أعطى إعلان وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار، أول من أمس الأربعاء، بتوقيعه دعوة الهيئات الناخبة في محافظة جبل لبنان للإنتخابات البلدية والإختيارية المرتقبة في مرحلتها الأولى في 4 أيّار المقبل، إنطباعاً أنّ الإنتخابات المحليّة ستحصل، بعد طول تردّد، إلّا إذا حالت تطورات وظروف قاهرة في اللحظات الأخيرة دون إجرائها.

وتأكّد هذا الإنطباع بعدما وجّه الحجّار دعوته، وإنْ كان ترك الباب موارباً أمام احتمال تأجيلها، عندما أشار إلى أنّ “الإنتخابات قائمة في مواعيدها بلا شكّ، بمعزل عمّا يناقش داخل مجلس النواب”، في إشارة منه إلى اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي قدّمه كلّ من النائبين وضّاح الصّادق ومارك ضو، ويلحظ تأجيل الإستحقاق المحلي حتى شهر أيلول المقبل، تمهيداً لإقرار تعديلات معينة على قانون الإنتخابات البلدية.

لكنّ إقرار هكذا قانون يحتاج إلى جلسة عامّة لمجلس النوّاب كخطوة أولى، وهي جلسة لم يحدّد موعداً لها بعد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي يملك مفاتيح هذه الدعوة من عدمها، كما يحتاج القانون ذاته إلى توافق نيابي يؤمّن أكثرية مطلوبة له لإمراره ومن ثم إقراره، وهو توافق ما يزال حتى السّاعة غامضاً.

وجاء موقف برّي أمس بشكل بدا أنّه قطع للطريق على أيّ تأجيل محتمل للإنتخابات المحلية، عندما ردّ على اقتراحات تأجيلها بأنّ “التأجيل غير وارد على الإطلاق، ولا سبب موجباً له أبداً”، ومضيفاً: “نحن مصرّون على إجراء الإنتخابات في كلّ لبنان، وخصوصاً لبلديات المناطق الجنوبية التي دمّرها العدوان الإسرائيلي، فإنْ أمكن وضع أقلام الإقتراع فيها فليكن، وإذا ما تعذّر ذلك فسنضع أقلام الإقتراع في أماكن اخرى، حتى في بناية في بلدة قريبة، أو في شقة أو غرفة”، وخاتماً: “سننتخب حتى ولو كان على التراب”.

موقف برّي ومن قبله موقفا رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام حيث أكّدا إصرارهما على إجراء الإنتخابات في مواعيدها حتى لا يكون تأجيلها إنتكاسة للعهد في مستهل إنطلاقته، كان سبقه ورافقه إعلان أكثرية القوى والأحزاب السّياسية تأييدها إجراء الإستحقاق في موعده، حفاظاً منهم على ما أسموه الإلتزام بالمواعيد الدستورية بعد تأجيل الإنتخابات 3 مرّات متتالية منذ العام 2022.

تطوّر الأمور على هذا النحو دفع القوى والأحزاب السّياسية إلى تزييت ماكيناتها الإنتخابية، خصوصاً في البلديات الكبرى، والعائلات إلى عقد إجتماعات لها للخروج بأسماء مرشحيها في انتخابات كانت وما زالت العائلات الناخب الأساسي فيها، كما إعلان كثيرين ترشّحهم للإنتخابات البلدية والإختيارية.

هل يعني ذلك أن الإنتخابات المحليّة ستجري في مواعيدها ولن تتأجل؟ الأمر مرتبط بأمرين: الأول أن تؤدي الخشية من أن تسفر الإنتخابات في بلدية بيروت عن سقوط كلّ المرشّحين المسيحيين أو أغلبهم ما سيؤدّي إلى كسر عُرف المناصفة فيها بين المسلمين والمسيحيين، وهي خشية تزداد كلّ يوم مع اقتراب موعد الإنتخابات، إلى بروز دعوات واسعة خصوصاً بين المسيحيين لتأجيلها خشية أن تسفر نتائج إنتخابات بيروت عن أزمة سياسية.

أمّا الأمر الثاني فهو تدهور الوضع الأمني على شكل إعتداء إسرائيلي مثلاً، ما سيحول دون إجراء الإنتخابات في مواعيدها، ويجعل إجراءها متعذّراً.