تشكّل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نحو 180 دولة في العالم "انجرافاً للاقتصاد الأميركي والعالمي نحو أداء أسوأ ومزيد من عدم اليقين، وربما نحو ما يمكن تسميته ركوداً عالمياً" هذا باختصار رأي خبير الاقتصاد الكلي في كلية إنسياد لإدارة الأعمال في فرنسا أنطونيو فاتاس في قرار ترامب بشأن الرسوم الجمركية. وبحسب فاتاس الذي عمل كمستشار لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي "نحن ننتقل إلى عالم أسوأ للجميع لأنه أقل كفاءة".
ويرى العديد من الخبراء الدوليين أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة ستؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي الذي تعافى بالكاد من ارتفاع التضخم بعد جائحة كورونا، ولا يزال مثقلاً بالديون القياسية ومرتبكاً بسبب الصراعات الجيوسياسية.
ويتوقع الخبراء أن تحمل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب خطر تدمير النظام التجاري الحر العالمي الذي قادته الولايات المتحدة نفسها منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي الأشهر القادمة، ستسود الآثار البسيطة والواضحة لرفع الأسعار -وبالتالي تقليل الطلب- نتيجة للرسوم الجديدة المفروضة على آلاف السلع التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المستهلكين والشركات عبر العالم، بحسب رويترز.
وفقًا للرسوم العالمية الجديدة التي فرضها ترامب، قفز معدل الرسوم الجمركية الأميركي على جميع الواردات إلى 22 في المئة -وهو معدل لم يسجل منذ العام 1910- بعد أن كان 2.5 في المئة فقط في العام 2024، وفقاً لما قاله رئيس قسم البحث الاقتصادي في وكالة فيتش للتصنيفات أولوا سونولا.
وإذ يرى سونولا قرار فرض الرسوم "نقطة تحول للاقتصاد العالمي مرجّحاً أن تنتهي العديد من الدول إلى حالة ركود"، تتوقّع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا أن يكون التأثير على الاقتصادات الوطنية كبيراً، نظراً لمعدل الرسوم الجمركية التي تتراوح من 10 في المئة لبريطانيا إلى 49 في المئة لكمبوديا.
وأضافت غورغيفا أن الصندوق يتوقع قريباً إجراء "تصحيح" طفيف لتوقعاته لعام 2025 بشأن النمو العالمي البالغ 3.3 في المئة.حرباً تجارية مقبلةوإذا كانت نتيجة الرسوم اندلاع حرب تجارية أوسع، فإن ذلك سيؤدي إلى عواقب أكبر على المنتجين مثل الصين، التي ستجد نفسها مضطرة للبحث عن أسواق جديدة في ظل تراجع الطلب الاستهلاكي في جميع أنحاء العالم.
وفي حال دفعت الرسوم الجمركية فإن الولايات المتحدة نفسها نحو الركود، لأن ذلك سيؤثر بشكل كبير على الدول النامية التي ترتبط ثرواتها ارتباطًا وثيقًا بأكبر اقتصاد في العالم.
ومن المتوقع أيضا أن يؤدي قرار فرض الرسوم إلى تفكك سلاسل الإمداد التي كانت لسنوات طويلة تساهم في كبح الأسعار للمستهلكين إلى عالم تسيطر فيه معدلات التضخم على نحو "أعلى" من 2 في المئة، وهو الهدف الذي يتفق عليه حالياً صانعو السياسات في البنوك المركزية باعتباره هدفاً يمكن التحكم فيه.
كما سيتسبب ذلك في تعقيد القرارات لبنك اليابان، الذي قد يواجه ضغوطاً لمكافحة التضخم المرتفع بمزيد من رفع معدلات الفائدة، بينما تتجه نظيراتها الكبرى نحو خفضها، وفي الوقت نفسه، تأخذ اقتصادها المعتمد على الصادرات ضربة من الرسوم الأميركية.
مع الإشارة إلى أن صادرات السيارات من اليابان فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 24 في المئة وكوريا الجنوبية فُرضت عليها رسوم بنسبة 25 في المئة وقد أعلنت عن خطط لاتخاذ تدابير طارئة لدعم الشركات التي تضررت من الرسوم الأميركية المرتفعة.