إنتخابه رياحُ خارجٍ لإعتيادٍ دَرَج، عليه فُروض إنقاذ لا رهانات حظٍ تُبنى، إن أحتاط فلحكمةٍ من غَلَبة كمائن الداخل وتحييد عن تخبط الخارج حيث المحيط الاقليمي غارق في فوضى الخطأة…. حُكمُ هذا البلد كامِن في عشقه بالتوازي مع حاكم ذو مثالية اخلاقية وعقلانية حوارية ذكية تجعل منظومة المصالح المتعارضة حد التناقض تفرز لا إراديآ قناعة التيسير لا العرقلة، كما تفرض على من افسد محاسبةً وعقاب لا عفوٍآ عما مضى او ارتُكِب دونما تصادم مع الميتافيزيقا الدينية، مؤدى تأسيس دولة المواطنة بعد إفتقاد وإنهيار. من قواها الضامنة على سبيل المثال شرط تخلٍ جماعي إرادي من حكام ووزراء وموظفي الفئة الاولى عن جواز السفر الثاني مؤشر نزاهة وإمتحان احترام اصل الإنتماء، مع قضاء حيوي عادل التركيبة والأحكام ثم للتشريع الاساس السليم..
في جدوى الكلام رغبة خروج الكلمات؛ إن كان لبنان معجزة رسالة فالتاريخ لإهله يُدين، مروحة التنوع من جبل عامل الى النهر الكبير كأمواج بحره في مد وجزر ليكون من الزبد إستخلاص غذاء.. رائحة الحبق والصعتر البري تغمر سفوحآ والعريشة الخضراء في افيائها نمت اجيال، مُذ غادروا لم يذُق مغتربيه نكهة القهوة الصباحية، حتى القروش القليلة في راحاتٍ مُشققة اغلى من مناجم الذهب؛ أنى لهم فطائر اللوز والعسل..؟ 13 نيسان وشمٌ على الارواح لا عبور للنهر مرتين.. الدولة جوهرة العيش الكريم وإن وهنت؛ ناهبي جنى الاعمار غابت رجولتهم وأفتُقِدت يُجلدون من الضمائر كل ظُلمةٍ تسعون.. في الذكرى أملٌ سُكناه الغَمام عليه عصافير الصُبح تتكأ..!
الكاتب: العميد منذر الأيوبي
عميد متقاعد، كاتب وباحث..
موقع سفير الشمال الإلكتروني