نَزَلَ "حذاء ميشال المر" في سوق الأدبيات الإعلامية اللبنانية، كأحدث "موديل" ينافس ما سبقه، من حذاء غازي كنعان، إلى "صبّاط السيد"، و"صرامي" الخصوم.. حذاء له موقعه المميز في القعر الأخلاقي والإنساني، كونه من خارج التشكيلة السياسية. يتفوق على ما سبقه بمدلولاته، ويدّعي الـ"كواليتي"، وينسب لنفسه الإنجازات.
View this post on Instagram
A post shared by Dr. Ramzi Abou-Ismail (@the.political.psychologist)
والاحتفاء بهذا الحذاء، الذي شاهده مئات الآلاف في مواقع التواصل، بعد إطلاقه في السوق عبر الحلقة الأخيرة من برنامج "صار الوقت"، لا يدع مجالاً للشك بأن تقريع الأحذية السابقة، لم يكن إلا نتيجة عجز عن التنافس على الموقع. كان طموحاً مؤجلاً للوصول الى مركز مرموق في أبرز المواقع الوضيعة.
لكنه، باعتباره الموديل الأحدث، يكتسب بريقه من الشاشة، تلك التي تتفوق قوةً على المنبر، وتمتلك حصة الأسد من الشهرة والإعلان، مثلها مثل صناعة مشاريع وأجندات سياسية والترويج لها، ومثل صناعة الأضاليل التي تحتاج الى "بهرجة" و"صورة جميلة"، كي تمتلك قدرتها على الإقناع والتصديق.
والحذاء الجديد، المُعلن عنه يوم الخميس الماضي، يتفوق على منافسيه بالدور. فحذاء غازي كنعان، كان وجهة للإسترحام. تقول الروايات المتناقلة إن بعض المسؤولين اللبنانيين، كانوا يقبّلون حذاءه (بالمعنى الرمزي) طلباً للعفو! أما "صباط السيد"، بالنسبة لجمهوره، فكان معياراً للانتماء. بينما "حذاء ميشال المر"، بالنسبة للمطبّلين له، فهو معيار "الإنجاز"! وتتقاسم الأحذية الثلاثة، على امتداد الفوارق الزمنية، إدعاء النفوذ.. وهي لا تجتمع مع بعضها البعض في حقبة زمنية واحدة. يغيب حذاء، ليحلّ محله حذاء آخر!
وبمعزل عن التنافس على الوضاعة، وحب تكوين الأدوار في القعر، وادعاء الفوقية، فإن السؤال اليوم عن ميشال المر نفسه، (وليس حذاءه كما ادعى شاب من كومبارس برنامج "صار الوقت"): أي إنجاز حققه؟ إيصال نواب كتلة التغيير الى الندوة البرلمانية؟! يا للهول! كيف؟ فلنعُد بالذاكرة:
يوم فاز نواب كتلة التغيير بالانتخابات، استضافهم "صار الوقت" واحتفى بهم في الاستديو. كانت تلك الإشارة محاولة لمصادرة الإنجاز، في لحظة تغيير كان ينتظرها اللبنانيون. تبنّت "أم تي في" هذا الإنجاز، وسوقت له، قبل أن تنتهي مفاعيله بحملاتها ضدهم، بعدما تعارضت طروحاتهم مع طروحات المحطة.
والتغيير الذي دعمته المحطة، كان مقتصراً على مواجهة سيستم يمتلك فيه "حزب الله" نفوذاً كبيراً، ويتقاسمه مع "التيار الوطني الحر"، خصم المحطة. تقاطعت المحطة مع نواب التغيير في هذا الجانب، واستفادت من امتدادهم الشعبي الذي أدى الى خسارة المصرفي مروان خير الدين في الانتخابات وفوز فراس حمدان.. وخسارة أسعد حردان، وفوز الياس جرادة.. وخسارة طلال أرسلان وفوز مارك ضو.. وخسارة ايلي الفرزلي، وفوز ياسين ياسين... الى حين بلوغ الكتلة عدد الـ13 نائباً. لكن الدعم لم يتخذ عناوين متصلة بمقاربات الإصلاح المالي. وتالياً فإن "ام تي في" تبنت الظرف، وروّجت له، لكنها لم تصنعه. لأن مساحة الاختلاف في المقاربات المالية، أعمق من أن تتبناها، وي التي لطالما ارتبطت بـ"حزب المصارف".
هل فشلت المحطة في تدجينهم؟ لم يثبت أي من نواب التغيير محاولة تدجين..
هل فشلت في تغيير مواقفهم بما ينسجم معها، خصوصاً في الملف المصرفي؟ يبدو الأمر صحيحاً، بدليل الحملات التي شُنّت ضدهم أخيراً، وصولاً الى اعتبار أن "حذاء ميشال المر" أوصلهم الى مواقعهم.
تلك المزاعم، والأدوار التي يحلم بها المتزلّفون لميشال المر وغيره، تُقرأ في الشكل بأنها جزء من أدبيات الاستبداد، لكنها في الواقع، جزء من أحلام النفوذ وادعاءاته. الإعلام نفوذ، بالتأكيد، لكنه ليس محسوساً، ويتعرض من يتوهمه للانتكاسات.. ذلك مسار التاريخ.