2025- 04 - 25   |   بحث في الموقع  
logo توضيح من مجلس عمدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان- دار الأيتام الإسلامية..  logo مباريات دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA) أبوظبي 2025 المُقدّمة من شركة القابضة (ADQ) تشهد مواجهتين بين نيويورك نيكس وفيلادلفيا سفنتي سيكسرز logo بعد مقتل مواطن في برجا.. الجيش يتحرّك logo الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي تختتم بنجاح برنامج “DigiYESS” وتستعرض مشاريع الفرق المتأهلة logo رياح وانخفاض بالحرارة.. إليكم تفاصيل الطقس logo أولى الأهداف البلدية.. logo وفد أميركي في الجنوب و150 ألف وحدة سكنية متضرّرة logo مجلس النوّاب حسم النقاش.. الإنتخابات البلديّة في مواعيدها!.. عبدالكافي الصمد
المونة اللبنانية بين أصالة التراث وتحديات الغش
2025-04-10 11:25:52




لطالما شكّلت المونة اللبنانية جزءاً من الهوية الغذائية للبلاد، حيث تجسد مزيجاً من التراث والابتكار، فتتوارث الأجيال طرق إعدادها، بينما يسعى المنتجون إلى تطويرها بأساليب حديثة في التصنيع والحفظ، أو من خلال استحداث أصناف جديدة تلائم متطلبات السوق المتغيرة. وبينما كانت هذه الصناعات تُحضر تقليديا في البيوت بطرق يدوية بسيطة، باتت اليوم تتخذ أشكالًا أكثر تنوعاً، مدفوعة بحذاقة المنتجين الذين يبتكرون وصفات تلبي أذواقًا مختلفة، سواء في مجال المخللات والكبيس أو المربيات والمأكولات المحفوظة.


لكن مع توسع هذا القطاع، ظهرت معارض تروّج لهذه المنتجات، حيث يجتمع صغار المنتجين لعرض صناعاتهم الغذائية، دون أن تخضع بالضرورة لأي فحص أو رقابة صحية. هنا يبرز السؤال: إلى أي مدى تلتزم هذه المنتجات بالمعايير الصحية الدولية؟ فعدم إخضاعها للفحص يضع المستهلك أمام خطر محتمل، وقد يلحق ضررًا ليس فقط بصحته، بل بسمعة هذا القطاع الذي يُعتمد عليه كمصدر رزق أساسي للعديد من العائلات، خصوصًا النساء اللواتي يجدن فيه وسيلة لتحقيق الاستقلالية المالية دون الحاجة إلى مغادرة منازلهن.


وإذا كانت الصناعات الغذائية هي الأكثر انتشارا في هذا المجال، إلا أن المشهد لا يقتصر عليها، بل يشهد عودة لافتة للحرف التقليدية الأخرى، مثل صناعة الأصواف والأقمشة المصنوعة يدويا، والتي تعكس بدورها محاولات الحفاظ على الصناعات التراثية، في ظل التطورات الاقتصادية والتحديات الإنتاجية. فكيف يمكن تحقيق التوازن بين دعم هذه الصناعات وحماية المستهلك من المخاطر الصحية؟ وهل يمكن إيجاد آليات رقابية تحافظ على جودة المنتجات دون أن تُثقل كاهل صغار المنتجين؟ أسئلة تفرض نفسها في ظل ازدهار هذا القطاع الذي يحمل بُعداً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً في آنٍ معاً.


المعايير الرقابية غائبة!


يوضح نائب رئيس “جمعية الصناعيين” زياد بكداش لـ “الديار” أن “موضوع المؤونة اللبنانية مهم جدا، لأنه يشغّل السيدات في المنازل. وليس خافيًا على أحد أن كثيرات، لأسباب عائلية أو دينية أو اجتماعية، لا يمكنهن ترك بيوتهن، لكنهن في الوقت نفسه يرغبن في الإنتاج. وقد تبيّن أن أعدادهن في ازدياد. بالإضافة إلى ذلك، أعرف مصانع تصنع الشوكولا، حيث تتولى النساء في البلدات القريبة من المصنع تصميم وتنفيذ الغلاف الخارجي للشوكولا والعبوات، ثم تسلم “الطلبيات” إلى المصنع. وهذا يسهم في تشجيع المرأة التي ترغب في البقاء في منزلها، ولكنها في الوقت عينه تكون قادرة على تحقيق الربح المادي والإنتاج، مما يساعد في دعم عائلتها. إلى جانب ذلك، تحسّن هذه العملية الدورة الاقتصادية في البلاد”.


