2025- 04 - 07   |   بحث في الموقع  
logo في الخيام.. من استهدفت إسرائيل مساء اليوم؟ logo سوريا: انخفاض متسارع لليرة.. وتعيين حاكم جديد للمركزي logo طائرات “نحشون” الإسرائيلية تحلق قبالة سواحل لبنان وسوريا.. هذا ما تنفذه بقدراتها logo أورتاغوس: لحقبة جديدة تشمل نزع السلاح سريعاً وتطبيق الاصلاحات logo بين فك الداخل والمؤامرات الأمريكية هل سيسلّم الشيعة سلاحهم؟..(جواد سلهب) logo قمة مصرية فرنسية أردنية: وقف النار ورفض تهجير غزة logo دمشق: تعديل بعثة نيويورك إجراء تقني لا سياسي logo القصيفي عرض مع هيكل مهمات الجيش في تنفيذ قرار وقف النار
المصارحة والمصالحة: ترنّح التسوية اللبنانية
2025-04-07 00:27:21


اللبنانيون في شقاق، ويوميّاتهم يوميّات اختصام، وحوارهم تراشق بزمنيّاتٍ لا ينقضي زمنها، وبوسائل شرحٍ وتفصيل وتعليل، لا تفضي إلاّ إلى مراكمة التعمية على الأصول، وإلى الإطالة في وصفِ وتزييف الفروع، لذلك تكون الحصيلة الدائمة هروباً من الوقوف على أمور الاختلاف، وقفة مصارحة، أي وقفة إظهار ما في النفوس من ضغائن الأفكار والافتراضات، ليكون متاحاً الدخول إلى بيت مصالحة ما، تنقل الوعي الفردي الماضي، إلى نمطٍ من الوعي الجمعي المستقبلي المشترك.
عناوين المصارحة ليست مجهولة، لكن تناولها من قِبَلِ أطراف الشقاق الداخلي، لا يزال موسوماً بالإضمار، وبالتقيّة وبالتحايل، وبأعمال المناورة. سلوك الالتفاف، تعبيراً وممارسةً، باتَ مألوفاً ومعروفاً، وبات معلوماً من قبل الأطراف، أي صار تكاذُباً مكشوفاً يدركه السامع والرائي، لذلك تهتز الصورة الإعلامية والممارسة السلوكية، لدى كل حَدَثٍ سياسيّ خطير، لتعود كل الكتابات المستعارة، إلى قواميس لغاتها الأصلية.
في الراهن من الوضع اللبناني القَلِق، يشكّل الوضوح في طرح المواضيع، وفي نقاشها، مسؤوليّة وطنيّة عامة، تفترض مقارعة الكلام السائد الصادر عن طوائف ومذاهب النزاع الداخلي، مثلما تقتضي وَعي اللحظة الخطيرة الحالية، وعياً يحيط بكل جوانبها، المحلية والخارجية، وتقديم الحقيقة اللبنانية المرَّة، كما هي، من دون مواربة في التسمية، ومن دون مبالغة في التشخيص، ومن دون مغامرة نظريّة غير واقعية، عند تقديم خلاصات النتائج السياسية، والاقتراحات العملية.
يظل الداخلي نقطة البداية، وتأسيساً عليه يُقرأُ الخارجي الدولي والإقليمي، ومن حصيلة المعاينتين، تكون خلاصة المجدي لبنانياً، والواقعي الذي تُمليه حقيقة التوازنات الطائفية.ما المحلّي الآنفي امتداد حرب الإسناد التي خاضتها المقاومة الإسلامية اللبنانية، وكنقطة وقفٍ لمعاركها منذ شهور، استمرّت إسرائيل في عدوانها على لبنان، مستعيدة مبادرة الهجوم الاستنسابي، ومنسحبة عملياً، من البنود التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار.
