بعد مضي عشرة أيام على رد إيران على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفينا لا تزال إيران تنتظر رد الولايات المتحدة على شروطها للبدء في التفاوض غير المباشر، أرسلت طهران رسائل شفوية متناقضة عبر السلطات السياسية والعسكرية.
سنصنع القنبلة النووية
بدأ علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي، تلك الردود خلال مقابلة إعلامية حيث قام بتهديد الولايات المتحدة بإنتاج السلاح النووي قائلاً إن "الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية ليس في مصلحة الأميركيين، لأننا حينها، سنضطر إلى التحرك في اتجاه آخر، وسيصبح امتلاك السلاح النووي مبرراً ثانوياً"، في إشارة إلى أن الفتوى الشرعية للمرشد علي خامنئي حول حرمة إنتاج السلاح النووي التي تعدّ استراتيجية إيران الأصلية، تبقى ساري المفعول وتلتزم بها إيران، طالما لم تتعرض للضرب.
وفي السیاق نفسه، طالب قسيم عثماني، النائب في البرلمان عن مدينة بوكان ذات الأغلبية الكردية، الجمهورية الإسلامية بالوصول السريع إلى إنتاج السلاح النووي. وقال إن"جشع الاستكبار العالمي هو من النوع الذي لا يترك أمامنا خياراً سوى هذا المسار، والطريق الوحيد لمواجهة التعسف الاميركي هو التحرك بسرعة ودون توقف نحو صنع سلاح نووي كأداة للردع".
كما دعا حزب "جمعية السائرون على خطي الثورة الاسلامية" المحافظ، في بيان رسمي، الرئيس مسعود بزشکیان ومجلس الأمن القومي، إلى اتخاذ قرارات فورية وفعلية لمواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني.
اغتيال ترامب هو الحل
وفي غضون ذلك، هدد حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الايراني ومدير صحيفة "كيهان" المحافظة، باغتيال ترامب اقتصاصاً لدم الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قُتل خلال هجوم أميركي قرب مطار بغداد بأمر من الرئيس ترامب.
وأثار هذا التهديد ردوداً غاضبة بين جميع التيارات السياسية التي اعتبرت أنه يشكل ذريعة لضرب إيران من قبل الولايات المتحدة، وفعلاً قامت هيئة مراقبة الصحافة الايرانية يوم الأحد الماضي، باصدار بيان تحذيري لصحيفة "كيهان" لنشرها محتويات تتعارض مع الأمن والكرامة ومصالح الجمهورية الإسلامية، وفق البيان.
ويقول البيان أن الموقف المبدئي للجمهورية الإسلامية تجاه قتل اللواء قاسم سليماني هو محاكمة المتورطين في ذلك، خصوصاً الرئيس الأميركي السابق، في محكمة مختصة ودولية وليس اغتيال الرئيس الاميركي.
نسعى للسلام
ومن جهة أخرى، حاول اللواء باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، التخفيف من حدة الموقف في إيران عبر القول إنه في رد إيران على رسالة ترامب، "تم التأكيد على أننا نسعى للسلام في المنطقة كما في المسألة النووية، نحن لا نسعى لامتلاك سلاح نووي، ونتابع احتياجات شعبنا في المجال النووي".
وأضاف اللواء باقري "لن نجري مفاوضات مباشرة، ولكن لا مانع من المفاوضات غير المباشرة، لأن إيران لا تغلق الأبواب وتترك المجال للمفاوضات غير المباشرة إذا تحركتم بصدق.
بترايوس يحذر إيران
وخلافا لللهجة الهادئة التي اتخذها رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الايرانية، قال ديفيد بترايوس، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، في مقابلة حصرية مع "إيران انترناشيونال"، إن الولايات المتحدة "لديها مشروع لعملية عسكرية لضرب إيران، ومثل هذه العملية لن تستهدف وتدمر الدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية الإيرانية فحسب، بل ستستهدف أيضاً البنية التحتية النووية".
وكشف بترايوس عن وجود "خطة شاملة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية والمراكز العسكرية الرئيسية". وقال إن هذه الخطة وضعها هو منذ ما يقرب على 15 عاماً، وخلال الفترة التي كان فيها قائداً للقيادة المركزية الأميركية، "وبالطبع تم تحديثها بانتظام حتى أن الولايات المتحدة مارستها عملياً مرة واحدة على أراضيها".
أسباب التناقض
يمكن القول إن تناقض المواقف أو الرسائل الإيرانية، ناجم عن توزيع الأدوار داخل النظام، ولكن لیس علی غرار المعتاد، حيث أن السياسي يأخذ على عاتقه توجيه التهديد العسكري النووي، ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة ينتهج لغة سلمية دبلوماسية لتطمين المجتمع الدولي بعدم انجرار إيران نحو المشروع العسكري، وممثل المرشد في صحيفة "كيهان" يهدد باغتيال ترامب. وهكذا تريد إيران أن تقول للطرف الآخر إن جميع الخيارات بما فيها الخيار المستحيل، وهو اغتيال الرئيس الأميركي على الطاولة. كما يمكن القول إن تصريحات بترايوس أيضاً تندرج في سياق المراسلة المباشرة بين البلدين قبل بدء التفاوض غير المباشر بينهما.