يسود في إسرائيل جو من الارتباك والتخبط على خلفية حرب غزة والبحث عن جواب للسؤال: ماذا عن اليوم التالي، والذي يبدو أنه إلى الآن يتراوح بين احتمالات عدة أحلاها مر، بالنسبة إلى إسرائيل الراغبة بالقضاء على أي مستقبل لـ"حماس" في قطاع غزة.
غضب الجيش
وتترافق هذه التطورات، مع غضب في صفوف الجيش تسببت به تصريحات لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أخيراً، كشف فيها عن جانب من العمليات البرية لقوات الاحتلال في القطاع، إذ قال بشكل واضح: "نحن نسيطر على محور موراغ. سيكون هذا محور فيلادلفيا الثاني، محور فيلادلفيا الإضافي"، مخالفاً بذلك تعليمات الرقابة العسكرية التي عارضت الإعلان.
وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، اليوم الجمعة، أن الرقابة العسكرية رفضت قبل إعلان نتنياهو، نشر تفاصيل العمليات التي ينفذها الجيش في محور "موراغ"، فيما أكد رئيس الأركان إيال زامير أهمية الحفاظ على الغموض العملياتي وعدم الكشف عن تحركات القوات لضمان سلامتها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إنه "يجب عدم تقديم معلومات للعدو، حتى لو كان بإمكانه رؤية ما نقوم به على الأرض". وأضافت أنه "من المتوقّع مناقشة غضب المؤسسة الأمنية والجيش إزاء نتنياهو في المناقشات الداخلية".
وتجدر الإشارة إلى أن محور موراغ، يقع بين مدينتي خانيونس ورفح، ويحمل اسم مستوطنة إسرائيلية كانت مقامة في القطاع قبل انسحاب إسرائيل منه في 2005.
3 بدائل فقط لإنهاء حرب غزة
في غضون ذلك، يوضح مسؤولون في المؤسسة الأمنية أنهم لا يزالون ينتظرون مناقشة واتخاذ قرارات من قبل المستوى السياسي في شأن اليوم التالي في غزة، بحسب الصحيفة. وحتى الآن، لم يقدم المستوى السياسي توجيهاته في هذا الشأن، وهو أمر قد يؤثر سلباً برأيهم على "إنجازات العملية".
وأفاد "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل ابيب، أن أمام إسرائيل 3 بدائل فقط لإنهاء الحرب على غزة، قائلاً إنه لم يعد بإمكان إسرائيل إرجاء البحث في مستقبل قطاع غزة، إذ إن هذه البدائل الثلاثة مطروحة منذ بداية الحرب.
وأضاف المعهد في تقرير، أعدّه مدير المعهد ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق تَمير هايمان، أن البدائل هي: احتلال قطاع غزة كله وإقامة حكم عسكري إسرائيلي فيه، استمرار "الحصار المدني" على غزة وإبقاء حكم "حماس" مستضعف إلى حين انهيارها من الداخل، حكم مدني فلسطيني بديل للحركة، وإبقاء المسؤولية الأمنية بأيدي إسرائيل من أجل تنفيذ عمليات لمنع هجمات فلسطينية ومنع "حماس" من إعادة بناء قوتها.
وحسب التقرير، فإن البديل الأول، وهو احتلال قطاع غزة وإقامة حكم عسكري "معقد جداً لكنه ممكن"، وستكون مراحله باحتلال المنطقة كلها، "وتطهير" المنطقة فوق سطح الأرض وتحته، وإعادة تقسيم القطاع إلى مناطق تحت سيطرة ألوية عسكرية، وتعيين مندوب عن الحكم العسكري في كل مدينة وضاحية ليكون مسؤولاً عن الإدارة المحلية، وأن تهتم دولة الاحتلال بتوفير الاحتياجات المدنية.
وقال إن احتلال القطاع يتطلب تخصيص قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، "وسيكون بالضرورة على حساب القوات في يهودا والسامرة وحدود الشمال. ونتيجة لذلك، سيكون هناك تراجعاً في الشعور بالأمن في هذه المناطق وارتفاعا في عدد العمليات المسلحة"، إلى جانب التكلفة التي تقدر بـ5.3 مليارات شيكل سنويا.
وفي ما يتعلق بالبديل الثاني، وهو فرض حصار على القطاع وحماس مستضعفة ومرتدعة، اعتبر التقرير أن "إسرائيل ستفرض على القطاع الذي تحكمه "حماس" حصاراً جزئياً، ولا يُسمح بإعادة الإعمار وبالحركة التجارية، وستسعى إسرائيل إلى تعميق الخلافات بين السكان وحماس. "وهذه الفكرة لم تكن ممكنة خلال ولاية إدارة بايدن وتبدو أنها ممكن أكثر خلال ولاية إدارة ترامب".
وبحسب التقرير فإن هذا البديل ينطوي على "مشكلة استراتيجية خطيرة"، وهي أن تصوّر حماس هذا البديل على أنه انتصار ودليل على أنها حاربت بنجاح ضد إسرائيل وبالتالي فإن المشكلة المركزية في هذا البديل هي الهزيمة العسكرية الإسرائيلية.
وقال التقرير إن الميزة الكبرى في البديل الثالث، حكم مدني بديل وإبقاء "حماس" تحت السطح، هي اقتصادية، لأنه بوجود حكومة تكنوقراط لن توزع الحركة المساعدات الإنسانية ولن تتعاظم اقتصادياً. وبمرور الوقت ستتراجع مكانتها المدنية. "وبإمكان إسرائيل أن ترى بذلك تحقيقاً لهدف الحرب. ورغم ذلك، ثمة ضعف كبير في بقاء حماس تحت السطح. وسيدعي البعض، وبحق، أنها مسألة وقت وحسب إلى حين يلقي عناصر حماس مندوبي الحكم المدني البديل عن الأسطح، مثلما فعلوا بعناصر السلطة الفلسطينية، في العام 2007. وستستمر حماس في تعزيز قوتها والتهديد القادم منها".
وخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن البدائل الثلاثة إشكالية ولا تحل معضلات إسرائيل في غزة. "فمن الناحية العسكرية، الحكم العسكري هو المفضل، ومن ناحية الأمن القومي، نموذج حكومة تكنوقراط هو المفضل، وفي جميع الأحوال، استمرار حكم حماس هو الإمكانية الأسوأ ويجب الامتناع عنه، ولذلك فإن بديل الحصار على غزة ليس جذاباً".