تزايدت الشكوك داخل أروقة وزارة الدفاع والكونغرس الأميركية، بشأن فعالية الضربات الجوية التي تنفذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد الحوثيين في اليمن منذ منتصف آذار/مارس. وبينما تتحدث الإدارة عن "نجاحات ساحقة"، تفيد تقارير استخباراتية أن العملية فشلت في تدمير البنية العسكرية الأساسية للحوثيين، وفق ما نقلته صحيفة " نيويورك تايمز"، أمس.ويؤكد التقرير أن البنتاغون لم يقدم أي تحديث جديد للكونغرس منذ 17 آذار/مارس، رغم الإنفاق العسكري الهائل، الذي تجاوز 200 مليون دولار من الذخائر، بالإضافة إلى نشر حاملتي طائرات وقاذفات بعيدة المدى وأنظمة دفاعية في الشرق الأوسط.ونقلت "نيويورك تايمز" عن ثلاثة مسؤولين في الكونغرس ودول حليفة، أن التقييمات السرية تُظهر فشل الضربات في القضاء على القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة للحوثيين، الذين عززوا تحصيناتهم واستخدموا منشآت تحت الأرض لتجنب الاستهداف. وحذّر مسؤولون في البنتاغون من أن وتيرة استخدام الذخائر الدقيقة قد تؤثر على الجاهزية العسكرية الأميركية في حال نشوب نزاع كبير، مثل مواجهة محتملة مع الصين.خسائر مدنية مؤكدةورغم تأكيدات واشنطن على "ضرب الأهداف الدقيقة"، أظهرت تقارير ميدانية وقوع خسائر مدنية. منظمة "Airwars" البريطانية وثقت مقتل امرأة وأربعة أطفال في غارة يوم 15 آذار/مارس في صنعاء، في حين تحدثت مصادر محلية عن أكثر من 60 قتيلاً مدنياً نتيجة قصف مناطق مأهولة.وتقول المنظمة إن نوعية الأهداف وتوقيتها "تدل على ارتفاع مستوى التساهل مع مخاطر الإضرار بالمدنيين"، مقارنة بالحملات السابقة.أزمة ممرات بحريةتربط إدارة ترامب هذه الحملة العسكرية المباغتة بأزمة الملاحة في البحر الأحمر. وقال ترامب يوم بدء العملية: "الحوثيون شنوا حملة قرصنة وإرهاب ضد الملاحة العالمية، وسنواصل ضربهم حتى زوال التهديد".وأضاف لاحقاً أن الولايات المتحدة "تحمي حرية الملاحة الدولية"، محذراً إيران من مواصلة دعم الحوثيين، قائلاً: "إذا لم توقفوا الدعم، ستتحملون العواقب".مفاوضات وضغوط متزامنةالتصعيد العسكري الأميركي يتزامن مع الإعلان عن مفاوضات مباشرة مع ايران في سلطنة عمان السبت المقبل، وهي الأولى من نوعها منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وكان الرئيس الأميركي قد صرح أمس، بأن هذه المفاوضات ستكون "مباشرة وحاسمة".ويرى مراقبون أن الحملة العسكرية قد لا تكون فقط رداً على تهديدات الحوثيين، بل أيضاً ورقة ضغط على طهران قبيل بدء التفاوض، في محاولة لفرض شروط تفاوضية أقوى.استراتيجية غامضة مستمرةوسط استمرار القصف، لا تزال إدارة ترامب ترفض تقديم جدول زمني واضح للعملية، أو الكشف عن أسماء القادة الحوثيين المستهدفين، أو حجم الخسائر الدقيقة. بينما يطالب مشرعون من الحزبين البيت الأبيض بكشف الاستراتيجية، بعد أن فشلت جهود إدارة بايدن السابقة في وقف الهجمات الحوثية.وجاء في رسالة مشتركة من السيناتورين جيف ميركلي وراند بول: "الإدارة مطالبة بإيضاح رؤيتها أمام الكونغرس والرأي العام، في ظل صمت رسمي مقلق ونتائج ميدانية غامضة".