2025- 04 - 10   |   بحث في الموقع  
logo نقابة أطباء الأسنان في طرابلس والشمال تفتتح موسمها العلمي 2025 في غرفة طرابلس الكبرى logo ثنائية ميسي تقود إنتر ميامي لنصف نهائي أبطال “كونكاكاف” logo رجي يلتقي بخاري logo رسامني : خطة لتعزيز الرقابة في مرفأ بيروت قيد التنفيذ logo بخاري من دارالفتوى: قوة لبنان في وحدته الوطنية وتعاونه مع أشقائه العرب logo أمطارٌ وثلوجٌ اليوم… متى ينحسر المنخفض الجويّ عن لبنان؟ logo ملتقى التأثير المدني: خمسون سنة على حرب لبنان… هل نتَّعِظ؟ logo فضل الله ينفي تهريب السلاح عبر مرفأ بيروت: لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق مروجي هذه الأكاذيب
مقعد عربي في غرفة الخرائط
2025-04-07 00:27:18


واحد من قوانين الحياة أن لا شيء بلا مقابل، هناك دائماً ثمناً ندفعه، أو ينبغي أن ندفعه مقابلاً لما نريد، أو لا نريد وقوعه.
مجانية الحضور والتأثير لا وجود له في العلاقات الدولية، الا في خيال من لا يحسنون الحساب، ولا يمتلكون الرؤية، وفي الغالب فإن من يتوهمون القدرة على الحصول مجاناً على ما يريدون، يسددون فواتير باهظة قد تنال من صميم فرصهم في مجرد البقاء.
قاعدة أن لا شيء بلا ثمن، يعرفها كل الكبار في العالم، وفي الإقليم، فهم لم يصبحوا كباراً إلا بفضل استيعابهم لتلك القاعدة، وهم قد أتقنوا عبر تاريخ ممتد، فنون تأهيل المعادلات الدولية والإقليمية، لترجح كفتهم عند حساب الأرباح والخسائر.
في حرب غزة، وسقوط نظام الأسد في سوريا، اقترب الشرق الاوسط من طور الحسم لطبيعة النظام الإقليمي فيه، هل يكون نظاماً إقليمياً متعدد الأقطاب؟! أم نظام إقليمي أحادي القطب، تتربع فيه إسرائيل وحدها -بقوة الأمر الواقع وبنتائج حرب غزة وتوابعها الاقليمية المتواصلة- فوق مقعد الصدارة؟!
في المشهد الشرق أوسطي حتى الآن، لا يزال التنافس الإقليمي على الصدارة قائماً بين خمس قوى اقليمية، هي تركيا وإيران واسرائيل ومصر والسعودية، وتجري التصفيات والتسويات بطريقة خروج المغلوب، من التاريخ غالباً، ومن الجغرافيا أحياناً، أبرز المغلوبين في منطقة الشرق الاوسط في اللحظة الراهنة ربما يكون إيران التي تحشد الولايات المتحدة قواتها البحرية والجوية لحملها إما على الاستسلام بلا حرب وإما على الهزيمة بحرب.
تتراجع حظوظ إيران التي كانت تبدو أكبر بحضور عسكري مباشر في سوريا، وغير مباشر في العراق، واليمن، ولبنان، وغزة، بشكل خاص بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ تمكنت إسرائيل منذ اليوم التالي، عبر عمليات استخباراتية، وهجمات انتقائية، من قطع أذرع إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وها هي تتأهب لضرب إيران ذاتها وإخراجها من كافة معادلات الإقليم، مستعينة باندفاع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإحكام قبضته على الشرق الاوسط بأكمله، كمدخل ضروري لانفراد الولايات المتحدة بزعامة نظام دولي جديد تكون واشنطن وحدها صاحبة القول الفصل فيه.
القوة الإقليمية الأكثر حضوراً في المشهد الشرق أوسطي الراهن، هي إسرائيل، المستفيد الأكبر من رؤية دونالد ترامب للمنطقة والعالم، والتي تسعى بجسارة إلى حرمان تركيا من أي حضور مؤثر على الأرض في سوريا.
وبينما تستكمل واشنطن حشد قواتها في المنطقة، بهدف الضغط على إيران لتفكيك برنامجها النووي، أو لتدميره بالقوة، يترقب الإقليم نتائج الحرب الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، والتي تقوم إدارة ترامب بتسويقها باعتبارها حرب تحرير الملاحة في البحر الأحمر من التهديدات الحوثية-الإيرانية، ولا يبدو حتى الآن أن القصف الأميركي لمواقع الحوثيين في اليمن يمكنه أن يكون كافياً لإحراز نصر نهائي، دون شن حرب برية تتجنبها واشنطن طول الوقت وتعرف أن الانتصار فيها قد لا يكون ممكناً.