ماذا في جعبة الحربيّة الإسرائيلية؟ الجواب الأقرب إلى الحقيقة، هو أن الآلة العدوانية افتتحت حرب استباحة الجغرافيا اللبنانية، من ضمن سياسة حربية عامة تهدف إلى تدمير مقومات سكينة جوارها، هذا لأن السكينة ليست مطلوبة الآن من قبل المستوى الإسرائيلي السياسي الذي يريد أن يستثمر الفرصة الدولية الراعية حتى مداها الأقصى. عليه، نقرأ في الخطاب العدواني الإسرائيلي هدف عدم تمكين لبنان من معالجة مسألة حزب الله، حسب ما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار، لأن بقاء السلاح يشكل ذريعة مناسبة لمتابعة حرب "الدفاع عن النفس"، التي يطمئن إليها المزاج الداخلي الإسرائيلي، ويتبناها الراعي الأميركي، الذي جعل التجروء على ذكر "الفلسطينية" عملاً إرهابياً يجب التصدي له حتى إخماد أنفاس كل أبناء مجتمعه.
لقد بات جليّاً أن منع انتشار الجيش اللبناني، حتى الحدود الدولية، هو الهدف الأهمّ لدى المخطط الإسرائيلي. منع انتشار الجيش يعادل منع استعادة الدولة اللبنانية لقرارها، ومنع التأسيس الرسمي لاستقرارها، لذلك نكرر القول إن الإسرائيلي يريد لبنان، من أقصاه إلى أقصاه، ميدان رَمْي مفتوح.
أين يقف الأميركي من سلوك الإسرائيلي؟ هذه مناسبة لتكرار القول إن الأميركي هو صاحب الخطة الاستحواذية الحالية، وإن الدور الإسرائيلي مقرَّرٌ وملحوظ ومضبوط داخل هذه الخطة، لأن نجاح بنود هذه الأخيرة، يحفظ المصالح الأميركية الشاملة، ويحفظ الحصة الإسرائيلية من ضمنها.
إذن، وبناءً على فهم الخطة الحالية، أمامنا لوحة تنبئ، موضوعياً، بعدم رغبة إسرائيل بنزع سلاح حزب الله الآن!! لماذا؟ لأنها لمّا تبلغ القصد الأخير من عدوانها، هذا الذي نظنّ به شرّاً، ونتخيّل له سيناريو بعث الفتنة بين اللبنانيين، بحيث يتولى هؤلاء استباحة اجتماعهم، وإسقاط مواثيقهم، وإفشال "كينونتهم" الموروثة، أي بحيث يقوم اللبناني مقام الإسرائيلي، في نقل فعل الاستباحة من يد سلاح العدوان إلى يد سلاح الفتنة الأهلية الداخلية.كلام المنازعة الداخليةخطورة الظرف المحيط بالوضع اللبناني، لم تستنفر حِسَّ استشعار، مسؤول وطنيّاً، لما تنطوي عليه هذه الخطورة من تداعيات. ما جرى كان ملاقاة الظرف الخطير الخارجي، بكلامٍ خطير داخلي أدلى به مَنْ اختصر المقاومة بتنظيمه، تسانده نسبة عالية من بيئته. المعني بذلك حزب الله وحركة أمل، في المقامين الأول والثاني، والطائفة الشيعية في المقام الأخير. قوبل خطاب "المقاومة" بخطاب من يتسابقون سيادةً ودولتية وحريّة وثقافة حياة، وهنا المعني أيضاً، حزب القوات اللبنانية وسائر الفروع السيادية، في الأمام وفي الخلف، وما بينهما، ونسبة عالية من الطوائف المسيحية.
حصيلة التراشق بصوت المقاومة العالي، وبصوت السيادية الدولتية المرتفع، ضخَّ عوامل إضافية في النزاع الأصلي الذي تجدّد منذ اتفاق الطائف، وهذه المرّة في سياق سياسي صعب، يكاد يطبق على الجمهورية وعلى أبنائها.نفي منطق كل خطابلا تسعى المقاربة هنا إلى سردٍ تاريخي تشرح عناصر نفي ما يدّعيه الخطاب لذاته، لدى كل من أهل المقاومة وأهل السيادة، ذلك أن المقصود هو التركيز على الخطر المحيق بلبنان اليوم، رَبْطاً بالاستفادة من تاريخ لبناني نزاعي ماضٍ، وبمستقبل لبناني آتٍ، يتوقف سلامه وأمنه وازدهاره، على خيارات اللبنانيين السياسية، وعلى عقلانية إدارتهم لهذه الخيارات.
