يتداخل في قرار الإدارة الأميركية بتغيير وضع البعثة الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة، عدد من المسوغات القانونية، إلا أن المؤكد هو أن الولايات المتحدة لا تعترف بالإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
لكن السؤال الأبرز المثير للقلق، هو هل الإجراء سياسي موجه ضد حكومة الشرع؟ أم هو تأكيد أميركي بانتهاء اعترافها بحكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد، وبطبيعة الحال البعثة التي لاتزال موجودة منذ حقبة وجوده؟وفي وقت متأخر من مساء الخميس الماضي، أبلغت واشنطن البعثة الدبلوماسية السورية في نيويورك، بتغيير ضعها القانوني من بعثة دائمة لدولة عضو لدى الأمم المتحدة إلى بعثة لحكومة غير معترف بها من قبل الولايات المتحدة. ونصّت المذكرة على إلغاء التأشيرات الممنوحة لأعضاء البعثة من فئة "ج-1"، المخصصة للدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة والمعترف بحكوماتهم في البلد المضيف، إلى فئة "ج-3" التي تُمنح للمواطنين الأجانب المؤهّلين أممياً للحصول على سمة، من دون أن تكون الولايات المتحدة معترفة بحكوماتهم.لا اعتراف بحكومة الشرعوتعليقاً على القرار الأميركي، أكد السياسي السوري المقيم في واشنطن محمد علاء غانم، أن التأشيرات التي ستُمنح للدبلوماسيين السوريين، قد تتغيّر بالفعل من الآن فصاعداً، موضحاً أن السبب هو عدم اعتراف الحكومة الأميركية بالإدارة السورية الجديدة، وما زالت تسمّيها في مراسلاتها الداخلية بـ"السلطات التابعة لهيئة تحرير الشام".ولفت غانم إلى أنه منذ سقوط نظام الأسد، وحتى اليوم، لم تعترف الحكومة الأميركية بأي حكومة سورية جديدة، ولذلك تم إخطار الدبلوماسيين رسمياً بأن عليهم التقدم للحصول على نوع مختلف من التأشيرات، لضمان استمرار وجودهم القانوني.هل يطرد الدبلوماسيون؟وحول ما إذ كان القرار يعني أن واشنطن ستطرد الدبلوماسيين، أكد غانم أن الولايات لن تطلب منهم المغادرة، كما لا يعني القرار فرض أي قيود جديدة على حركتهم في نيويورك علاوة على القيود المفروضة سابقاً.ولفت إلى أن القرار "هو إجراء قانوني تماشياً مع اللوائح الناظمة لإصدار التأشيرات وليس عقاباً على أي شيء"، كما أنه "غير مرتبط بأي حدث سياسي جرى مؤخراً"، موضحاً أنه حتى يتحقق الاعتراف الأميركي بالإدارة السورية الجديدة، سيعود الدبلوماسيون للحصول على تأشيرات "ج-1".إجراء ضد وفد الأسد؟من جهته، أكد الدبلوماسي المنشق عن نظام الأسد جهاد مقدسي، أن الإجراء الأميركي موجه ضد أفراد الوفد السابق المعتمدين منذ حقبة نظام الأسد وحكومته، وبالتالي هو موجه ضد الأخير الذي سقط قانونياً، وليس موجه ضد الإدارة الجديدة.وقال في تغريدة على منصة "إكس"، إن هناك إيجابية في القرار الأميركي، هي "اعتراف الولايات المتحدة بسقوط النظام السابق نهائياً عبر القيام بتغيير الحالة السياسية والقنصلية لوفده".وأوضح مقدسي أن تعديل نوعية إقامات الدبلوماسيين أمر ضروري قانونياً، لأنهم فاقدو التمثيل من باب الاعتماد الدبلوماسي وبالتالي يجب وضعهم بتصنيف قنصلي مختلف وفقاً لقوانين دائرة الهجرة الأميركية.استعصاء دبلوماسي؟وأكد مقدسي أن كل البعثات الدبلوماسية اعترفت بالإدارة السورية الجديدة، ولا يوجد أي حالة استعصاء دبلوماسي، وبالتالي لا يوجد مشكلة تمثيل دبلوماسي للحكومة السورية الجديدة، إنما هناك مشكلة ضرورة تبديل طواقم أو بعض الأفراد.وفيما يتعلق بالاعتراف بالإدارة السورية، قال مقدسي إن لا مشكلة بالاعتراف، لكن هناك دولاً لها توقعات سياسية يمكن أن تؤثر على سرعة تطور العلاقة معها، بينما أشار إلى عدم وجود بوادر نزاع على السلطة في سوريا، وبالتالي لا يوجد مشكلة بالشرعية، لكنه أشار إلى وجود اتفاقات سياسية إطارية داخلية (ناشئة) مع معظم المكونات السورية التي لها مطالب محقة "ونأمل استكمالها"وقال مقدسي: "هذا لا يعني أبداً أن الطريق معبد بالورود أمام السلطة السورية الجديدة، لديهم تحديات هائلة داخلياً وخارجياً ليس مكانها موضوع الإقامات. هناك تعقيدات ومشاكل دولية ورثها العهد الجديد، ويتعامل معها بواقعية رغم البيروقراطية الثقيلة، ورغم محاولات زج طلبات سياسية اضافية غير منطقية ببعض الحالات".