ويقول: “في ما يتعلق بالمونة، نلاحظ أن الإنتاج يتضاعف، ونرى ذلك في المعارض. فبينما كنا نجد سابقاً خمسة أو سبعة منتجات جديدة، صرنا نجد اليوم كميات لا بأس بها. كما تدعم المعارض المتنقلة هذا المجال. فعلى سبيل المثال، إذا كان المعرض اليوم في الجميزة، يكون غداً في الحمرا، وهكذا دواليك. كذلك، نشهد انخراط الرجال والنساء في هذا العمل، ونطلق عليه “أرتيزانا”، إضافة إلى الشباب الذين يعملون من أجل تحصيل الأموال لتغطية نفقاتهم الجامعية. والجدير بالذكر أن هذا القطاع يتنامى ويزدهر بشكل كبير جدا، وتبقى العبرة في أن يكون المنتج المحضّر ذا جودة وطعم لذيذ”.


لا تحقيق ولا من يحزنون!


ويعبّر بكداش عن خوفه من “مشكلة في قطاع الأرتيزانا الذي يُعد غير مراقب، إلا إذا كانت هناك متابعة داخل المعارض. لذا، يجب أن يكون تحت إشراف الوزارات المعنية، سواء أكانت وزارة الصناعة أو الاقتصاد أو الصحة. فلا يمكن السيطرة على شخص استأجر منصّة في أحد المعارض لعرض مونته المنزلية التي جلبها معه ليبيعها، اذ ان قسماً كبيراً من هذه المنتجات لا يخضع للاختبار من الجهات الرسمية. لذلك، قبل بدء المعرض، يجب أن يكون هناك قرار من الجهات المعنية يفرض على المشاركين، بإجراء فحص دقيق لمؤونتهم قبل 48 أو 24 ساعة على الأقل، وذلك حفاظًا على صحة المستهلك. فإذا كانت بضاعة أحد المشتركين فاسدة، لا سمح الله، فإن الضرر سيلحق بباقي المشتركين، وسيفقد الناس الثقة بهذه السلع”.


ويشدد على أنه “حتى اليوم، لم نسمع عن حوادث من هذا النوع، ولكن بالرغم من ذلك، يجب تفعيل آلية فحص جميع الأصناف المعدّة في المنازل قبل عرضها في المعارض. أما بالنسبة للأرتيزانا، فمن المؤكد أن جمعية الصناعيين لديها فئة رابعة، وهي فئة تمثل العاملين في هذا القطاع. وطبعا، لا يمكننا القول إن عدد هؤلاء كبير أو كافٍ، علما بأن الاشتراك السنوي لهذه الفئة هو 100 دولار، أو قد لا نأخذ رسوما في بعض الحالات لتشجيع الأرتيزانا”.


كما يتوجه بالشكر إلى أحد الوزراء الصناعيين السابقين، الذي خصص مركزا للأرتيزانا في الوزارة، وتحديدا في الطابق الأرضي، لكن ربما لان موقع الوزارة ليس في منطقة سكنية أو تجارية، حال دون نجاح هذا المشروع”.


الصيني يزاحم الوطني؟


ويختم بكداش حديثه “نلاحظ في مختلف محال الأرتيزانا في المناطق اللبنانية وخصوصا الأثرية، أن معظم البضائع المعروضة هي من الإنتاج المنزلي. لكن لدي تحفظ على خلط المنتجات المصنعة في لبنان تحت مسمى الأرتيزانا مع بضائع مستوردة من الصين، والتي تباع على أنها من الإنتاج المحلي. لذلك، من الضروري أن تتابع الوزارات المعنية هذا الأمر، لا سيما عندما يُطلق على المحل اسم “أرتيزانا لبنانية”، إذ يجب أن تكون المنتجات المعروضة بالفعل محلية وليست مستوردة من الصين”.


الصناعات الوطنية بين التميّز والتحديات في الأسواق المحلية والعالمية


من جهتها، تقول المهندسة المدنية ومديرة عام وزارة الصناعة بالإنابة السيدة شانتال عقل لـ “الديار”: “يعدّ قطاع الصناعات الغذائية من أكثر القطاعات التي تجسّد هوية لبنان الصناعية والثقافية، إذ يجمع بين الصناعة والابتكار، ويشكّل ركيزة أساسية في الاقتصاد اللبناني. كما يُعتبر جزءًا من ثقافتنا وتراثنا، وهو مرآة لمهارة الصناعيين اللبنانيين وحرصهم على التميّز من خلال اعتماد المعايير الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن التراخيص الممنوحة من وزارة الصناعة للصناعات الغذائية تمثّل نحو الثلث من إجمالي التراخيص الصناعية”.