تقديم خطر العدوان الإسرائيلي المستمرّ، على كل خطر، هو العنوان الأوّل لإعادة النظر في أحوال اللبنانيين، وفي أحوال سياسة دولتهم، بما لها من ممكنات، وبما يضاف إليها من إمكانات.
إعادة النظر، من خارج أصحاب الخطاب، تتطلب رفض ما يذهب إليه حزب الله من كلامٍ يومي فقد مقوّماته. يتضمن الرفض استبعاد مفردات "الجهوزية... التعافي... الخيارات المفتوحة، مطالبة الدولة بالقيام بواجباتها... إعطاء الحكومة فرصة..."، هذا قولٌ مُرَحّبٌ به إسرائيلياً، لأنه يظلّ ذريعة معلنة للعدو، للاستمرار في سياسة استباحته، وفي الإيغال في خطة منع الاستقرار اللبناني، الذي بات الشرط الأساسي لإعادة تشكّل البنية اللبنانية، شعباً ودولة ومؤسسات...
ما يطلب من حزب الله ومحيطه، يطلب أيضاً من حزب القوات اللبنانية ومحيطه، وفي سياق الرفض هناك، رفض آخر هنا "لمنطق" السيادية التي تضج بالشعارية التعبوية، من قبيل "نزع سلاح حزب الله... لا يشبهوننا... دعوة الجيش لنزع السلاح بالقوة... غض النظر عن أصل الفعل الإسرائيلي، وتحويل "المقاومة" إلى سبب لاستمرار العدوان.
نفي الخطابين من كتاب السياسة اليومية اللبنانية، فعل تأسيسي ضروري لخطاب آخر، يتقدم من اللبنانيين بما تستبطنه مصالحهم، وليس بما تضمره غرائزهم، لذلك سيكون من واجب هكذا خطاب أن يكون خطاب مصارحة، وضوحه شامل، ومقصده بَيِّن، وسياقه محدّد ومعلوم... هكذا خطاب جدير بأن يكون مدخلاً إلى المصالحة الواعية المتوازنة، التي لا تكرّر خطيئة الاستعانة بالخارج والاستقواء به، على ما تعوّدت الطوائف "الكريمة"، تاريخياً، ولا تكرّر سدّ آفاق التسوية الإصلاحية الداخلية، على ما سبق وفعله "النظام الطائفي الديمقراطي" سنة 1975. هي مصالحة مقاومة اللبنانيين لكل ما يهدّد وجودهم الحرّ، أو يعرقل قيام دولتهم المستقرّة.
من هنا إلى أين؟ إلى صياغة خطة شاملة، يتصدرها تمكين الدولة من الانتشار بجيشها، وإزالة الاحتلال من أرضها، ومن إعادة الإعمار لاستعادة أهلها. يقود هذه خطة، طلب السلام وليس الاستسلام، وتقودها غاية التطبيع مع العيش السويّ المستقر، وليس التطبيع مع العدو، أما مآل الخطة الأخير، فهو الوصول إلى غاية الوطنية اللبنانية العامة: العيش في وطن حر مستقل مزدهر ينعم بالسّلام والأمان.
نسأل عن السياق، الذي يحتضن هكذا خطة؟ لا بديل في هذا المجال من السياق العربي العام، ومن الانضمام إلى سياساته وإلى محصلته.
إلى "الحضن العربي" يضاف من الدوليين، من ما لا يزال ينظر إلى لبنان بصفته بلد رسالة، وليس شاطئ إنزال استعماري، أو شاطئ "ريفييرا" معروضاً في سوق البيع والشراء، أو ثكنة صواريخ، تصيب أول ما تصيب، معادلة بقاء لبنان وطناً بين الأوطان.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top