أمام عجز الدولة ومؤسساتها خلال السنوات الماضية كان لا بد من سد الثغرات وتفعيل العمل الاجتماعي لمعالجة كثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية الملحة، مما فعل المبادرات الخيرية ودور الجمعيات الأهلية سواء في كفالة الأيتام أو كسوة العيد ولم يقف الأمر هنا بل امتد إلى الاهتمام ببيئة المدينة ونظافتها وفرز نفاياتها وتجميل ساحاتها وإنارة طرقاتها.
كثير من المشاريع، تم تسليط الاضواء عليها ولمع صيت من كان وراء الفكرة أو بادر أو ساهم في إنجازها بينما فضل البعض الآخر الابتعاد عن الإعلام إيمانا منهم بمبدأ “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”.
واليوم وعلى أبواب الانتخابات البلدية، وحال مدينة طرابلس لا يشبه حال المدن الكبرى وأمام تسع سنوات من فشل مجلسها البلدي مما زاد في فقر ابنائها وتردي أوضاعها، ومع دعوة الهيئات الناخبة إلى انتخابات بلدية مطلع الشهر المقبل وطموح وجوه كثيرة من ابناء المدينة للمشاركة بالشأن العام المحلي فيها ما زالت الترشيحات للعضوية أو رئاسة البلدية تدار في الغرف السرية، لكن وقبل الانطلاق الفعلي للعملية الانتخابية أو إقفال باب الترشيحات، لا بد لنا أن نسلط الضوء على الفارق بين العمل الأهلي والعمل البلدي، لأن النجاح في الأول لا يعني أن النجاح بالثاني حتمي و مؤكد!
صحيح أن العمل الاجتماعي والعمل البلدي يلتقيان في خدمة المدينة وأهلها، إلا أنهما يختلفان في عدة نقاط.
إن العمل التطوعي من خلال الجمعيات الخيرية في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة والتمكين وضمان حقوق الفئات الضعيفة، فيه كثير من الحرية لجهة التمويل ونطاق التنفيذ واختيار فريق العمل والرقابة عليه، ذاتية أخلاقية تنطلق من ضمير المتطوع وشفافيتة الإنسانية.
أما العمل البلدي أساسه التخطيط وتوفير بنى تحتية وتلزيم شفاف لشركات لتأمين السلامة والنظافة العامة، فضلا عن الإشراف على اعمال الجباية لتغذية خزينة البلدية لصرف أموالها بما فيه خير المدينة، كل هذا يحتاج إلى رقابة منها ما هو مسبق أو مؤخر ، وفق نصوص قانونية تنظم العمل وتوزع المهام، لكنها لا تخلو من البيروقراطية والروتين المعقد في كثير من الأوقات.
إن العمل البلدي ليس مجموعة من الأصحاب قرروا تنفيذ مشروع إنمائي في جلسة صفاء، بل العمل البلدي قائم على مجلس بلدي متجانس يترأسه رئيس يتمتع بروح القيادة وقادر على ضبط مجموعة من الموظفين الشرفاء والأمناء على المصلحة العامة، ومعاقبة كل من تسوّل له نفسه الاساءة إلى المدينة واهلها.
لذلك نقول لمن دفعه حبه للمدينة أن الاندفاع لا يكفي، فالمدينة تعاني من مشاكل كثيرة، فوضى بناء وسير وبسطات ورمي نفايات وتفلت أمني وأخلاقي والتنظيم الإداري للبلدية هو الخطوة الأولى للحل، فمن يرغب بالترشح عليه أولا الإلمام بالقوانين والإلمام بأبواب الفساد على مختلف المستويات والبحث مع فريق عمل متجانس لإيجاد حلول لها، لأن وصول أشخاص غير مؤهلين أو وصول أشخاص مؤهلين مع فريق عمل غير متجانس سيؤدي إلى تراجع المدينة لسِت سنوات قادمة .
لذلك على كل شخص نوى الترشح، أن يعيد حساباته ويَعُد هذه المرة للمليون، فالخوف ليس من عدم النجاح بل من خسارة العمل البلدي والأهلي معا… طرابلس تستحق منا كل الجهد لإخراجها من بؤرة الفقر والفساد في أي موقع كنا فيه.
موقع سفير الشمال الإلكتروني