وتشير إلى أن “الصادرات اللبنانية في عام 2022 بلغت 710 ملايين دولار، لكنها تراجعت قليلًا في عام 2023، حيث سجّلت 623 مليون دولار، وذلك لأسباب عديدة تتعلّق بالوضع الأمني والسياسي. إلا أن الصادرات ما لبثت أن عادت إلى الارتفاع، ومن المتوقع أن يكون الرقم المسجّل في عام 2024 أعلى من ذلك المحقّق في 2023. كذلك، فُتحت الأسواق الأوروبية أمام العسل اللبناني، الذي لم يكن مسموحاً بدخوله إليها سابقاً، كما حاز منتج “البروتين بار” للمبتكر بهاء القضماني جائزة في معرض سيال. ومن بين التحديات التي تواجه القطاع، التفاوت في الجودة بين المصنعين والمنتجين، إضافةً إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، ولا سيما في ما يتعلّق بالطاقة، فضلًا عن ضعف الحوافز وصعوبة النفاذ إلى أسواق جديدة بسبب الاتفاقات التجارية غير المتوازنة وكذلك التهريب الذي يؤثر سلبا في هذا المجال”.


وتختم عقل حديثها بالتأكيد على أن “الوزارة تعمل على تحسين الجودة وتعزيز القدرة التنافسية. أما في ما يتعلّق بالصناعات اليدوية والتعاونيات النسائية، فهناك بعض التفاصيل القانونية التي يجري العمل عليها بالتنسيق مع مديرة عام التعاونيات، المهندسة غلوريا أبي زيد، بهدف إيجاد الحل القانوني المناسب لعمل هذه التعاونيات”.


التراث الغذائي يواجه عقبات!


من جانبه، يشرح نائب رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية اللبنانية المهندس منير البساط، لـ “الديار”، أن “المونة تعدّ في لبنان جزءاً مهماً من الثقافة والتقاليد الغذائية، وهي تشير إلى الطعام الذي يتم تخزينه أو تحضيره مسبقاً لاستهلاكه في فترات لاحقة، خاصة خلال فصول الشتاء أو في فترات غير مؤاتية للمحصول أو توفر بعض المواد الغذائية”.


ويشير الى ان “هذه المؤن توفر الغذاء في القرى ذات الإنتاج المحدود، خاصة في المناطق الريفية والجبلية، حيث يصعب الحصول على بعض المأكولات الطازجة. لذا، تُعدّ المونة وسيلة لتأمين الطعام طوال فصل الشتاء، حيث يتم تخزين المواد على شكل المربيات، والزيتون، والخضروات المجففة. ومن خلال تحضير المؤن، يمكن للعائلات توفير بعض المال، حيث يمكن شراء المواد الخام بكميات كبيرة في موسمها ثم تخزينها بأسعار أقل. وهذا يساعد في تقليل التكاليف خلال الأشهر التي تكون فيها بعض المنتجات نادرة أو غالية. لذلك، تعتبر المونة جزءا من الطقوس الثقافية التي تبرز التقاليد المحلية في الطهي والحفظ”.


ويقول: “تعتبر صناعة المونة التقليدية منبع معظم الصناعات الغذائية المعروفة في لبنان، حيث تم إدخال أساليب الإنتاج الحديث والمكننة على العديد من المنتجات لتسويقها في الأسواق المحلية والتصديرية. ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: المخللات بأنواعها، الحبوب البقولية، واللحم المجفف، وغيرها من الأصناف. ولا تزال اغلب الصناعات المحلية تستخدم نفس الأساليب التي كانت تعتمد في إعداد المونة مع إدخال نظم الإنتاج الحديثة كما ذكرت سابقاً”.


ويؤكد أن “المونة اللبنانية تحظى بشهرة واسعة في الأسواق الغذائية، إلا أن تسويقها بشكل موسع يواجه عقبات كثيرة، أهمها غلبة الطابع العائلي على معظم المنتجين وصغر الحجم الاقتصادي. بالرغم من تنظيم بعض المنتجين تحت إطار التعاونيات، إلا أن التسويق بشكل واسع في الأسواق المحلية يتطلب قدرات مالية لتمويل رأس المال التشغيلي والمصاريف التسويقية اللازمة لتأمين الانتشار في نقاط البيع بالتجزئة. وتجابه المنتجات نفسها التحديات ذاتها، بالإضافة إلى ضرورة تأمين التغليف الملائم للتصدير وإطالة صلاحية المنتج”.


ماذا عن حركة إنتاج المونة في الجنوب؟ يكشف البساط أنه “في ما يتعلق بموضوع الزعتر، للأسف أعتقد أن الأحداث التي مر بها لبنان الصيف الماضي قد حرمت معظم الجنوبيين من تحضير مونة شتائهم، بسبب مغادرتهم لمنازلهم أو لغياب القدرات المالية لتمويل إنتاجهم. يبقى الزعتر من المحاصيل البرية في الطبيعة، في حال عدم تعرض مناطق حصاده للقصف، وبخاصة القنابل الفوسفورية، فسيبقى المحصول صالحاً للاستهلاك، ولكن لا بد من ذكر الخسائر الكبيرة التي سجلها قطاع الزيتون وزيت الزيتون بسبب نفس السبب”.




Damo Finianos



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top