من بين القوى الإقليمية الخمس (تركيا وإيران واسرائيل ومصر والسعودية)، تنحاز واشنطن بوضوح إلى جانب اسرائيل وتدعم مشاريعها في الإقليم بشكل شبه مطلق، وتعتبر واشنطن أن إلحاق هزيمة كاملة بالمشروع الإيراني يعزز فرص الولايات المتحدة في الانفراد بزعامة النظام الدولي برمته لمئة عام أخرى.
في اللحظة الراهنة، تنسحب إيران من سوريا التي تتقدم إسرائيل داخلها، وتقوم بدكّ قواعد عسكرية وجوية فيها، بقصد حرمان تركيا من السيطرة عليها، فيما تتجنب أنقرة أي تصعيد حقيقي ضد إسرائيل في سوريا، ما يعني في نهاية المطاف خرائط جديدة للنفوذ شرقي المتوسط، تهيمن عليها إسرائيل.
تحت وطأة حشد عسكري أميركي هائل في الشرق الأوسط، يضع ترامب طهران أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن تقوم بتفكيك برنامجها النووي طوعاً، وإما ان تقوم الولايات المتحدة بتدميره كرهاً.
تفكيك برنامج طهران النووي أو تدميره، قد يهدئ مخاوف جيران إيران، لكنه سوف يشدد بالضرورة قبضة إسرائيل على الجوار، ويعزز لاحقاً من احتمالات التحرش الإسرائيلي بالجوار العربي سواء في مصر أو في السعودية، فيما تبدي حكومة بنيامين نتنياهو إصراراً عنيداً على مواصلة مخطط التهجير في قطاع غزة، الذي طرحه ترامب ورفضته مصر والسعودية معاً.
التحرش بالسعودية، بدأه نتنياهو بنفسه حين طلب من الرياض أن تستقبل فلسطينيي التهجير القادم، والتحرش بمصر بدأه وزير الدفاع الإسرائيلي بنفسه متحدثا عن ضرورة تفكيك البنية التحتية العسكرية للجيش المصري في سيناء باعتبارها مصدر تهديد لإسرائيل، على حد قوله.
اختلال توازن القوى الاقليمي بفعل تداعيات حرب غزة، يغري إسرائيل بمزيد من التصعيد، سواء ضد إيران مباشرة، أو ضد تركيا في سوريا، أو ضد مصر في سيناء، ولا سبيل لوقف التدهور سوى بلجم إسرائيل، وهي مهمة لا ترغب إدارة ترامب في القيام بها في الوقت الراهن على الأقل.
استعادة توازن القوى في المنطقة، ضروري لوقف التدهور، وهو لن يحدث بالصدفة، أو دون مقابل.
أوروبا المصدومة بمقاربة ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا، أفاقت متأخرة جداً على الحقائق التي أشرنا اليها في مقدمة هذا المقال، من أن لا شيء بلا مقابل، وأن بناء القدرات الذاتية لأوروبا هو الضمان الوحيد لأمنها، وأن عالماً أحادي القطب تنفرد واشنطن بزعامته، لا يمكن ان يكون أكثر أمناً. ولعل زيارة رسمية لمصر يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الساعات المقبلة، تعكس هذا الإدراك الأوروبي المتأخر.
تحت وطأة حرب في الإقليم تحثّ اسرائيل خطاها، لتثبيت مكانتها كقوة قائدة في الشرق الأوسط، ترد مصر بالتحرك لوقف التدهور، وشراء الوقت، توطئة لنزع فتيل حرب تبدو وشيكة.
استحقاقات خرائط النفوذ، وموازين القوة في الإقليم تقترب، مع تحفز اسرائيلي، وتطلع تركي، وتربص إيراني وتردد عربي، لتثبيت المواقع، وتوسيع الخرائط، في غياب رؤية استراتيجية عربية تتبناها الأطراف الفاعلة.
لا بديل عن مقعد للعرب في غرفة خرائط النظام الإقليمي المقبل... فالغياب سوف يعني التخلي عن دور في النظام الإقليمي، لا معنى لوجودنا إن فقدناه.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top